اطفال سوريون لجأوا مدرسة في لبنان بعد ان قدموا من معبر الدبدبية الحدودي شمال لبنان |
وادي خالد: في الجانب اللبناني من النهر الكبير الذي يفصل لبنان عن سوريا، يجلس عشرات النازحين السوريين وعيونهم مسمرة على الطرف الآخر من الحدود حيث على قاب قوسين منهم، تعيش قراهم وعائلاتهم ووطنهم فصولا دموية من المعاناة.
ويتناقلون اخبارا يصعب التأكد من صحتها في ظل انقطاع الاتصالات والتعتيم الاعلامي الموجود في سوريا، ويقول احدهم quot;أمس، قتلوا عائلتين، من بينهم أطفالquot;.
ويتحدث هؤلاء بصفة الغائب عن quot;الشبيحةquot;، وهم مسلحون مدنيون يدينون بالولاء للنظام وتنسب اليهم أعمال العنف في المدن المنتفضة على نظام الرئيس بشار الاسد منذ 15 آذار/مارس.
وقد سلك الاف السوريين معبر البقيعة غير الرسمي في شمال لبنان خلال الاسابيع الماضية هربا من اعمال العنف في بلادهم. الا ان المعبر تعرض لاطلاق نار الاحد من داخل الاراضي السورية، ما جعل حركة العبور عليه تتراجع. ووصل مئات السوريين الاثنين الى لبنان بعد ان سلكوا طرقا اخرى وعرة عبر البساتين والانهر.
ويقول طارق، وهو عامل يرفض الكشف عن اسمه كاملا، quot;الناس الذين يعبرون النهر يجازفون بحياتهم، والدي وشقيقي ما زالا هناكquot;، في اشارة الى مدينة تلكلخ السورية المجاورة التي تعرضت للاقتحام الاحد بعد ايام من الحصار على يد الجيش السوري، بحسب ناشطين.
وقد عبر طارق الحدود السورية اللبنانية تحت جنح الظلام، عبر البساتين. لكن عددا من رفاقه في الطريق اصيبوا برصاص قناصة سوريين، كما يقول.
ويضيف quot;أعمال القتل هناك تجري على أساس طائفيquot;، متهما quot;مسلحين علويينquot; موالين للنظام بقتل السنة. quot;انهم يدمرون منازل ومساجد. هل هذا معقول؟quot;.
وتتهم السلطات السورية المحتجين السوريين بانهم quot;سلفيونquot; وquot;متطرفونquot;. وذكرت وسائل اعلامية قريبة من النظام السوري الاسبوع الماضي انه تم اعلان quot;امارة اسلاميةquot; في تلكلخ. ويصعب على وسائل الاعلام التأكد من صحة ما يجري في سوريا، في ظل القيود التي تفرضها السلطات على وسائل الاعلام.
ويؤكد نازح قادم من تلكلخ لفرانس برس quot;لا يوجد ارهابيون لدينا، ولا يوجد سلفيونquot;.
ويروي بعد رفض الكشف عن اسمه quot;سمعنا بمجزرة استهدفت عائلتين مع الاطفالquot;، مشيرا الى ان quot;هناك جرحى وجثثا في الشوارع لا يجرؤ احد على نقلهاquot; الى المستشفيات.
ويضيف quot;انهم الشبيحة، لا أحد يمكنه التصدي لهمquot;.
وقتل عشرة اشخاص على الاقل الاحد على ايدي القوات السورية في تلكلخ، بحسب ناشطين.
ويطالب عمار الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية نبيل العربي quot;بالتحركquot;، قائلا quot;يتم تدمير مبان من اربع طبقات أو خمس بالقصفquot;.
ويضيف quot;لقد فقد هذا النظام القمعي شرعيتهquot;.
ويقول شاب الى جانبه quot;انها ابادة جماعية، لماذا لا تحرك الدول العربية ساكنا؟quot;.
وتروي هالة (19 عاما) التي تقيم منذ ايام مع والدتها واشقائها الخمسة في منزل ابنة خالتها في البقيعة القريبة من الحدود، quot;السبت، كنا حوالى مئة شخص في مستوعب استهدفه رصاص قناصة سوريينquot;.
وتتحدث عن الرعب الذي عاشته في تلكلخ quot;انهم شبيحة ماهر الاسد (شقيق الرئيس السوري). لقد رأيتهم في تلكلخ قبل أن نرحل، كانوا يرتدون ملابس سوداء ويطلقون النار على النساء والاطفال في الشوارعquot;.
وتضيف quot;قبل ان نرحل رأيت حوالى خمسين دبابة في المدينةquot;.
وتؤكد الشابة انها شاركت مرات عدة في quot;تظاهرات للمطالبة باسقاط النظامquot;.
عند معبر البقيعة، يتجمع عشرات السوريين هاتفين هم ايضا quot;الشعب يريد اسقاط النظامquot;، قبل ان يفرقهم الجيش اللبناني.
ويقول احدهم رافضا كغيره الافصاح عن هويته كاملة quot;الجيش السوري يستهدف منازلنا بالدبابات والصواريخquot;.
وتقع مدينة تلكلخ على مسافة 150 كيلومترا شمال غرب العاصمة دمشق، وهي محاذية لمنطقة وادي خالد الحدودية في شمال لبنان، ومنها وصل العدد الأكبر من النازحين الى شمال لبنان.
وتشهد سوريا منذ شهرين حركة احتجاج لم يسبق لها مثيل أسفرت عن مقتل 850 شخصا على الاقل بحسب المنظمات الحقوقية.
وبلغ العدد الاجمالي للنازحين السوريين الى شمال لبنان منذ نهاية نيسان/ابريل حوالى خمسة الاف، على ما افاد احمد خلف، مدير مركز الخدمات الانمائية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية في بلدة البيرة الشمالية.
وقالت أم علاء التي وصلت الى الاراضي اللبنانية مع زوجها واطفالها الستة ليل الاحد الاثنين quot;مشينا تحت القصف مجتازين الانهار والاراضي الوعرة على مدى ساعة ونصف الساعةquot;.
واضافت quot;قتلت احدى قريباتي مع اولادها الثلاثة عندما انهار منزلهم عليهم. ليس لدينا ماء او كهرباء في تلكلخ والقصف طال الافران، فيما قطعت الاتصالاتquot;.
التعليقات