الرئيس اليمني علي عبدالله صالح

دبي: يملك الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ما يكفي من القوة والاوراق للتمسك بالسلطة ولو على حساب انحدار بلاده نحو دوامة العنف، فيما تبدو خيارات المجتمع الدولي والجيران الخليجيين لدفعه الى التنحي محدودة، بحسب محللين.

وفي المقابل، يرى المحللون ان المعارك بين قوات صالح والقبائل همشت المعارضة وشباب quot;الثورة السلميةquot; على حد سواء، وابعدت احتمال انتقال السلطة الى نظام جديد. وقال مصطفى العاني مدير قسم دراسات الامن والدفاع في مركز الخليج للابحاث بدبي ان quot;الميزان العسكري ما زال يميل الى صالح الذي يسيطر على قوات النخبة ... فيما القوات التي قامت بالتمرد تمثل القوات التقليديةquot;.

واشار الى ان هذه القوات المنشقة بقيادة اللواء علي محسن الاحمر quot;قررت عدم التورط في مواجهات عسكرية وهي لا تتواجد بكثافة في صنعاءquot;. اما العنصر الثالث في المعادلة العسكرية، فهي القبائل، وتبقى محدودة الاهمية عسكريا.

وذكر العاني ان المعارك التي يخوضها انصار الزعيم القبلي النافذ صادق الاحمر والذي كان في الماضي يعد مع علي محسن الاحمر، من اهم اركان النظام، quot;محدودة الاهمية وهي تدور حول منازل آل الاحمر في منطقة بصنعاء تكمن اهميتها بانها تحوي جميع وزارات الدولةquot;.

ولم تدخل القبائل الكبرى الاخرى في الصراع حتى الآن، لاسيما قبيلة بكيل الاكبر عددا، فيما انصار الاحمر في الشارع هم بالمئات فقط. ويؤكد العاني بان علي عبدالله صالح الذي رفض في اللحظة الاخيرة التوقيع على المبادرة الخليجية التي تنص على تنحيه بالرغم من تاكيده القبول بها، quot;قادر على البقاء في السلطة والامساك بزمام الامور في ظل الاوضاع الحاليةquot;.

من جانبه، قال الخبير في معهد بروكينغز في الدوحة ابراهيم شرقية quot;يبدو ان صالح اتخذ قرارا بالبقاء وبفرض شروط رحيلهquot;. وبحسب شرقية، فان صالح quot;يعتقد انه ما زال يسيطر على الجيش، وهذا صحيح لدرجة كبيرة لانه يسيطر على ثلثي الجيش اليوم، وحتى الآن لم نشهد حركة انشقاق اكبر لتغيير الموقفquot;.

اما عامل الضغط الخارجي، فيبدو ضعيفا بالرغم من التصريحات القوية حول ضرورة تنحي صالح من قبل واشنطن والاوروبيين. وقال العاني في هذا السياق ان عنصر الضغط الخارجي quot;ضعيف جداquot; فالخليجيون quot;اوقفوا مبادرتهمquot;.

اما الاميركيين فهم يعتقدون بحسب العاني بان quot;الرهان على صالح للحماية من القاعدة ما زال قائماquot;. ويرى العاني ان quot;انهيارا كاملا للنظام من دون بديل له سيؤدي الى وضع اخطرquot; وبالاطراف الخارجية quot;تتحاشى حدوث فراغ في السلطةquot;.

والمبادرة الخليجية التي كانت بادرة امل شبه وحيدة للوضع في اليمن، باتت quot;في حكم المنتهيةquot; بالنسبة للمعارضة اليمنية بعد ان وقعتها ورفض توقيعها الرئيس. وقال شرقية ان المبادرة الخليجية هي quot;من دون انيابquot; وتطرح quot;حلا يقبل طواعية من قبل الاطرافquot; ولا quot;تمارس ضغطا على اي طرف يرفضها، وفي هذه الحالة على صالحquot;.

اما الرد الاميركي على الوضع في اليمن فهو quot;اقل من المتوقعquot; بحسب شرقية الذي حذر من مخاطر ذلك على الولايات المتحدة نفسها. واكد شرقية ان الوضع في اليمن يمثل quot;مسالة امن قوميquot; بالنسبة لمجلس التعاون، فquot;الانحدار الحالي نحو الحرب الاهلية يجب ان يسعى المجلس الى وقفه لان هكذا حرب يمكن ان تنتقل الى الدول المجاورةquot;.

لكن الكسب الابرز الذي صب في مصحلة صالح مؤخرا، هو اندلاع القتال مع القبائل، الامر الذي اضعف دور المعارضة البرلمانية وهمش quot;الثورة السلميةquot; التي يقودها الشباب المطالبين باسقاط النظام منذ كانون الثاني/يناير.

فحشود ساحات التغيير في اليمن تقلصت على وقع الرصاص. وقال العاني ان quot;الحشود الغفيرة التي كنا نراها في الساحات اصبح لها دور هامشي، والمعارضة، وهي غير موحدة اصلا، سحبت من المعادلةquot;. وبحسب الخبير، quot;تحول الصراع الى داخل اركان النظامquot;، اي بين الرئيس وآل الاحمر وعلي محسن الاحمر.

واكد العاني انه حتى لو اجبر صالح الآن على تسليم السلطة، فسيكون ذلك ضمن ترتيب مع هذين الركنين وليس مع المعارضة او الشباب. وقال quot;الحل الذي يمكن ان ياتي الان هو ضمن اركان النظام، بين الاحمر والاحمر وصالح، وبالفعل نشاهد الآن بروز امكانية نقل السلطة ضمن اركان النظامquot; فصالح quot;لا يريد ان تستلم المعارضة السلطة لانه بكل بساطة لا يريد ان يتحول الى مبارك آخرquot; في اشارة الى الرئيس المصري السابق.

وبالرغم من احتدام المعارك في صنعاء، يرى العاني انه quot;لا يجب استبعاد امكانية التوصل الى اتفاق بين الاطراف الثلاثةquot;. اما الحلم الذي اطلقته الحركة الشبابية حول قيام مجتمع مدني تقدمي في اليمن التقليدي، فقد بدأ بالتلاشي مع عودة العنصر القبلي بقوة.

واكد تقرير لمجموعة الازمات الدولية (انترناشنل كرايسيس غروب) هذا الاسبوع ان quot;الشباب من ابناء المدن والمجتمع المدني الذين اطلقوا الحركة الاحتجاجية سيكونوا اكبر الخاسرين من تطورات الوضع. ستهمش اصواتهم على وقع صراع السلطة بين النخب القبلية المدججة بالسلاحquot;.