دمشق: لا يزال الجيش السوري يفرض سيطرته على معاقل الاحتجاج في سوريا عبر إغلاق الأحياء وحملات الاعتقال الواسعة، فيما اطلق الغرب مبادرة جديدة بهدف ادانة القمع في اطار الامم المتحدة بعد العقوبات الاوروبية.

واعتبرت مستشارة للرئيس السوري بشار الاسد الاثنين في مقابلة مع صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; ان الاخطر في الثورة التي عصفت بسوريا منذ حوالى الشهرين قد مر quot;واصبح وراءناquot;. واضافت بثينة شعبان ايضًا في هذه المقابلة quot;لا يمكن ان نكون متسامحين مع اناس يقومون بتمرد مسلحquot;.

من جهته، قال رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان quot;الجيش يسيطر بالكامل على كامل انحاء بانياس، حيث تستمر حملة اعتقالات واسعة في هذه المدينة والقرى المجاورة لها كالبيضا والمرقبquot;. واكد quot;ان قوات الجيش تتابع حملتها من اجل القبض على قادة الاحتجاجات ومنهم انس الشغريquot;.

واوضح عبد الرحمن ان السلطات السورية افرجت عن 270 شخصًا من اصل اكثر من 450 اعتقلتهم منذ السبت في بانياس، لكنها تواصل مطاردة قادة حركة الاحتجاج، لافتا الى عودة الاتصالات الهاتفية الجوالة والارضية والكهرباء والمياه الى المدينة.

كما ذكر المرصد، الذي يتخذ من لندن مقرا له في بيان الثلاثاء، ان quot;السلطات الامنية السورية شنت يوم الاثنين حملة اعتقالات في منطقة السلمية في وسط سوريا طالت خمسين ناشطا سياسياquot;.

واضاف المرصد ان من ابرز المعتقلين quot;القيادي في حزب العمل الشيوعي والسجين السياسي السابق حسن زهرة ونجله والمعارض والسجين السياسي السابق علي صبر درويشquot;. ودان المرصد quot;بشدةquot; استمرار السلطات الامنية السورية في quot;ممارسة سياسة الاعتقال التعسفي على الرغم من رفع حالة الطوارئquot;.

وتحدث ناشط حقوقي اخر طلب عدم الكشف عن اسمه عن quot;انباء عن اعتقالات جرت فجر الثلاثاء في اللاذقية، مرفأ البلاد الاساسي، وفي ريف دمشق وفي ادلبquot;، بدون المزيد من التفاصيل.

ولفت الى quot;دخول الجيش الى القرى المجاورة لدرعا، انخل وجاسم والصنمين، اثناء قيام الاهالي باعتصامات ليليةquot;، موضحا انه quot;سمع اطلاق نار كثيف في انخل وجاسم، على الرغم من ان هذه البلدات اصدرت بيانات تفيد انها لم تطلب دخول الجيشquot;.

وفي المعضمية (ريف دمشق)، افاد ناشط حقوقي ان quot;البلدة غائبة عن العالم الخارجيquot;. واضاف ان quot;سيارات الامن شوهدت وهي تنقل معتقلين من اهالي المدينةquot;، مشيرا الى ان السلطات quot;عززت من سيطرتها وما زالت قبضتها الامنية مستمرة في كل انحاء سورياquot;.

واعلن رديف مصطفى رئيس اللجنة الكردية لحقوق الانسان لوكالة فرانس برس quot;ان السلطات الامنية في القامشلي (شمال شرق) وعامودا والدرباسية المجاورتين لمدينة الحسكة (شمال شرق) قامت يوم امس واليوم باستدعاء عشرات الناشطين الحقوقيين والمشاركين بالمظاهرات، واجبرتهم على التوقيع على تعهد بعدم الخروج الى التظاهرquot;.

في السياق نفسه، ذكر المحامي ميشيل شماس لوكالة فرانس برس ان القضاء السوري افرج بكفالة الثلاثاء عن ستة ناشطين ومثقفين، بينهم الكاتب فايز سارة والقيادي جورج صبرا والناشط كمال شيخو. كما افرجت quot;السلطات الامنية مساء الاثنين عن المحامي حسن اسماعيل عبد العظيم الامين العام لحزب التجمع الديموقراطي والباحث حازم نهار دون احالتهما الى القضاءquot; بحسب المحامي.

كما اشار الى ان quot;السلطات السورية اطلقت سراح الكاتب حبيب صالح بعد أن أتم مدة الحكم عليهquot;. من جانب آخر، اعلن مفتي درعا معقل حركة الاحتجاج التي تشهدها سوريا منذ 15 اذار/مارس، انه تراجع عن استقالته من منصبه، مؤكدا انها حدثت تحت الضغوط في اطار quot;مؤامرةquot; تهدف الى quot;التقسيم وبث الفتنة والطائفيةquot;.

