نهر النيل عابرًا وسط العاصمة المصرية القاهرة

أكد المسؤول المصري السابق عن ملف المياه مع دول حوض النيل في حوار مع إيلاف أن الأزمة التي وقعت أخيرًا بين مصر وبعض دول حوض النيل ترجع إلى مصالح بعض السياسين، مشدداً على إيجابية العلاقة بين بلاده وشمال السودان وجنوبه.


نفى عبد الفتاح مطاوع المسؤول السابق عن quot;ملف المياه مع دول حوض النيلquot; في وزارة الموارد المائية والري في مصر، ونائب رئيس المركز القومي لبحوث المياه حاليًا في حوار مع quot;إيلافquot; وجود أي أزمة أو مشكلة حول حصة مصر من مياه النيل. وأكّد على إيجابية العلاقة بين بلاده وشمال السودان وجنوبه،كما هو الحال مع باقي دول حوض النيل.

والمح إلى أن الأزمة التي وقعت أخيراً بين مصر وبعض دول حوض النيل ترجع إلى مصالح بعض السياسين في تلك الدول، وأن ما يجري حالياً هو سيناريو تكرر ثلاث مرات سابقاً، وذلك في عهد جمال عبدالناصر وأنور السادات وأيضا خلال النظام السابق.

وأشار في حديثهعن الهجمة الإعلامية حول موضوع المياه إلى أنهليس إلا هرطقات يقوم بها مجموعة من السياسيين المحليين ومن الخارج بهدف الشهرة الإعلامية ولفت الأنظار. وذكّر أن مصر قامت بالمشاركة في تمويل وبناء سد quot;أوينquot; لتوليد الطاقة في أوغندا في الأربعينيات قبل بناء السد العالي في مصر. كما إنه تطرّق إلى قضايا محلية وخارجية عدة تتعلق بملف المياه وتوقعاته وتصوراته للمستقبل وإليكم ماجاء به في هذا الحوار:

1- ماهي قراءتك للمشهد المائي حالياً في مصر بمعطياته الراهنة؟

يتلخص الموقف المائي في وجود حصة من مياه النيل، تشكّل 95% من أساس الموارد المائية في مصر. تبلغ حصة مصر فيها نحو 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، بينما تبلغ حصة السودان نحو 18.5 مليار متر مكعب، وذلك طبقاً لإتفاقية عام 1959 بين مصر والسودان للإنتفاع الكامل من مياه النيل.

كما هناك 10 مليار متر مكعب من المياه تتبخر من بحيرة ناصر سنوياً، بما معناه أن إيراد نهر النيل يبلغ نحو 84 مليار متر مكعب، إضافة إلى وجود جزء ثان من الموارد المائية يتمثل في جزء متجدد، وآخر غير متجدد، مثل المياه الجوفية، وهو أحد المصادر الرئيسة للموارد المائية في مصر، ولكي نستطيع توفير إحتياجاتنا يجب أن تكون هناك برامج لإعادة إستخدام المياه، أي تدوير مياه الصرف الزراعي في الريّ مرة أخرى.

2- يتوقع الخبراء حدوث أزمة مائية في مصر عام 2015، ما هو تعليقك على هذا الكلام؟

بما أن مصر تعتمد أساساً على مياه نهر النيل، فجزء من المشكلة يعود إلى أن حصة مصر من مياه النيل ثابتة في الوقت الذي يتزايد به عدد السكان، ودائمًا نتحدث عن مشكلة المياه، وننسى أن هناك متغيرات كثيرة تحدث، لا سيما التغيرات الديموغرافية، وإذا قمنا بمقارنة بين عدد سكان مصر، الذي لم يكن يتجاوز 4 مليون في زمن محمد علي وعدد السكان اليوم الذي يناهز 84 مليون نسمة، سنجد أن الفرق زاد خلال مئتي عام 21 مرة، وكانت مصر في السابق تستخدم 48 مليار متر مكعب من المياه، وبعد إنشاء السد العالي أصبح حجم الإستخدام نحو 55.5 مليار متر مكعب.

ثم يضيف موضحاً: quot;لا أقول أن زيادة السكان مشكلة، ولكن يجب إعادة هيكلية في طريقة إستخدماتنا للمياه من أجل سد حاجاتنا في مجال الزراعة والصناعة، إضافة إلى توفير مياه الشربquot;.

