البرقع الأفغاني

ما زال البرقع الذي يميز، بقماشه القابع فوق جسد المرأة الأفغانية، يشكّل حاجزاً كبيراً يحول دون ولوجها تفاصيل الحياة في بلد تتناهبه صراعات الدين والقبيلة والديمقراطية منذ سنوات.


عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: لم يعر الرجال أي اهتمام لمعاناة نسائهم الأفغانيات، بل يعمد كثير منهم للامعان في اضطهادهن وضربهن ضرباً مبرحا حد الاجهاض إن كانت إحداهن حاملاً، كما تقول كولبهار التي تحدثت لصحافيتين غربيتين من جريدة مترو الهولندية مع خمس صديقات لها في جنوب شرق أفغانستان حيث السطوة لمقاتلي طالبان الذين يواصلون معاركهم ضد قوات الناتو والجيش الأفغاني في كرٍ وفرٍ. وقد تم التمويه على أسماء النساء حفاظاً على حياتهن.

تقول السيدة ديلارام (42 عاماً) التي وافقت على اللقاء مع زميلاتها داخل مستشفى محلي تجنبا لاكتشافهن بأنهن يرغبن في أن يعرف العالم أنهن موجودات. وتضيف أن أخاها لو علم بأنّها تجري حواراً صحافياً لقتلها.

في الشارع ممنوع على النساء والصبايا الخروج دون ارتداء البرقع، فرجال طالبان ينتشرون في كل مكان بشكل ظاهر أو مخفي. ويحيط هؤلاء بمنزل ديلارام الذي قدمت اليه منذ عام 2001 وقد أصابت قذيفة هذا المنزل مؤخرا أثناء القتال.

الحرب في أفغانستان تركت بصماتها على وجوه الجميع وخاصة النساء. تقول quot;أفشانquot; إنها فقدت ابنيها خلال تفجير انتحاري. واضطرت quot;فوروخquot; لتربية أطفالها منذ أن كان عمرها 15 عاماً خلال ثلاث حروب.

لم يتغير من واقع المرأة في أفغانستان شيء سوى ما جرى في عام 2004 حين أشار الدستور الأفغاني إلى المساواة بين الرجل والمرأة، لكن سطوة التقاليد في بلد مثل أفغانستان لم تحقق هذه المساواة التي ينص عليها الدستور.

تقول كولبهار quot;لقد ولدنا وتزوجنا وأنجبنا وفق النمطذاته من الحياة الذي نمنحه لبناتنا أيضاً، إنني أخجل من ذلكquot;. ويمكن لأي رجل أن يتزوج من طفلة مقابل 15 ألف دولار في مقاطعة أورغون. وتعترف كولبهار بأنها عندما سمعت بأن زوجها قد باع ابنتها quot;حاولت أن أقتله، وتمنيت أن تدهسه سيارة ويموت، فأنا غير قادرة على مقاومة سلطتهquot;.

النساء الافغانيات يشعرن بالألم من تصنيفهن في هذا الدرك من الحياة بعيداً عن الاحتكاك مع الناس. ومحرم عليهن الظهور في الشارع بحرية بكامل صورهن، بل هن مجبرات على الخروج للشارع بالصوت فقط من دون صورة. تلاحقهن اتهامات واضطهادات الأزواج والاخوة، بكل حال، ويتعرضن للضرب كل يوم.

ولم تسعفهن قوات الناتو أو القوات الافغانية التي تزور المنطقة أحيانا حيث يهرب رجال طالبان. فالبرقع يلاحق حتى طالبات المدارس اليوم. فتضطر المرأة إلى حشر نفسها في البرقع الذي يحوّلها لكيان أزرق أو أسود تحسب خطاه أينما ذهبت. وقد كرهت النساء هذا الزي وكره بعضهن أنفسهن حيث بات لهن أشبه بتابوت.

ولا توجد في مقاطعة مثل أورغون إحصائية دقيقة للنساء إذ لايتم عدهن في أي تعداد للسكان في المقاطعات، بل يجري التكهن بنسبتهن من خلال المتزوجين بشكل تخميني، لكن لدى كل رجل أكثر من زوجة (يأمل الرجال بالزواج بأربع في هذه البلاد) وربما يصل بعضهن الى عشر نساء كحريم لرجل واحد.

تؤكد كولبهار (50 عاماً) أن زوجها الثمانيني يبحث عن زوجة أخرى الآن، لكنه لم يعثر على واحدة حتى اليوم. وتضيف quot;لقد تزوجت منه وأنا في سن العاشرة، وكان اجهاضي الأول في سن 13 عاماً، فزوجي يضربني باستمرار على بطني بقوة. وحين بلغت سن 19 عاماً اجهضت ست مرات. حيث فقدت خمسة أولاد وبنتا واحدةquot;.

جميع النساء الأفغانيات يعانين هذه المأساة اليوم. وتختم كولبهار بأن quot;هذه هي ثقافتناquot;، وعلى الرغم من أن أفغانستان هي اليوم دولة ديمقراطية، لكن لم يتغير شيء بالنسبة إلى النساء فيها.

يذكر أن حركة طالبان المتشددة فرضت البرقع عام 1996 على النساء وهو حجاب لونه أزرق فاتح يغطي كامل جسد المرأة ويحوي من جهة الوجه قماشا من اللون ذاته مشبكا بشكل كثيف للرؤية. ورغم سقوط حركة طالبان رسميا عام 2001 عن حكم أفغانستان بعد ضربات قوات التحالف الدولي الا أن البرقع مازال مفروضاً على النساء الافغانيات حيث تحول في كثير من المقاطعات كزي تفرضه التقاليد.