صورة رفعها متظاهرون تظهر رسماً كاريكاتورياً لبشار الأسد (يسار) والقذاقي (يمين)

لم تتخذ الإدارة الأميركية حتى الان أي خطوات ملموسة للضغط على النظام السوري إلا من خلال إدانة حملات القمع ضد المتظاهرين. وتضع الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة في سوريا إدراة باراك أوباما في مأزق.


القاهرة: وضعت المظاهرات المتصاعدة ضد الحكومة في سوريا إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في مأزق، في الوقت الذي تحاول فيه الأخيرة أن تحمي مجموعة من المصالح الأميركية الأوسع في النطاق وفي نفس الوقت تدعم ما وصفتها بالتطلعات المشروعة للشعب السوري، تبعاً لما أكدته اليوم صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية.

ومنذ أن بدأت التظاهرات قبل خمسة أسابيع، وتحركها صوب ما يقول المنظمون إنها ستكون جمعة المواجهة الحاسمة مع حكومة الرئيس بشار الأسد، قامت الإدارة الأميركية بإدانة حملات القمع الرسمية، لكن رفضت اتخاذ خطوات ملموسة للضغط على دمشق.

وقال مسؤولون أميركيون إنهم لا يحظون بأي نفوذ يذكر على سوريا، التي مُنِعَت من المساعدات الأميركية وجزء كبير من التجارة الثنائية بموجب تسميتها من قِبل الخارجية الأميركية بأنها دولة راعية للإرهاب وبموجب قوانين أخرى.

وأوردت الصحيفة في هذا الصدد عن مسؤول بارز من داخل الإدارة الأميركية، قوله: quot;لدينا عقوبات بالفعل. ويمكننا متابعة ما إن كانت هناك طرق إضافية لتشديد الضغط، لكني لا أريد أن أتحدث عن أن هناك أي شيء وشيكquot;.

ومضت الصحيفة تقول إن قدراً من تردد الإدارة الأميركية يرجع بلا شك إلى وجود شعور واضح بالتعب بين واضعي السياسات الذين يعانون من أشهر من الأزمات السياسية في منطقة الشرق الأوسط. لكن هناك أسباباً أكثر واقعية، من بينها تردد في إضافة مزيد من عدم اليقين إلى عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية الهشة؛ وعدم رغبة، تتقاسمها تركيا وغيرها من دول الجوار، في التعاون مع الأسد بشأن مستقبل غير معلوم؛ واعتقاد كامن بين البعض بأنه من الممكن إقناع الرئيس السوري باعتماد إصلاحات حقيقية.

وقد تقاربت الإدارة الأميركية من نظام الأسد على مدار العامين الماضيين، وسمحت بنقل قدراً من التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج، والأكثر أهمية من ذلك رفع القيود المفروضة على قطع الغيار أميركية الصنع لشركة الطيران السورية.

وكجزء من دفء العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، أرسلت الإدارة الأميركية العام الماضي أول سفير أميركي إلى دمشق منذ العام 2005، عندما انسحب تمثيل دبلوماسي رفيع المستوى بعد أنه اُتُهِمَت سوريا في اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق، رفيق الحريري.

وقد توفي أكثر من 200 شخص، على خلفية أعمال العنف والتنازلات التي بدأت في سوريا الشهر الماضي. وعلى عكس رفضها التام لأساليب القمع الحكومية في بلدان عربية مثل مصر والبحرين، وبعيداً عن تدخلها المباشر في ليبيا، رفضت إدارة أوباما بشكل لا لبس فيه توجيه اللوم للرئيس الأسد، الذي تولى مقاليد الحكم في البلاد منذ عشرة أعوام بعد وفاة والده الذي استمر في الحكم على مدار 3 عقود.

وسبق لوزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أن قالت نهاية الشهر الماضي quot;هناك قائداً مختلفاً الآن في سوريا. وكثيرون يعتقدون أن الأسد شخصية إصلاحيةquot;. وأدانت كلينتون أول أمس تواصل أعمال العنف التي تمارَس بحق المتظاهرين السلميين من جانب الحكومة السورية وكذلك أي استخدام للعنف من جانب المتظاهرين.

وتابعت quot;واشنطن بوستquot; حديثها في هذا الشأن بقولها إنه وبناءً على ما قد يحدث في تظاهرات اليوم الجمعة، قد يضغط بعض أعضاء الكونغرس الأميركي من أجل فرض عقوبات أغلظ ضد سوريا، عندما يعودون إلى واشنطن الأسبوع المقبل بعد انتهاء عطلة الربيع. واتهم بعض المحللين الرئيس أوباما بالفشل في التنبؤ بأن رحيل الأسد سيعمل على تقوية السياسة الأميركية في المنطقة، بما في ذلك التعامل مع إيران.

ونقلت الصحيفة هنا عن اليوت أبرامز، مدير شؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي إبان الرئيس جورج بوش، قوله quot;قد يؤدي طرد بشار الأسد من السلطة إلى حرمان إيران من عدة فوائد (منها تسهيل نقل الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله وإتاحة الموانئ السورية كمنفذ لإيران على البحر الأبيض المتوسط)، وهي الفوائد التي توصف بالمكسب الكبير بالنسبة لواشنطن والخسارة الكبرى لطهرانquot;.

وفي المقابل، كان هناك فريق آخر من المحللين المتعاطفين مع المعضلة التي تمر بها الآن الإدارة الأميركية. حيث قال جوشوا لانديس، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، والذي يعيش في سوريا، إن ضعف المؤسسات الوطنية في سوريا، وكذلك التيار التحتي الإسلامي القائم منذ مدة طويلة، وإن كان نائماً، كلها ظروف تمنح الإدارة الأميركية القليل من البدائل الجيدة لاستمرار الأسد في الحكم.

وأشار لانديس إلى أبرز دول في المنطقة، وهي إسرائيل وتركيا ولبنان لديها مصلحة في أن يظل بشار الأسد في سدة الحكم.