ويتابع: quot;تتوقف فرص زيادة الحصة المائية لمصر على إستقرار الوضع الأمني في دول منابع نهر النيل، خاصة في جنوب السودان، حينها نستطيع تنفيذ مشروعات إستقطاب الفواقد الموجودة في جنوب السودان، التي من الممكن أن توفر لمصر نحو 18مليار متر مكعب من المياه مناصفة بين البلدين، لكل منهما تسعة مليارات، وبالتالي فمن الممكن إضافة نحو 9 مليار متر مكعب إلى حصة مصرالحالية، شريطة وجود أمن وإستقرار في هذه الدول، لا سيما بعد الحرب الأهلية التي وقعت بين شمال السودان وجنوبه،والتي إمتدت بين عام 1983 حتى عام 2005، من جهة أخرى كي تحل مصر مشكلتها، أعتقد أن عليها إستيراد بقية غذائها من القمح وغيره من الخارج، وبناء عليه لابد أن يكون للمجتمع المصري المقدرة على إنتاج صناعات تكون القيمة المضافة عليها عالية.

3 - من المقرر الإعلان عن قيام دولة حديثة في جنوب السودان في شهر يوليو/تموز المقبل، وبالتالي ستنضم تلقائياً إلى دول حوض النيل. ما هي إنعكاسات ذلك على الموقف المائي لمصر؟

هناك إتفاقية جرت عام 1959 بين مصر والسودان الموحد، وفي حال وجود دولتين مستقبلاً، تبقى الإتفاقية قائمة، لأن الإتفاقيات الدولية يتم توارثها، وأرى في موضوع المياه بأن العلاقة بين مصر من ناحيةوشمال السودان وجنوبهمن ناحية أخرى إيجابية، لا سيما ما حصل أخيرًا بعد زيارة رئيس وزراء مصر د.عصام شرف إلى السودان ولقائه بالرئيس عمر البشير وبرئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير،اللذين أكدا تأيدهما موقف مصر في موضوع المياه وأنه لا توجد مشكلة.

4 - ماذا عن قناة جونجلي في جنوب السودان، التي تم بدء العمل فيها قبل سنوات، ثم توقف نتيجة الحرب الأهلية وإنسحاب الشركة الفرنسية المنفذة للمشروع؟ وهل يمكن إستئناف العمل فيها مرة أخرى خلال الفترة المقبلة؟

- بدأ كل من مصر والسودان أعمال الحفر في قناة جونجلي عام 1978 وذلك عن طريق شركة فرنسية، كان من المفترض أن يبلغ طول القناة نحو 360 كيلو متر، تم حفر 280 كيلو متر تقريباً، وذلك في الفترةالممتدة بين عام 1978 وشهر نوفمبر/تشرين الثانيمن عام 1983 تاريخ إندلاع الحرب الأهلية في الشمال والحنوب السوداني، فبقي 80 كيلو متر لم يتم الإنتهاء منهم نظراً إلى ظروف الحرب التي أدت إلى مصرع بعض الخبراءالفرنسيين وتوقف العمل منذ ذلك الوقت.

ويتابع مطاوع quot;كي نستطيع إستئناف العمل مجدداً في تلك القناة، لابد من توافر الأمن والإستقرار في جنوب السودان وهذا ما نأمله، والحكومة المصرية تساعد حكومة الجنوب السوداني كي تستقر فيالعديد من المشروعات التنموية، وستوفر قناة جونجلي في مرحلتها الأولى نحو 4 مليار متر مكعب من المياه مناصفة بين مصر والسودان. أما في المرحلة الثانية فستضيف القناة نحو ثلاثة مليارات أخرى مناصفة أيضاً، بما معناه أن مصر والسودان سيضاف إلى حصتيهما من المياه نحو 3.5 مليار متر مكعبquot;.

5- مع الزيادة السكانية في مصر ستتقلص حصة الفرد من المياه، ما السبيل للحفاظ على هذه الحصة؟ وهل توجد ثقافة توجيهية للإستهلاك لدى المصريين؟

- بالنسبة إلى حصة الفرد فمن البديهي أن تتناقص نتيجةً للزيادة السكانية، وإذا قسمنا حصة مصر من مياه نهر النيل وهي 55.5 مليار متر مكعب على 85 مليون فرد، ستكون حصة الفرد سنوياً حوالي 700 مترمكعب من المياه، بينما إحتياجات الفرد من المياه سنوياً لكي ينتج غذاءه 1000متر مكعب، وهنا نتحدث في حال لو كنا مجتمعًا زراعيًا فقط، وبالتالي إن كمية المياه الموجودة في تلك الحالة تكفي لنحو 5.5مليون مصري فقط، فماذا لو أصبح عدد السكان 150 أو 200 مليون نسمة مع حلول عام 2050.

