الملك عبد الله

أبدت المملكة العربية السعودية للإدارة الأميركية استعدادها لحماية مصر من أي محاولة لفرض تغيير سريع لبنيتها السياسية.


أجرى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبدالعزيز محادثة هاتفية شخصية مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في 29 من الشهر الماضي، حذّره فيها من مغبة إذلال الرئيس المصري، وفقًا لصحيفة quot;تايمزquot; البريطانية في نبأ حصري الخميس.

وقال الملك إن بلاده لن تتوانى عن تعويض نظام مبارك - بالكامل - عن المساعدات الأميركية البالغة 1.5 مليار دولار سنويًا، في حال أوقفتها واشنطن سعيًا إلى إسقاطه.

وجهة النظر السعودية هي أن الفرصة يجب أن تُمنح لمبارك - نزولاً عند رغبته - من أجل مضّيه قدمًا في الإشراف على انتقال السلطة بشكل ديمقراطي وسلمي، وأن يرحل بعدها من دون أن يفقد ماء وجهه وكرامته.

وقالت الصحيفة إن مصدرًا رفيع المستوى في الرياض أبلغها بأن الملك ومبارك quot;ليسا مجرد حليفين سياسيين في المنطقة، وإنما تجمع بينهما صداقة شخصية وثيقةquot;. وأضاف قوله إن الملك quot;لن يسمح برؤية صديقه وهو يُزاح ذليلاًquot;.

وذكرت quot;تايمزquot; أن مصدرين في الرياض أكدا لها المحادثة الهاتفية بين العاهل السعودي والرئيس الأميركي بعد أربعة أيام من خروج المتظاهرين المطالبين بتنحي مبارك إلى ميدان التحرير. وأضافت أن الموقف السعودي الراسخ إزاء الرئيس المصري يسلط أضواء جديدة على حالة الشلل التي اعترت الدبلوماسية الأميركية إزاء ثورة مصر، ويشكل إحدى أكبر الأزمات بين الرياض وواشنطن منذ صدمة أسعار النفط في العام 1973.

يأتي الموقف السعودي الحازم مدفوعًا بالقلق إزاء إسراع العواصم الغربية إلى التعبير عن رغبتها في تنحي مبارك من دون دراسة متأنية للسيناريوهات التي يمكن أن تحدث بعد ذلك. وقال مصدر في الرياض quot;مع الفوضى التي تجتاح مصر،تبقى المملكة الحليف العربي الرئيس الوحيد الباقي للولايات المتحدة في المنطقة، والرياض تريد لواشنطن ألا تنسى هذه الحقيقةquot;.

في صورة أرشيفية مع مبارك

يذكر أن مصر هي رابع أكبر الجهات الحاصلة على المساعدات الأميركية - بعد أفغانستان وباكستان وإسرائيل - ويخصص معظم هذه المساعدات للمؤسسة العسكرية المصرية. وكانت الإدارة الأميركية قد لوّحت بأنها ستوقفها في حال رفض مبارك التنحي فورًا.

لكن تهديد الملك عبد الله الرئيس أوباما بأن السعودية ستوفر هذه المساعدات للقاهرة غير منتقصة يسحب البساط تمامًا من تحت أقدام واشنطن، ويحيلها عاجزة عن فرض إرادتها على الرئيس المصري.

وقد رفض البيت الأبيض التعليق على الأمر، وقال الناطق باسمه إنه لا يفشي فحوى الأحاديث التي تتم بين الزعماء والرئيس أوباما.

يذكر أن الملك عبد الله يمضي حاليًا فترة نقاهة في المغرب، بعد عملية جراحية في ظهره أجريت له في أواخر العام الماضي في نيويورك. وتورد التقارير الواردة من مقره أنه يتحدث إلى الرئيس مبارك بالهاتف يوميًا.

وبعد محادثته مع الرئيس الأميركي في 29 يناير/كامون الثاني، أصدر الملك عبد الله بيانًا يدعم فيه الرئيس المصري، ويلقي باللائمة على جهات دخيلة. وقال في بيانه، الذي وزعته وكالة الأنباء السعودية quot;واسquot;، إنه يدين quot;الناس الذين حاولوا زعزعة أمن واستقرار مصرquot;.

