القاهرة: بعد أن كان مستعداً لدفع حياته ثمناً مقابل تنحي الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، عن الحكم بعد ما يقرب من ثلاثين عاماً، من خلال مكوثه في ميدان التحرير ليال طويلة بلا نوم، وتأكيده في حوار سابق مع مجلة quot;التايمquot; الأميركية أن هدفه هو رحيل مبارك ومن ثم تعقبه وقتله في الميدان، إلا أن المرشد السياحي، عوض محمود العبيدي، بدأ يشعر الآن بأهمية الحاجة إلى بدء حياة نشطة وعادية مرة أخرى.

فبعد مرور شهرين على تنحي مبارك، ومن ثم تعديل بعض مواد الدستور عبر استفتاء شعبي، وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة قيادة البلاد لفترة مؤقتة، وانتظار محاكمة الرئيس السابق، كان العبيدي، 36 عاماً، واحداً من أوائل المتظاهرين الذين اعترفوا بأن الظروف الجديدة هذه تدعو إلى تشكيل وجهات نظر جديدة.

وأوردت عنه مجلة التايم في هذا الشأن، قوله :quot; كنا نريد إنجاز كل شيء بصورة سريعة - أن يتم إعدام مبارك هنا في التحرير وأن يذهب النظام بعيداً مع الريح. وكل هذه الأمور تحتاج إلى وقت. وعلينا أن نفهم ذلكquot;. ثم لفتت المجلة من جهتها إلى حالة الركود التي تعرض لها القطاع الاقتصادي، وكذلك تأثر القطاع السياحي بشكل كبير.

ومع ذلك، أُغلِق ميدان التحرير مرة أخرى أمام الحركة المرورية، حيث سُدَّت الطرق المؤدية إليه بأكوام جديدة من الحجارة ولفائف ثقيلة من الأسلاك الشائكة. وتحول مرة أخرى إلى ساحة للتحدي على مدار عدد مطرد من الأيام، بعد ما قيل عن استخدام الشرطة العسكرية للعنف بغية قمع احتجاجات جرت يوم الجمعة الماضي وامتدت حتى الساعات الأولى من صباح يوم السبت.

وهو ما أدانه المتظاهرون، الذين طالبوا بمواصلة الضغط على الجيش لمتابعة محاكمة المسؤولين في عهد مبارك. ولفتت المجلة كذلك إلى التقارير التي تحدثت عن سقوط قتيلين وإصابة العشرات بجروح جراء المصادمات التي وقعت فجر يوم السبت الماضي.

وانتقلت المجلة لتبرز حالة الانقسام التي شهدها الميدان، في الأيام التي تلت تلك الأحداث، بين مؤيد ومعارض للجيش. وأشارت إلى أن الأرصفة هناك كانت ساحةً للنقاش حول هذا الأمر، الذي رأي البعض أنه قد يكون مبالغاً فيه وأن شعار quot;الشعب والجيش يد واحدةquot; هو بالفعل شعار حقيقي، ولا يعبر عن الأحداث التي وقعت مؤخراً في الميدان.

في حين أوضح فريق آخر أن تلك المصادمات الأخيرة أثبتت أن المتظاهرين قد استمروا في نقل المعركة إلى ما هو أبعد من ذلك، بدفعهم الجيش - وهو ذلك الحليف الذي ساعد في الإطاحة بمبارك - إلى نقطة المواجهة، وربما عرقلة طريق الإصلاح.

وأكدوا أيضاً أن الوقت الحالي ليس الوقت المناسب للدخول في مواجهة مع الجيش، وأن الوقت الحالي هو وقت إعادة بناء القطاع الاقتصادي الذي تضرر كثيراً جراء التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد، والتحضر كذلك لنظام سياسي جديد.

ومع هذا، قال آخرون إن العنف، الذي مورس فجأةً ضد المتظاهرين الذين أقاموا في الميدان من بعد التظاهرة التي شهدها الميدان بعد صلاة الجمعة، يؤكد تخوفهم من ألا يكون الجيش في صف الثورة بعد هذا كله. ونقلت المجلة هنا عن شخص يدعى نادي آيات، قوله :quot; لما حدث كل هذا ؟ حيث قاموا في ظلام الليل بمهاجمة أناس أبرياء. لماذا ؟ ألكونهم يطالبون بالديمقراطية ؟quot;. أما العبيدي، فيرى أن المسألة أكثر تعقيداً من ذلك، حيث يقول إن الأمر يرتبط هنا بإحداث حالة من التوازن الصحيح بين ما تبغاه من وزراء تظاهرك وبين أهمية المحافظة على الاستقرار والهدوء.