أكدت اليوم تقارير صحافية أن السبب وراء النجاح في إلقاء القبض على مجرم الحرب الهارب، راتكو ملاديتش، الذي عُثِر عليه مختبئاً بداخل منزل مظلم بقرية صربية الأسبوع الماضي، هو أسلوب الضغط المنهجي الذي مورس على شبكة مؤيديه المتراجعة واستنزاف شريان الحياة المالي الخاص به، حيث كانت شكواه الأكثر مرارة عند إلقاء القبض عليه هو طلب الحصول على معاشه العسكري المجمد والذي يقدر بـ 140 يورو شهرياً، طبقاً لما ذكره محققون صرب في هذا الشأن.

فمن جانبه، قال برونو فيكاريتش، نائب المدعي العام لجرائم الحرب :quot; سأل عن معاشه ثلاث مرات: وكان يقول ( أحتاج معاشي. أحتاج معاشي )quot;. وأوضحت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية أن تساؤلات ملحة مازالت تدور الآن حول هوية الجهة التي وفرت الحماية لملاديتش. وقالت حكومة الرئيس بوريس تاديتش الموالية للغرب أنها ستفتح تحقيقاً، وهو فحص دقيق من الناحية السياسية من الممكن أن يؤدي إلى اعتقال مسؤولين حكوميين سابقين وربما حتى مسؤولين دينيين، حيث قال ملاديتش بعد اعتقاله إن كثير من الكهنة كانوا يزورونه على مر السنين.

وأشار فيكاريتش إلى أن طلب ملاديتش الحصول على معاشه ndash; الذي تم تجميده في 2005 أثناء هروبه ndash; يعكس وجود إستراتيجية محسوبة من جانب المحققين لقطع علاقاته بالأصدقاء والمؤيدين وكذلك السيولة النقدية، من أجل الحد من خيارات الاختباء أمامه.

وأكدت الصحيفة أنه تم إتباع تلك الإستراتيجية على مدار 3 أعوام، وهي الفترة التي نفذ فيها الصبر على نحو متزايد لدى الدول الغربية ومدعي جرائم الحرب الدولية، سيرغي براميرتز، الذي كان يتساءل باستمرار حول إصرار صربيا في ما تبذله من محاولات من أجل العثور على ملاديتش، وهو أكثر مجرمي الحرب المطلوبين من فترة الصراع التي شهدتها منطقة البلقان. ولا تزال تثار تساؤلات حتى اليوم حول ما إن كانت الحكومة الصربية، التي لطالما تم الاشتباه في أنها تعرف مخبأ ملاديتش، قد تحركت أخيراً لإلقاء القبض عليه، بعد تعرضها لمجموعة من الضغوط.

وقالت وكالة الاستخبارات الصربية، التي تعاونت في القضية مع محققي جرائم الحرب، إنها تعمل الآن على إعادة صياغة التحركات الدقيقة لملاديتش منذ العام 2006. وأوردت الصحيفة في الإطار عينه عن فيكاريتش، قوله :quot; كنا نهدف إلى قطع الدعم المالي عنه، وذلك لم يكن يتم في الصحف. وقد عملنا على هذا الأمر لمدة عامين أو ثلاثة. وقمنا بقطع اتصالاته مع أصدقائه وبعض الشركات ndash; وكل من كان يتحمل نفقاته. لذا، كان يذهب لمنازل بعينها في النهاية، وبدأنا نراقب بالطبع أقاربهquot;.

ولفت فيكاريتش إلى أن المحققين أصدروا خلال الأسبوع الذي اعتقل فيه ملاديتش 10 أوامر تفتيش لمنازل تتبع مؤيديه، وسط دلائل على أن المبالغ النقدية المشبوهة التي عثروا عليها بدأت تقل. وفي المقابل، كان يشكو محامي أسرة ملاديتش، ميلوس سالجيتش، طيلة أشهر من الضغوط الصارمة التي يواجهها أقارب ملاديتش. وأوضح المحققون أن ملاديتش كان بحوزته 800 دولار، حين ألقي القبض عليه.