تونس:يقول وائل القرافي في مكبر الصوت بوجه عابس وهو يتكئ على عكازيه quot;اذا لم تسمعوني فكانما بترت ساقي مرة اخرىquot;، وقد بترت ساقه من الركبة بعد اصابته برصاصة في اخر ساعات قمع نظام بن علي.
وصرح الشاب لفرانس برس قبل ان يروي بمرارة حكايته امام حوالى مئة شخص تجمعوا السبت في تونس بمناسبة quot;يوم الشهيدquot;، quot;لم آت من اجل اللهو وسماع الموسيقى، لقد اصبت وانا في التاسعة عشرة لكني استانفت التدريب كي اصبح كهربائياquot;.

وبكت النساء من حوله وهن يستمعن اليه يروي قصته، لكنه بقي ثابتا، وقد قدم صباحا من القصرين، مهد الثورة التي سقط فيها العديد من الشهداء.

وقد كانت المدينة (200 كلم جنوب غرب العاصمة) التي تعد نحو مئة الف نسمة، من اكثر المدن معاناة من القمع الذي سبق انهيار النظام، وقتل فيها قناصة بن علي 25 متظاهرا معظمهم من الشباب.
وقال وائل لفرانس برس انه أتى الى العاصمة تونس لغرض واحد وهو quot;اسماع صوتيquot; بمناسبة اول quot;عيد للشهداءquot; بعد الثورة الحديثة.

وفي مثل هذا التاريخ، التاسع من نيسان/ابريل 1938، سقط عشرات الناشطين القوميين برصاص الاحتلال الفرنسي خلال تظاهرة في تونس للمطالبة باصلاحات سياسية في عهد الوصاية الفرنسية.
واوضحت ليليا الفضيلي رئيسة جمعية quot;تونادquot; التي نظمت الفعاليات quot;نظمنا هذه الوقفة من اجل الشهداء لان التاسع من نيسان/ابريل اصبح الان اكثر من مجرد يوم اجازة. لقد اكتسى عيد الشهداء معنى اضافيا منذ الثورةquot;.

ورمزيا كان هدف الجمعية تنظيم مسيرة طولها كيلومترين عبر حديقة البلفيدير يتداول فيها المتظاهرون على حمل العلم التونسي.
لكن العديد من المشاركين اعتبروا هذا quot;التداولquot; يوم عيد في اجواء احتفالية نظم فيه ايضا معرض صور وورشة فنون تشكيلية وعزفت فيه فرقة موسيقية مدرسية وجامعية.

واقامت الرابطة التونسية لحقوق الانسان والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ونادي تونس للصور وغيرها من الجمعيات، منصات المعارض والفعاليات.
واعتبر اولياء الضحايا القادمين من مختلف انحاء البلاد للادلاء بشهاداتهم، ان quot;الاجواء الاحتفاليةquot; مبالغ فيها حتى ان الغضب كاد يطفو بين المشاركين.

وقد اتت العائلات تحمل صور quot;مفقوديهاquot; خصوصا للترحم عليهم.
وسرعان ما طغت المشاعر الجياشة والشهادات على المنظمين وبعد النشيد الوطني توقفت الفرقة الموسيقية عن العزف.

وادرك علي الزديني نائب رئيس الرابطة ما كان يحدث وقال ان quot;هذه العائلات تشعر بانها في عزلة لانها بعيدة عن العاصمة ومركز الحياة السياسية ولانها تعتبر ان العدالة لا تسير بالوتيرة المطلوبةquot;.

وتفرق الحاضرون شيئا فشيئا وبقيت عائلات الضحايا وحدها في زاوية مع حزنها وهي تضم صور مفقوديها الى صدورها.