ويضيف:معنى ذلك أن جزءًا كبيرًا من غذاء الشعب المصري لابد إستيراده من الخارج، لذا لا بد من إعادة النظر في كمية المياه الموجودة حالياً، لذا أرى أنه من الأفضل التوجه إلى مجال الصناعة،وأن نعمل في صناعات القيمة المضافة العالية، فلكي ننتج طن واحد من الأسمنت نحتاج مترًا مكعبًا من المياه فقط، ولكي ننتج كيلو واحدًا من القمح نحتاج الكمية نفسها من المياه. لذلك علينا إعادة هيكلة الإقتصاد المصري بما يتواءم مع محدودية المياه الموجودة.

6- توليت مسؤولية قطاع مياه النيل ودول حوض النيل في وزارة الموارد المائية والري في مصر منذ عشر سنوات وحتى شهر أبريل/نيسان الماضي، ماهي طبيعة دورك في هذا الملف المهم؟، وماذا عن مسؤوليتك التفاوضية مع دول حوض النيل خلال الفترة الماضية؟، وماردك على الإتهامات الموجهة إلى المسؤولين عن هذا الملف بوجود نوع من التراخي في التعاطي مع هذا الملف؟

- طبعًا عشر سنوات فترة زمنية طويلة، ويمكن تقسيمها إلى مراحل، ففي بدايات السنوات العشر،وعلى وجه التحديد منذ عام 1999 وحتى عام 2007، من الممكن القول عن هذه الفترة إنها كانت فترة شهر العسل في العلاقات بين مصر ودول حوض نهر النيل، ولم تكن هناك مشاكل، ولم يسمع أحد عن وجود مشاكل موجودة بين مصر وهذه الدول، وكان هناك تعاون في ما بين الدول العشر لحوض نهر النيل.

- المشكلة الموجودة في هذه الدول ليست مشكلة ندرة موارد مائية، بل إدارتها، فالموارد المائية الموجودة، منها هطول الأمطار عليها بنحو سبعة آلاف متر مكعب سنويًا، والأجزاء في هذه الدول التي تهطل عليها الأمطار حوالي 1660مليار متر مكعب من المياه.

ويضيف quot;نحن نتحدث عن كميات ضخمة من المياه موجودة، وإنما المشكلة في إدارة تلك الموارد، ويصل عند أسوان نحو 84 مليار متر مكعب من المياه، وهذا الفارق لم يضيع هباء، حيث هناك جزء منه في البحيرات يتم إستخدامها في صيد الأسماك، فمثلاً بحيرة فيكتوريا، وهي ثاني أكبر بحيرة مياهها عذبة على مستوى العالم، وهي تقع بين تنزانيا وكينيا وأوغندا، وتقدر مساحتها أنها أكبر 11 مرة من مساحة بحيرة ناصر، وهي حوالي 67 ألف كيلو متر مربع، والمفروض أن جزءًا من المياه يستخدم في صيد الأسماك.

وهناك جزء آخر يستخدم في الغابات، وجزء ثالث يتجه إلى المراعي الطبيعية، حيث يوجد في أثيوبيا 120 مليون رأس ماشية وأغنام، وجزء من هذه المياه يستخدم، وهو الفارق بين الـ84 مليار متر مكعب من المياه التي تصل عند أسوان، وهو مانطلق عليها بـquot;المياه الزرقاءquot;، وهناك فارق بينه وبينالمياه الخضراء، وجزء منها يتجه نحو الأسماك وجزء آخر يتجه نحو المراعي الطبيعية، وغيره يتجه نحو الزراعات المطرية، وهذا أساس المياه الموجودة، والمياه الموجودة كثيرة، ولكن الفكرة هي عملية إدارة لهذه الموارد المائيةquot;.

7- يبقى السؤال ما الذي أفسد شهرالعسل في العلاقات بين مصر ودول حوض نهر النيل بعد عام 2007؟

- للآسف الشديد تم تسييس موضوع مياه دول حوض نهر النيل في بداية الستينيات، والمشهد الذي نراه حاليًا هو كلاكيت ثالث مرة، حيث يتم إستخدام المياه كمادة للإبتزازالسياسي بين الدول، وقد يتصور الناس أنهاورقة ضغط، حيث إن بعض السياسيين في تلك الدول توهموا أن المياه من الممكن إستخدامها كورقة رابحة لأهدافهم السياسية.

