واشنطن:سعى الرئيس الاميركي الذي انهكته معركة الميزانية التي خاضها مع خصومه في الكونغرس، هذا الاسبوع الى طمأنه قاعدته الديموقراطية مع كشفه لاستراتيجية الميزانية استعدادا لسباق الرئاسة العام 2012.
وقد حال توصل اوباما الى اتفاق في اللحظات الاخيرة مع الجمهوريين الذين لا زالوا فرحين بالمكاسب الانتخابية الهائلة التي حققوها في انتخابات منتصف الرئاسة في تشرين الثاني/نوفمبر، دون حدوث شلل في عمل الحكومة.

ولكن التوصل الى ذلك الاتفاق ترتب عليه قبول اوباما بخفض في الميزانية وصفه بانه quot;مؤلمquot; اشتمل على خفض الانفاق لعدد من مبادراته الرئيسية.
فقد اضطر اوباما الى الغاء خطة لتمويل خط قطارات عالية السرعة ورفع مستوى خطوط السكك الحديدية الاميركية التي تواجه العديد من المشاكل، الى مستوى نظيراتها في اوروبا واليابان, فيما شهدت وكالة حماية البيئة خفضا في ميزانيتها بنسبة 15% بموجب الاتفاق الذي من المفترض ان يوفر 38,5 مليار دولار هذا العام.

واثارت التنازلات التي قدمها اوباما المخاوف بين صفوف التيار الليبرالي في حزبه الديموقراطي الذين شعروا بالقلق على مصير برامج التامين الصحي الحكومية لكبار السن (ميديكير) وللفقراء (ميديكايد).
واستذكر هؤلاء التنازلات التي قدمها اوباما عقب فوز الجمهوريين في تشرين الثاني/نوفمبر عندما تراجع ووافق على تمديد الخفض الضريبي للاغنياء والذي ورثه من سلفه جورج بوش.

ولم تخف نانسي بيلوسي، الرئيسة السابقة لمجلس النواب، شعورها بخيبة الامل والاحباط. وهذا الاسبوع وقع نحو 105 الف شخص وثيقة طرحتها مجموعة تطلق على نفسها اسم quot;التقدميون الجريئونquot; وتحمل تحذيرا واضحا لاوباما الذي اطلق حملة اعادة انتخابه هذا الاسبوع.
وجاء في الوثيقة quot;الرئيس اوباما: اذا قمت بتخفيض مزايا ميديكير وميدكايد لي أو لوالدي أو جدي او جدتي أو العائلات التي مثل عائلتي، فلا تطلب اي فلس من اموالي او ساعة من وقتي في 2012quot;.

واضافت الوثيقة quot;ساركز على انتخاب احد مرشحي التقدميين الجريئين - وليس مرشحا يساعد الجمهوريين على احداث عمليات خفض تضر ببرامج رئيسيةquot;.
ورغم اعترافه بان quot;اي خطة جدية لمعالجة العجز في الميزانية ستستدعي منا طرح كل شيء على الطاولةquot; الا ان اوباما هاجم خطة الجمهوريين لميزانية 2012.

ووصف تلك الخطة بانها quot;رؤية متشائمة جدا لمستقبلناquot; مجددا وعده بمقاومة اي محاولات جديدة للجمهوريين لمواصلة الخفض الضريبي للاثرياء.
وقال اوباما هذا الاسبوع quot;لا يمكن لخطة تتحدث عن خفض الميزانية بانفاق ترليون دولار على الخفض الضريبي للمليونيرات والمليارديرات ان تكون جديةquot;.

واضاف quot;ولا اعتقد انه من الشجاعة طلب التضحية من اشخاص لا يستطيعون تقديمها وليس لهم اي نفوذ في الكونغرس. هذه ليست رؤية لاميركا التي أعرفهاquot;.
واشادت المعلقة السياسية اليسارية ريتشل مادو بتصريحات الرئيس، وذلك خلافا للانتقادات التي وجهها له الكثيرون في الاشهر الاخيرة. وقالت ان تلك التصريحات quot;مرضية على نحو غير متوقعquot;.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز ان quot;الرجل الذي انتخبته اميركا رئيسا عاد الى الظهورquot;.
وراى ثوماس مان من معهد بروكنغز ان اوباما يريد اقناع الاميركيين، وليس فقط انصاره المخلصين الذين وجه لهم وعودا مماثلة قبل المعارك الجديدة مع الجمهوريين، بانه في الجانب الصحيح من التاريخ.
وقال quot;من المرجح ان ياخذ الجمهوريون سقف الديون وميزانية 2012 رهينة لتعزيز قبضتهم. ولكن من غير المرجح ان يبالغوا في استخدام هذه القبضة اذا اعتقدوا ان الناخبين يمكن ان يعاقبوهم على ذلكquot;.