في منطقة مليئة بصيحات ذعر، وحالات طارئة تتنافس في ما بينها، لا توجد سوى أشياء قليلة تزيد في أهميتها بالنسبةإلى مصالح الولايات المتحدة عن إنجاح الثورة التي اندلعت مؤخراً في مصر، حسب ما أكدت مجلة فورين بوليسي الأميركية.


بعد نجاح الثورة المصرية في الإطاحة بنظام الرئيس حسني مبارك والاستمرار في تطهير البلاد من الفساد الذي ظل مهيمناً على مناحي الحياة على مدار سنوات وسنوات، جاء الآن الدور على الولايات المتحدة كي تساهم في إنجاح تلك الانتفاضة الشعبية.

وقالت اليوم تقارير صحافية أميركية إن مساعي واشنطن في هذا الاتجاه يجب أن ترتكز على جهود ذلك الشخص الذي يدعى دافيد ليبتون، الذي يعمل الآن في المجلس الاقتصادي القومي، وهو شخصيّة محنّكة وذات خبرة ولا تحبّ الأضواء وسبق له العمل كوكيل لوزارة الخزانة الأميركية، ويرأس حالياً مجموعة العمل المشتركة بين الوكالات والتي تنظر في برامج المساعدات الاقتصادية التي يتم تقديمها لمصر.

وذلك لأنه في منطقة مليئة بصيحات ذعر، وحالات طارئة تتنافس في ما بينها، لا توجد سوى أشياء قليلة تزيد في أهميتها بالنسبة إلى مصالح الولايات المتحدة عن إنجاح الثورة التي اندلعت أخيراً في مصر، على حسب ما أكدت مجلة فورين بوليسي الأميركية.

ورأت المجلة في السياق نفسه أن خطوة إنجاح الثورة، بمعنى ضمان الاستقرار في البلاد ومنح فرصة للتعددية كي تتوطد، تعتمد بشكل أساسي حول ما إن كانت الحكومة المقبلة ستكون قادرة على توفير وظائف وفرص لغالبية المصريين بصورة أفضل مما كان يحدث في عهد مبارك أم لا. ومضت المجلة تقول إن الصورة لا تزال غامضة في واشنطن وفي أي مكان آخر بشأن ما تعنيه التغييرات التي طرأت على الشرق الأوسط بالنسبة إلى مصالح وطنية ضيقة أو مصالح عالمية واسعة. كما إن الموقف لا يزال مائعاً للغاية، مع وجود عدد كبير من الأجزاء المتحركة.

وتابعت المجلة بلفتها إلى أن أحداً لا يعلم ما إن كانت الاضطرابات ستتسبّب في إحداث تغيير دائم، أو إذا ما كان التغيير سيؤول إلى الأفضل أو إلى الأسوأ في تونس أو مصر أو ليبيا أو المغرب أو اليمن أو سوريا أو الأردن أو البحرين أو أي مكان آخر في المنطقة.

ففي كل حالة، يختلف اللاعبون مثلما هو الحال بالنسبة إلى المتغيرات والرهانات. ولم تستبعد المجلة في هذا الصدد احتمالية نشوب تظاهرات أخرى، سواء كان ذلك في الأراضي الفلسطينية أو في إيران أو في المملكة العربية السعودية.

وهو ما يعني العمل مع المجتمع الدولي لتبني تغيير إيجابي، وتحديد وتقليل التهديدات، وإرسال رسائل واضحة، وتحديد أولويات معقولة، من حيث الوقت والموارد المخصصة لكل وضع. وبالتالي، ستكون الحدود الحكومية من حيث الإمكانات والعزيمة السياسية كما هي، وهو ما يعني التقليل من شأن أهم القضايا، التي تحظى بأكبر الأصداء والآثار، ومحاولة ضمان تحقيق أفضل نتائج ممكنة في كل حالة.

وبالنظر إلى مركزية مصر في العالم العربي، وكذلك حجمها، وأدوارها السياسية والثقافية والتاريخية، تجد أنها خيار طبيعي لجذب الأضواء إليها. وبالنظر إلى الموضوع الأهم في مصر، مثلما هو الحال في أي مكان آخر في المنطقة، وهو المتعلق بخلق أمل دائم للشعب، فإن نجاح أو فشل هذا الربيع العربي لن يُقاس بعدد الحكومات التي تسقط، وإنما بعدد الوظائف التي يتم توفيرها في نهاية المطاف، وبخاصة للشباب.

وأوضحت المجلة في السياق نفسه أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لا يمكنهم تقديم ضمانات بشأن توفير فرص العمل، مقارنةً بما يمكنهم أن يفعلوه لتحقيق أية نتائج سياسية في تلك البلدان. ولفتت إلى أن بمقدورهم توفير تدفقات المساعدة التي هناك حاجة ماسة إليها، وكذلك الرأسمال اللازم للبنية التحتية، والصفقات التجارية التي تُمَكِّن العالم من الوصول إلى السلع التي يتم إنتاجها محلياً، والمساعدات التقنية اللازمة للتأكد من تنفيذ وتطبيق السياسات الاقتصادية السليمة، الخ.

هذا وتلعب مجموعة العمل التي يترأسها ليبتون وتتعاون مع الإدارة دوراً محورياً في تحديد الخيارات السياسية المتاحة للولايات المتحدة، للمساعدة في هذه الجهود. كما يحظى ليبتون بالدعم من جانب مسؤولين كبار كهؤلاء الذين يعملون في وزارة الخارجية، مثل بوب هورماتس، وكيل وزارة الخارجية للشؤون الاقتصادية، الذي يعمل بنشاط في الكونغرس لتحديد الطريقة التي يمكن من خلالها إعادة توجيه الموارد المخصصة بالفعل من أجل معالجة هذه الأولوية الحاسمة.

وفي مستويات أعلى داخل الإدارة، لعبت وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، دوراً محورياً ومهماً، موضحةً أهمية فعل كل ما هو ممكن لاغتنام الفرصة وقطع الطريق على المخاطر الناجمة من التغيرات التي بدأت تشهدها مصر خلال الآونة الأخيرة.

وأكدت المجلة في الختام ضرورة أن يدرك الكونغرس الآن، أكثر من أي وقت مضى، قيمة وأهمية تقديم الدعم الاقتصادي بغية تدريب العمال المصريين وافتتاح مصانع جديدة. وإذا نجحت الإصلاحات في مصر، وتبعها نمو وفرص عمل، فإن الآثار ستكون متعددة.