يرى مراقبون أن توجس البحرين من إيران على الضفة الأخرى من الخليج كان وراء قرار العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة دعوة قوات خليجية.


لندن: يعيد المراقبون إلى الإذهان دعوة الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليقة في عام 2009 الى وقف البرنامج النووي الإيراني وتأكيده لقائد القوات الاميركية في المنطقة الوسطى الجنرال ديفيد بترايوس ان خطر السماح للبرنامج النووي الإيراني بالاستمرار اكبر من خطر وقفه، كما كشفت وثائق مسربة على موقع ويكيليكس.

ولاحظ المحرر الدبلوماسي لصحيفة الديلي تلغراف برافين سوامي أن احتجاجات البحرين متواضعة بالمقارنة مع الاحتجاجات التي تجتاح الشرق الأوسط. إذ لم تقع اعمال عنف كما في ليبيا وليست هناك تعبئة جماهيرية تهدد النظام كما حدث في مصر.

وكان سبعة محتجين قُتلوا بنيران الشرطة في شباط فبراير ولكن غالبية الخبراء يتفقون على ان العنف كان ناجما عن لجوء السلطات الى استخدام القوة وليس عن احتجاجات ضخمة لا يمكن السيطرة عليها. بيد ان البحرين تنظر الى الاحتجاجات من زاوية علاقتها مع جارها القوي عسكريا، الذي تخشى ان يوظف الهوية الطائفية لغالبية سكان المملكة من اجل اطاحتها.

ويرى المحلل سوامي ان القضية المركزية تتمثل في ان حكام البحرين سنة ينحدرون من قبيلة بني عتبة التي بسطت سيطرتها على الجزيرة في عام 1783. ولكن اربعة من بين كل خمسة بحرينيين يحكمهم بنو عتبة هم من الشيعة الذين تربطهم بإيران اواصر المذهب والسياسة.

ولكن الحركة الديمقراطية في البحرين ليست شيعية حصرا، كما تؤكد قيادتها. الطائفتان لم تواجها مشاكل كبيرة في التعايش بينهما بل تشتركان في هموم واحدة تمتد من البطالة الى السكن.

ولكن لدى الشيعة قضية خاصة بهم مع النظام الملكي. فهم رغم نسبتهم البالغة اربعة اخماس السكان لا يشكلون إلا 60 في المئة من افراد الجيش، وهو وضع سببه الخوف من تسلل التطرف الى الطائفة بتأثير الثورة الاسلامية في إيران عام 1979.

كما ان تمثيل شيعة البحرين ناقص في جهاز الدولة الاداري الذي يديره بصورة متزايدة سلفيون طهرانيون معادون للأغلبية البحرينية من منطلقات لاهوتية.

ولعل أشد ما يثير الاستياء ان النظام الملكي منح الجنسية، كما يُعتقد، الى نحو 100 الف سني من اليمن وسوريا والاردن وباكستان، وهؤلاء يشكلون العمود الفقري للأجهزة الأمنية. ويحصل السنة الأجانب على مسكن حكومي بعد خمس سنوات من الخدمة العسكرية ولكن الشيعة يقولون ان عليهم الانتظار 15 أو حتى 20 عاما.

زد على ذلك ان مشاكل الشيعة كثيرا ما تنعكس على الساحة السياسية. وفي عام 2009 انسحب نواب جمعية الوفاق الشيعية من البرلمان بعد وقوف النظام الملكي الى جانب الحملة السعودية ضد الزيديين، وهم قبيلة شيعية امتدت تداعيات معركتها ضد الحكومة اليمنية عبر الحدود الى السعودية. ورغم ما يضمره عاهل البحرين من رغبة في رؤية عمل عسكري ضد إيران فانه لم يجاهر برغبته هذه خشية ان يفجر تمردا بين رعاياه.

اعتمدت البحرين عقب الاستقلال في عام 1971 برلمانا ودستورا يضمن حقوق المواطنين كافة. ولكن النظام الملكي اعلن في عام 1975 قانونا امنيا جديدا يجيز توقيف المعتقلين السياسيين مدة تصل الى ثلاث سنوات بلا محاكمة. وعندما احتج البرلمان صدر على الفور مرسوم بحله.

تسلم الملك حمد مقاليد السلطة في عام 1999 واعدا باصلاحات هدفها تهدئة الشيعة. وفي عام 2002 جرت انتخابات، وبعد اربع سنوات حقق النواب الشيعة أغلبية برلمانية. ولكن قيادتهم سرعان ما اكتشفت ان النواب الجدد لا يتمتعون بسلطة حقيقية تُذكر بل ظلت هذه بيد مجلس الشورى الذي يُعيَّن اعضاؤه بمرسوم ملكي. ويضم مجلس الشورى هذا 3 اعضاء شيعة فقط من اصل 25 عضوا.

اسفرت انتخابات 2010 عن تكريس الوضع القائم في البرلمان بحصول جمعية الوفاق الشيعية على 17 مقعدا في المجلس المؤلف من 40 مقعدا. ولكن جمعية الوفاق تعرضت الى حملات من جانب اطراف راديكالية اتهمتها بالعجز عن تأمين أي مكاسب جوهرية.

كتب الخبير ستيفن سوتلوف العام الماضي quot;ان اضطرابات صغيرة تحدث كل مساء تقريبا في الأحياء الشيعية حيث ينسق شبان حرق الاطارات مع مواطنيهم في قرى اخرىquot;. والآن انفجرت هذه الاضطرابات المحدودة الى انتفاضة. ورغم دعوة النظام الى الحوار مع الجماعات الشيعية فحتى الآن لا يبدو ان لديه برنامجا واضحا لاجراء اصلاحات سياسية يمكن ان تنزع الفتيل عن الوضع المتفجر، بحسب برافين سوامي في صحيفة الديلي تلغراف.