وقد سبق إستخدام المياه في الستينيات على هذه الصورة في عهد عبدالناصر عندما أرادت مصر بناء السد العالي، وكان هناك موقف مناهض من الغرب وعرقل تمويله، كما إستخدمت في السبعينيات أثناءعهد السادات في مصر ومنجستو في أثيوبيا، وأعيد إستخدام المياه كذلك في الفترة الأخيرة، وهذه إحدى مشاكل المياه أنه يتم إستخدامها للإستهلاك السياسي المحلي، وهناك من الناس من يهوى الشهرة أو الظهور الإعلامي، سواء من وزرائنا في مصر أو من الوزراء الموجودين في دول حوض نهر النيل، وهذه أحد الأسباب التي تقف وراء هذا الضجيج الإعلامي الحاصل في ما يتعلق بموضوع المياه، والذي حصل أن بعض الوزراء والمسؤولين، سواء من أطراف خارجية أو محلية، أرادت أن تصنع لنفسها دوراً عن طريق إفتعال مشكلة أو أزمة، وأصلاً لا توجد مشكلة.

8- متى نشأت بالتحديد مشكلة المياه بين مصر ودول حوض نهر النيل وما دور إسرائيل في تصعيد هذه الأزمة؟ وماذا عن دور قطر في تمويل بناء سد الألفية العظيم او النهضة بأثيوبيا؟

- أطراف كثيرة خارجية لعبت في ملف موضوع المياه بداية منذ الستينيات، سواء الغرب أو الإتحاد السوفيتي سابقًا، و من الممكن أن تكون هناك أطراف كثيرة لاعبة فيه، والذين كانوا يريدون توصيله إلى مصر هو إيهام الناس بأنه لا توجد مياه غدًا، وهذا غير حقيقي، وهو مثل الطعم الذي يستخدم في الصيد، وللآسف الشديد فإن بعض الناس تصور أنه لن يكون هناك مياه، ولكن الواقع يقول غير ذلك.

المفروض أن هناك إتفاقيات جرت في الأعوام 1929، و1949و1953 بين مصر ودول هضبة البحيرات الإستوائية المتشاطئة على بحيرة فيكتوريا عندما كانت هذه الدول مستعمرة، وإتفاقيات بين مصر وهذه الدول في عام 1993عندما أصبحت مستقلة، وتنص على أن كمية معينة تخرج سنوياً من بحيرة فيكتوريا بإتجاه النيل الأبيض، وهذه الكمية تتغير من عام إلى آخر بناء على الأمطار التي تهطل في بحيرة فيكتوريا.

ثم يتابع وخلال السنوات العشرالماضية قامت أوغندا بصرف 70 مليار متر مكعب من المياه زيادة عن المنصوص عليه في الإتفاقيات بين مصر وبينهم، لكي تولد فيها كهرباء، فجزء من هذه المياه يضيع في المستنقعات الموجودة في جنوب السودان، وجزء آخر يتجه نحو السد العالي، ولو لم يكن هذا السد موجودًا كنا تأثرنا وقلنا لا، لأن المفروض أن هذه المياه تتجه نحو البحر، وإنما بوجود السد العالي أصبح هناك متغير جديد لابد من إستيعابه، حيث دخلت مصر أكثر من حرب بسبب السد العالي بعد تأميم قناة السويس، ثم جاء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وحروب الإستنزاف بين عام 1967و 1973 لتحرير الأراضي المحتلة في سيناء، وكل هذا كي نحصل على الإستقرار والأمن للحفاظ على حصة المياه السنوية.

ويضيف قائلاً أرى أن المياه لم تتأثر، و أن إيراد نهر النيل زاد في الخمسين عامًا الماضية عن 84 مليار متر مكعب، والناس تتحدث عن وجود مشكلة في مياه نهر النيل، وأصلاً لا توجد مشكلة على أرض الواقع، لأننا نتحدث في إطار بيانات وأرقام، وليس فتاوى شيوخ الفضائيات.

9- وماذا عن الإتهامات الموجهة إلى الوزير السابق محمود أبو زيد؟

- أعتقد أنه من الأفضل توجيه السؤال إليه، ولكنني أؤكد أن ملف المياه تم إستخدامه لأهداف سياسية معروفة، وما أريد قوله إن المياه تزيد ولا تقل، ولا توجد مشكلة في حصة مصر، فلماذا نريد إفتعال مشكلة؟.