وأضاف أن quot;مصر العروبة والإسلام لا يتحمل الإنسان العربي والمسلم أن يعبث بأمنها واستقرارها بعض المندسين باسم حرية التعبير بين جماهير مصر الشقيقة واستغلالهم لنفث أحقادهم تخريبًا وترويعًا وحرقًا ونهبًا، ومحاولة إشعال الفتنة الخبيثةquot;. ومضى قائلاً إن quot;السعودية شعبًا وحكومة إذ تشجب ذلك وتدينه بقوة، فإنها في الوقت نفسه تقف بكل إمكاناتها مع حكومة مصر وشعبها الشقيقquot;.

والواقع أن اختلال الأمور في مصر قد يعني معادلات جديدة قد تستغلها أطراف غير مرغوب فيها. في هذا الصدد يقول مسؤول سعودي في الرياض إنquot;الانتفاضة المصرية ظاهرة خطرة. وإذا أيّدناها وشجعنا عليها فقد تحدث أشياء لا تحمد عقباها، مثل أن تصب الأمور في مصلحة إيران وتنظيم القاعدة وجماعات إرهابية أخرىquot;.

.. وفي أرشيفية أخرى مع أوباما

وتشعر الرياض بالضيق أيضًا إزاء الرسائل المتضاربة التي صدرت من المسؤولين في واشنطن بخصوص ما يحدث في مصر. ويقول محلل غربي في العاصمة السعودية quot;لا شك في أن المسؤولين هنا يختلفون تمامًا مع الأميركيين في هذا الشأن.

وعمومًا فرغم أنهم يفهمون الأسباب التي حدت بالدول الغربية إلى اتخاذ مواقفها من النظام المصري، فإنهم غير مقتنعين بأنها اتخذت هذه المواقف بعد الدراسة المتأنية للوضع، ويضايقهم أن الأميركيين تحديدا تخلوا عن حليف قديم في وقت حاجتهquot;.

يذكر أن القيادة السعودية ظلت تحث مبارك منذ زمن خلف الكواليس على بدء الإصلاح السياسي، وأبدت له امتعاضها إزاء التزوير الواضح في الانتخابات التشريعية خلال العام الماضي. ولكن، من أجل استقرار مصر، حثّت الرياض واشنطن على وجوب تعاملها مع عمر سليمان، نائب الرئيس المصري، وألا تضعف يده.

ويبدو أن واشنطن - وغيرها من العواصم الغربية - أصغت لما تقوله الرياض وانصاعت له. وعلى سبيل المثال فإن الإدارة الأميركية، الأهم في المعسكر الغربي، والتي كانت حتى الأسبوع الماضي تطالب برحيل مبارك وتهدد بإنهاء تحالفها معه بعد ثلاثين عامًا، صارت تكتفي في بياناتها الآن بالتشديد على وجوب سيادة الاستقرار.

محطات على الطريق

* 1902: عودة آل سعود من المنفى ودخولهم الرياض مستعيدين حكمهم.
* 1938: شركة النفط العربية الأميركية quot;أرامكوquot; تبدأ إنتاج النفط.
* 1960: المملكة العربية السعودية تصبح عضوًا مؤسسًا لمنظمة الدول المصدّرة للنفط quot;أوبكquot;.
* 1973: السعودية تقود حركة المقاطعة النفطية التي تزعزع الاقتصاد الأميركي بعد الحرب العربية - الإسرائيلية.
* 1980: الرياض تؤمم quot;أرامكوquot; بالكامل.
* 1990 - 1991: إثر الغزو العراقي للكويت، تسمح السعودية للقوات الأميركية بتحرير هذه الأخيرة انطلاقًا من أراضيها، وتبقى القوات الأميركية عليها بعد ذلك.
* 2001: أعضاء في تنظيم quot;القاعدةquot;، بمن فيهم 15 سعوديًا، يشنّون هجوم 9/11 الإرهابي الأكبر على الولايات المتحدة.
* 2003: أميركا تنهي وجودها العسكري بالكامل على الأراضي السعودية.
* 2003 - 2205: سلسلة طويلة من الهجمات الإرهابية على مجمعات المواطنين الغربيين السكنية في السعودية.
* 2010: واشنطن تعلن إتمام صفقة سلاح بقيمة 60 مليار دولار مع الرياض.

(المصدر: أرشيف quot;بي بي سيquot; وأرشيف quot;تايمزquot;)