محمود جبريل |
لندن: بدأ صوت الثوار الليبيين في الخارج حياته الأكاديمية برسالة جامعية موضوعها رد فعل الولايات المتحدة على انقلاب 1969 بقيادة العقيد معمّر القذافي الذي يريد الآن إطاحته بدعم من الغرب. وكتب محمود جبريل (58 عامًا) رسالة الدكتوراه عن صعود القذافي.
وجبريل هو وزير خارجية المجلس الوطني الانتقالي في مدينة بنغازي، وقام بدور بالغ الأهمية في تحشيد الدعم الدولي للمعارضة. وأسهم في كسب تأييد اوروبي لتقديم مساعدات عسكرية الى الثوار، والتقى مرارا دبلوماسيين اميركيين، بينهم وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون.
ويضطلع جبريل بمهمة هو أهل لها. فان الرسالة الأكاديمية التي نال عليها شهادة الدكتوراه من جامعة بتسبرغ الاميركية عام 1985 تبحث في رد فعل الولايات المتحدة على انقلاب القذافي. وركزت الدراسة على نظرة صانعي السياسة الاميركيية الى مجموعة القادة الليبيين المغمورين وتعاملهم معها باجندة ملتبَسة هددت مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.
وخلص جبريل في بحثه الى ان نظرة الولايات المتحدة كانت شديدة التأثر بخطابية نظام القذافي الجديد وتوافقه مع اهتمامات اميركا المتغيرة، من التوسع السوفيتي الى صعود الارهاب الدولي، وليس بما كان النظام يفعله حقا.
وكتب جبريل في رسالة الدكتوراه التي صدرت في كتاب عام 1988 quot;ان ما كان يهم ادارة ريغان ليس نشاطات ليبيا بحد ذاتها (ارهاب أو لا) بل اصرّت على استخدام ليبيا وقياداتها ساحة حرب لاستهداف العدو الرئيس، وهو الاتحاد السوفيتي.
ويرى مراقبون ان المهارة في طمأنة الولايات المتحدة وتبديد مخاوفها يمكن ان تقوم بدور حاسم اليوم، إذ تتأثر السياسة الاميركية في المنطقة بسببين متلازمين لقلقها، هما النشاطات الايرانية واستمرار خطر الارهابيين الاسلاميين.
ويلاحظ المراقبون ان جبريل كان حريصًا على تصوير بلده في نزاع مع التطرف الاسلامي، سواء في دوره الحالي ممثلاً للثوار حين يلتقي الدبلوماسيين الاميركيين أو خلال السنوات الأخيرة حين كان لم يزل يعمل مع الحكومة الليبية.
وكان الخوف من ان يسارع تنظيم القاعدة وجماعات مماثلة الى استغلال الفوضى والقتال الدائر في ليبيا لاختراق المعارضة الليبية، مبعث قلق في بعض الأوساط السياسية في واشنطن رغم ان مسؤولين استخباراتيين وعسكريين ودبلوماسيين اكدوا ان الاسلاميين المتطرفيين يقومون في اقصى الحالات بدور هامشي في الانتفاضة.
جبريل عضو هيئة ثلاثية ترأس المجلس الوطني الانتقالي المؤلف من 31 عضوًا بعد تشكيله في بنغازي ليقوم بدور الحكومة المؤقتة فور انهيار النظام. ومن اعضاء المجلس الكبار ايضا مصطفى عبد الجليل وزير العدل السابق وعلي العيساوي وزير الاقتصاد السابق.
وتكشف برقيات مسربة على موقع ويكيليكس ان دبلوماسيين اميركيين وصفوا جبريل بأنه quot;ذكي وكوزموبوليتاني ومن المع المفكريين الاستراتيجيينquot; في صفوف النخبة الليبية. وبحسب احدى البرقيات المسربة فان نظام القذافي عرض على جبريل تولي رئاسة الحكومة في اواخر عام 2007 بعدما اقنعه سيف الاسلام القذافي بالعودة الى ليبيا، ولكنه رفض العرض.
وخلال لقاءات جبريل مع مسؤولين اميركيين في الفترة الواقعة بين 2008 و2010 حاول استدراج الاستثمارات الاميركية الى البلاد، وخاصة في قطاع التكنولوجيا، ودعا الى تعزيز العلاقات الأكاديمية بين البلدين. ولكن معارضة المحافظين في النظام القذافي اجهضت مساعيه إلى إصلاح الاقتصاد الليبي، وحاول الاستقالة من مسؤولية التخطيط الاقتصادي مرات عدة قبل ان يغادر نهائيا في عام 2010.
وتنقل صحيفة وول ستريت جورنال عن بيرت روكمان استاذ جبريل في جامعة بتسبرغ انه يتذكر تلميذه quot;ذكياً ومجتهداquot;. واتفق زملاء واساتذة آخرون على وصفه طالبًا مثابرًا شاطرًا، يتفانى من اجل عائلته، دائم التفكير في قضية التحديث، وكان ينظر بأسى الى ركود الاقتصاد الليبي في ظل القيادة القذافية.
وقال البروفيسور روكمان، الذي ظل على اتصال مع جبريل خلال توليه مناصب رسمية في الحكومة الليبية، انه كان يتوقع ان يصبح جبريل معارضًا. واعتبر ان محمود جبريل هو الرجل الأنسب للمهمة التي ينهض بها الآن.
التعليقات