خلال أحداث ثورة 25 يناير توقفت الإتصالات والمواصلات وغيره، إلا مياه النيل، بقيت تسري في مجرى النهر.

10- ماذا عن الإتفاقية الإطارية التي وقعها بعض دول حوض النيل في أوغندا في العام الماضي ولم توقع عليها مصر والسودان والكونغو حتى الآن؟

- توقيع هذه الإتفاقية هو إعلان مبادئ للتعاون في ما بين الدول الموقعة عليها، وعندما بدأنا مبادرة حوض نهر النيل كان هناك إتفاق على أنكل القرارات التي يتم إتخاذها، سواء في المفوضية الجديدة عندما تنشئ أو أثناء العمل في مبادرة حوض نهر النيل، تكون بتوافق جميع الأطراف، ولكن بعض دول إستعجلت، وقررت التوقيع، وهم أحرار في ذلك، وهذا لا يلزم مصر بأي شيء، لأن هذه الإتفاقية غير الزامية لنا.

11- لدى بعض المراقبين تحفظات على الحكومة المصرية حول هذا الملف بأنه ترك مسألة التفاوض في الإتفاقية الإطارية لوزارة الري فقط. هل شاركت وزارات أخرى مثل الخارجية وغيرها في المفاوضات مع دول حوض النيل؟

- كل الأطراف شاركت في المفاوضات، وتم عقد أربعين إجتماع تقريبًا طيلة فترة المفاوضات مع دول حوض نهر النيل، وتوصيات اللجان المشاركة في هذه المفاوضات كان يتم رفعها إلى اللجنة العليا لمياه النيل برئاسة رئيس الوزراء وعضوية اللاعبين الرئيسيين من الوزراء، وبناء عليه فالمفاوض المصري ليس هو مفاوض الري فقط، وإنما المفاوض المصري يحمل وجهة النظر الرسمية، ممثلة منكل الجهات الموجودة من داخل مصر، التي لها علاقة بهذا الملف، فالفكرة أن وزارة الري لم تنفرد بهذا الملف، بل شاركها وزارات سيادية أخرى.

12- ماذا حدث في الإجتماع الأخير لوزراء الري والمياه في دول حوض النيل الذي تم في شرم الشيخ؟

- إقترحوا توقيع إتفاقية، لكن الجانب المصري أبدى تحفظاته، وقلنا لهم إن هذا قراركم، لكننا ملتزمون، وفي إطار قواعد القانون الدولي لسنا طرفا معكم في هذا الإطار، إلا لو تم وضع الإعتبارات المصرية والسودانية داخل هذا الإطار، وهو عبارة عن مجموعة مبادئ للتعاون والتشاور عند تنفيذ مشروعات مائية تعود بالنفع على دول الحوض.

ويضيف quot;نحن لسنا ضد التنمية في دول حوض نهر النيل، وهذا إعلان للمبادئ للتعاون ما بين الدول عند دراسة أو تنفيذ مشروعات تعود بالنفع على دول حوض النيل، ومفتاح المشاكل وحلها، سواء في دول حوض نهر النيل أو داخل مصر هي التنمية، وتعتبر دول حوض النيل ان المساقط المائية لديها فرصة لتوليد الطاقة، ولا توجد لمصر مشكلة في ذلك، وقد سبق لمصر المشاركة في بناء quot;سد أوين quot; في زمن الأربعينيات في أوغندا على مخرج بحيرة فيكتوريا، وشاركنا وقامت مصر بتمويل هذا السد لتوليد الطاقة، وكان ذلك قبل بناء السد العالي في مصر، ومعظم السدود التي تنوي أوغندا بنائها لتوليد الطاقة درسناها في مصر، ولم نجد فيها أي تأثير على المياه الجارية في النيل، حيث تقوم هذه السدود بتخزين المياه اليوم، ثم تخرج ثانية بهدف توليد الطاقةquot;.