ونقلت وكالة الانباء الرسمية quot;ساناquot; الثلاثاء عن مصدر مسؤول في وزارة الداخلية أن عدد الذين سلموا أنفسهم من quot;المتورطينquot; (في الاحتجاجات) ارتفع ليصل حتى اليوم الثلاثاء quot;إلى 2684 شخصًا في مختلف المحافظاتquot;. واشار المصدر الى ان السلطات quot;افرجت عنهم فورا بعد تعهدهم بعدم تكرار أي عمل يسيء إلى أمن الوطن والمواطنquot;.

وفي نيويورك، قامت دول غربية بمحاولة جديدة لحمل مجلس الامن الدولي على ادانة سوريا بسبب قمعها المتظاهرين المعارضين كما افاد دبلوماسيون. واثارت بريطانيا خلال اجتماع لمجلس الامن الاثنين رفض سوريا السماح لبعثة تقويم انسانية بالدخول الى مدينة درعا جنوب سوريا التي انطلقت منها تظاهرات الاحتجاج.

وتقوم دول غربية في موازاة ذلك بتسريع حملة لمنع سوريا من الحصول على مقعد في مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة خلال تصويت يجري الاسبوع المقبل. وافاد دبلوماسيون الثلاثاء ان الكويت ستكون مرشحة ضد سوريا لمقعد في مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة اثناء تصويت الاسبوع المقبل، ما يزيد من الضغوط على نظام الرئيس بشار الاسد. وقال دبلوماسي ان quot;سوريا تلقت دعوات عدة من مجموعة آسيا لتنسحبquot;.

واوضح بيغي هيكس المسؤول في المنظمة غير الحكومية هيومن رايتس ووتش ان quot;ترشيح الكويت يقلص بالتأكيد فرص انتخاب سورياquot;. واضاف quot;على سوريا ان تنسحبquot;. يشار الى ان سوريا هي احدى اربع دول (مع الهند واندونيسيا والفيليبين) مرشحة للحصول على مقعد يمثل آسيا بموجب اتفاقية تتولى فيها كتل اقليمية المقاعد في هيئات الامم المتحدة.

من جهته، اعلن الاتحاد الاوروبي في بيان الاثنين انه تبنى رسميا العقوبات ضد 13 مسؤولا سوريا، اضافة الى الحظر على الاسلحة، وستدخل حيز التطبيق اعتبارا من الثلاثاء. وافادت الجريدة الرسمية للاتحاد الاوروبي التي نشرت الثلاثاء ان ماهر الاسد الشقيق الاصغر للرئيس السوري بشار الاسد يتقدم لائحة من 13 مسؤولا سوريا فرض عليهم الاتحاد عقوبات بسبب مشاركتهم في قمع التظاهرات.

وتنص هذه العقوبات على تجميد اصولهم ومنعهم من دخول دول الاتحاد الاوروبي. واعتبر وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي الثلاثاء quot;هذه العقوبات اشارة واضحة من اوروبا الى القادة السوريين لكي يوقفوا فورا الهجمات العنيفة على المتظاهرين والسجن التعسفي للمعارضينquot;.

واضاف quot;ان العقوبات التي قررها الاتحاد الاوروبي هي خطوة اولى. اذا واصلت دمشق القمع، فسنزيد الضغط وسنشدد العقوباتquot;.
وذكرت وكالة سانا انه quot;تظاهر العشرات من نساء الحزب الشيوعي السوري اليوم (الثلاثاء) أمام مقر بعثة المفوضية الاوروبية والمئات من المواطنين امام السفارة الفرنسية بدمشق احتجاجا على مواقف الاتحاد الاوروبي وفرنسا تجاه الاحداث التي شهدتها بعض المناطق في سورياquot;.

من جهة اخرى، قالت صحيفة الوطن السورية المقربة من السلطة نقلا عن مصدر مطلع ان الصحافية دوروثي بارفيز التي تعمل في قناة الجزيرة الفضائية القطرية quot;غادرت سوريا في الاول من ايار/مايو دون ان تكشف وجهتها النهائيةquot;. الا ان قناة quot;الجزيرةquot; الفضائية القطرية اكدت الثلاثاء انها لا تزال تجهل مصير الصحافية دوروثي بارفيز نافية بذلك المعلومات التي ذكرتها الصحيفة السورية حول مغادرتها دمشق وطالبت بالافراج عنها.

وكانت الجزيرة اعلنت ان السلطات السورية اوقفت بارفيز منذ وصولها الى دمشق في 29 نيسان/ابريل. وتقول منظمات للدفاع عن حقوق الانسان ان ما بين 600 و700 شخص قتلوا في سوريا منذ اندلاع حركة الاحتجاج في 15 اذار/مارس فيما اعتقل ثمانية الاف اخرين على الاقل.