في 19 شباط/ فبراير انتهى الأكاديمي ومستشار سيف الاسلام القذافي لزمن طويل الدكتور محمد الهوني من كتابة كلمة يوجهها نجل الزعيم الليبي معمر القذافي من التلفزيون في غمرة الأزمة. وبعد اربعة أيام على اندلاع الإنتفاضة اقترح الهوني على سيف الاسلام أن يعتمد لهجة تصالحية ويعتذر عن سقوط ضحايا في شرق البلاد، وأن يؤكد أيضا ضرورة إصلاح نظام والده بإعلان جملة قوانين موعودة لاطلاق حريات جديدة.

ونقلت صحيفة الغارديان عن الهوني أنه كتب ما ينبغي أن يقوله سيف الاسلام مقترحا عليه أن يعتذر للضحايا. ولكنه ذهب إلى والده الذي لم يرق ما اقترحه الهوني ذلك، وقام بتغيير نص الخطاب.

وعندما ظهر سيف الاسلام على شاشة التلفزيون بدا الأبن على سر أبيه في كل شيء يهز سبابته مهدداً ومتفوها بكلمات اصبحت سيئة الصيت عندما توعد بالقتال حتى آخر رجل وآحر امرأة وآخر طلقة.

في اليوم التالي على الخطاب غادر الهوني ليبيا، ثم وجه رسالة عنيفة إلى رب عمله السابق يتهم فيها سيف الإسلام بارتداء عباءة والده الملوثة بأربعين عامًا من آثامه.

في هذه الاثناء، برز سيف الاسلام المدعوم من اخيه سعدي بوصفه القطب الأبرز في جهود النظام لإنهاء النزاع بشروطه عن طريق المفاوضات بعدما كان يعتبر الوجه الاصلاحي الذي يقدمه النظام إلى الغرب.

واعرب مصدر قريب من النظام والعائلة عن اقتناعه بأن سيف الاسلام يتحدث باسم العائلة وبدعم من الوالد. ونقلت صحيفة الغارديان عن المصدر أن النظام وافراد العائلة الحاكمة يبحثون عن مخرج quot;وأن ما يقولونه في حدود فهمي أن الأبناء يريدون الإستمرار في ممارسة دور سياسي بانشاء حزب لهمquot; بعد سقوط النظام.

وأضاف المصدر أن الأبناء سيقبلون بحكومة مؤقتة وفترة انتقالية، ولكن quot;ما لن يوافقوا عليه هو اجبارهم على مغادرة البلدquot;. وما يسعى إليه سيف الإسلام هو جمع الفرقاء إلى طاولة المفاوضات، وكذلك التوصل الى إستراتيجية خروج ليست مهينة للقذافي، إستراتيجية تتركه بلا سلطة.

quot;وهذا ما يكافح سيف الإسلام من أجلهquot;، بحسب المصدر. واكد أن هذه الخطة تحديدا هي ما حمله مبعوث النظام محمد اسماعيل خلال زيارته السرية إلى لندن في آذار/ مارس ولقائه مسؤولين بريطانيين.

ولكن المشروع لم يلق رفضًا قاطعاً من الثوار وحدهم، بل من الحكومات الغربية ايضا وفي مقدمتها بريطانيا التي تصر على رحيل القذافي وابنائه.

ولكن التساؤلات تستمر في التداول عن سيف الإسلام، هل هو الأبن العدواني لحاكم استبدادي أم الاصلاحي الذي درس في كلية لندن للاقتصاد أم شيء بين هذا وذاك؟

يعتقد الهوني أن سيف الاسلام كان صادقاً في رغبته في إصلاح النظام قبل أن يحسم موقفه إلى جانب نهج والده المتشدد. وقال الهوني لصحيفة الغارديان quot;إن سيف الاسلام كان جادًا. أما الآن (بعد ذلك الخطاب) فلا أحد في ليبيا يأخذ ما يقوله على محمل الجد. ولن يقبل احد ما يقترحه. فهو قد يريد التحادث بشأن اجراء مفاوضات، ولكن ذلك ليس ممكنًاquot;.

ويبدو أن هناك ما يسند رأي الهوني بشأن جدية سيف الاسلام لاصلاح النظام، لا سيما برقية مسربة ارسلها عام 2009 السفير الاميركي في طرابلس وقتذاك جين كريتز، مشيرًا الى رفض سيف الإسلام منصب quot;المنسق العامquot; بقرار من والده في تلك السنة لأنه، بحسب البرقية، quot;لا يريد التلوث بالبيئة السياسية الحاليةquot;.

ويعتقد الهوني أن القذافي الأب لم يكن العقبة الوحيدة في طريق النزعة الاصلاحية لدى نجله منوها بدعم اخيه سعدي، ولكن سيف الإسلام يواجه معارضة ثلاث آخرين من أخوته هم هانيبعل وخميس الذي يقود كتيبة نخبوبة ومعتصم، مستشار الأمن القومي.

ولعل هذه الديناميكية المعتمة لمراكز القوى في نظام القذافي هي الجانب المحجوب تمامًا عن انظار المراقبين والعالم بصفة عامة.

من جهة اخرى هناك من يقول إن استراتيجية سيف الإسلام رغم كل حديثه عن الاصلاح هي تأمين بقاء النظام، وبقاء افراد عائلة القذافي على رأس هذا النظام.