13- أوضح محمد إبراهيم منصور مدير مركز الدراسات المستقبلية في مجلس الوزراء المصري أن دول حوض النيل تستخدم فقط نسبة 4% من موارد النهر وأن نسبة 96% مهدرة ما تفسيركم لذلك؟

- نسبة الـ4% مياه زرقاء، حيث إن هناك 1660 مليار متر مكعب من المياه يستخدمونه في صيد الأسماك، وجزء منه يقومون بإستخدامه لزراعة الموز والكاسافا، وهناك نسبة الـ96% مياه خضراء، وقد إستفادت دول الحوض منها، والفكرة لدينا أن هذه المياه مهدرة، لكنها لم تهدر بعد، وجزء من المشكلة التي صنعها السياسيون هي أنهم جاءوا بتركيز شديد يريدون تقسيم نسبة الـ4% ويتركون نسبة الـ96%، ولو يريدون التقسيم الصحيح، فلابد من وضع كل الموارد المائية وتقسيمها بين دول حوض النيل، وهذا مايحدث في كل أنهار العالم.

14- في عهد الرئيس الراحل أنور السادات وبعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل طلب مناحم بيجين توصيل نسبة من المياه المهدرة من حصة مصر إلى صحراء إسرائيل، وقوبل الطلب بالرفض، وهناك من يؤكد أن إسرائيل تناور بورقة دول حوض النيل للضغط على مصر لتوصيل مياه النيل إليها ماتعليقك؟

- الفكرة أنه لا توجد مشكلة على حصة مصر من مياه النيل من واقع الأرقام والبيانات، ولايوجد ما يمسّ بحصة مصر من مياه النيل حتى هذه اللحظة، وهل هناك مصادر تؤكد أن مناحم بيجين طلب من السادات توصيل المياه المهدرة من حصة مصر إلى إسرائيل؟ وهل نحن نبحث عن حل لمشكلتنا أم حل لمشكلة الآخرين؟.

15- لكن هناك إتجاهًا داخل وزارة الري المصرية يحاول الرضوخ إلى ضغوط إسرائيل بتوصيل مياه النيل إليها، ويتردد أنكم ممن يؤيد هذه الفكرة، كما ذكرت روزاليوسف، في أحد أعدادها خلال شهر أبريل الماضي. ماتعليقكم ؟

- ملف المياه تم تسييسه بغرض الإبتزاز بين الدول وبعضها والإستهلاك السياسي المحلي، وما يتردد هو للإستهلاك المحلي، ويضيف quot;ناس عايزه تعمل فيلم بالأونطةquot;.

16- أعلنت بعض المصادر أخيرًا أنه تم الإتفاق بين مصر والسودان وأثيوبيا لتكوين لجنة فنية لدراسة وضع سد الألفية الأثيوبي قريبًا. هل يعني ذلك إمكانية حلحلة الموقف وبدء مفاوضات جديدة؟

-المؤشرات الأخيرة تؤكد وجود تقارب بين مصر ودول حوض النيل، والدبلوماسية الشعبية لعبت دورًا جيدًا، فضلا عن زيارة رئيس الوزراء إلى أثيوبيا، كلها مؤشرات إيجابية.

17- هل أثرت ثورة 25 يناير على ملف المياه مع دول حوض النيل إيجابا؟

- الثورة المصرية من أعظم الإنجازات في تاريخ مصر، وأثناء سفري إلى الخارج خلال شباط/ فبراير وآذار/ مارس ونيسان/ أبريل لاحظت أن صورة مصر في العالم تغيرت إلى الإتجاه الإيجابي، وأرى أن هناك تقديرًا وإحترامًا لمصر.

18- أخيرا ماهو تصوركم المستقبلي وتوقعاتكم بالنسبة إلى ملف حصة مصر من مياه نهر النيل وعلاقتها ببقية دول حوض النيل؟ وما التدابير المطلوبة من جانب مصر؟

- من الناحية الإستراتيجية أرى ضرورة أن تكون علاقة مصر مع دول حوض النيل قوية جدا، وأن ندعم هذا الإتجاه، ولو أننا دعمنا هذا الإتجاه، سنحلّ جزءًا من مشاكلنا ومشاكل دول حوض النيل، وهذا جزء أساسي من إستراتيجية مصر للتعاون مع دول حوض النيل، ثانيًا، وهو الخاص بإستخدامات الموارد المائية داخل مصر، وأعتقد أن هذا يتطلب إعادة النظر في أشياء كثيرة، من خلال برامج ري، تتطلب إستكمالها ودعمها وتدبير مواردها المالية اللازمة، مثل المشروع القومي لتطوير الري في الأراضي القديمة، كذلك في الأراضي الجديدة، وهناك عمل كثير مطلوب، ولابد من القيام به، لأن العامل المحدد للتنمية في مصر هو المياه.