قوات الجيش السوريوصلت شمال البلاد

آخر تحديث 10:55 بتوقيت غرينيتش

قتلت قوات الأمن السورية تؤازرها مروحيات عسكرية الجمعة مدنيين عدة شاركوا في تظاهرات ضخمة مناهضة للنظام في مختلف أنحاء البلاد، وخصوصًا المناطق الشمالية الغربية، التي شهدت عمليات عنيفة من طرف الجيش.


دمشق: ذكر التلفزيون الرسمي السوري ان قوات الجيش والدبابات وصلت الى مدخل مدينة جسر الشغور شمالي البلاد وتمشط القرى المجاورة بحثا عن مسلحين.

وتلقي الحكومة السورية باللائمة على هؤلاء المسلحين في واقعة مقتل اكثر من مئة من قوات الامن في تلك المنطقة يوم الاثنين الماضي.

ويأتي ذلك بعد نحو ثلاثة اشهر على انطلاق الحركة الاحتجاجية في 15 اذار/مارس. ورغم العقوبات والاعتراضات من جانب المجتمع الدولي، يبدو نظام بشار الأسد مصممًا على استئصال الاحتجاجات بشكل دام، وهي ممارسات وصفتها أنقرة بانها quot;فظاعاتquot; ورأت فيها واشنطن quot;مذابحquot;.

وفي الوقت الذي تنقسم فيه الآراء في مجلس الامن الدولي حول قرار يدين القمع، اكدت واشنطن الجمعة انها تريد quot;زيادة الضغوطquot; على الرئيس السوري بشار الاسد، الذي تولى السلطة قبل 11 عامًا، خلفًا لوالده الراحل حافظ الاسد، لدفعه الى وقف اعمال العنف.

وقال مارك تونر quot;ينبغي اقامة ضغط دولي (...) سنواصل البحث عن طريقة لمضاعفة الضغوط عليهquot;.

إندلاع التظاهرات في عدة مدن وسقوط قتلى

وسجلت اعمال القمع الاكثر دموية في معرة النعمان، القريبة من جسر الشغور، في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، حيث سقط ما لا يقل عن 10 مدنيين برصاص قوات الامن الذين اطلقوا النار على عشرات آلاف المتظاهرين في معرة النعمان، بحسب شهود وناشطين.

وقتل متظاهر آخر في قرية قريبة من جسر الشغور، بحسب المصادر نفسها. وأحد المتظاهرين القتلى يدعى محمد الدغيم (30 عامًا). وأكد والده في اتصال هاتفي مع فرانس برس انه quot;اصيب في صدره برصاص احد القناصةquot;.

منطقة جسر الشغور السورية

وأكد الوالد وناشطون ان مروحيات عسكرية سورية أطلقت النار على الحشود. واكد ناشط حقوقي ان quot;المروحيات تقصف المدينةquot;.

وافاد رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن وكالة فرانس برس ان متظاهرين في معرة النعمان سيطروا على احد المراكز الامنية بعد فرار قوات الامن. وتدخلت مروحية إثر ذلك واطلقت النار على المركز ، بحسب المصدر عينه الذي تعذر عليه تقديم حصيلة للقصف.

وتحدث التلفزيون الرسمي السوري عن قصف مكثف من مجموعات quot;ارهابية مسلحةquot; ضد مقر امني أدى الى سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات الشرطة والامن.

وبسبب القيود المفروضة من النظام، يتعذر على الصحافيين التنقل بحرية في البلاد، كما يصعب تأكيد الاخبار الواردة من مصادر مستقلة.

تذكّر هذه الاحداث في معرة النعمان بما حصل الاثنين في جسر الشغور، المدينة الواقعة في المنطقة نفسها، والتي هجرها القسم الاكبر من سكانها، البالغ عددهم 50 الفا، بعد اعمال عنف، ادت بحسب دمشق الى سقوط 120 قتيلاً من قوات الامن. وقد عزا المعارضون هذه الوفيات الى تمرد في صفوف قوى الامن.

واعلن التلفزيون السوري عن وصول وحدات من الجيش الى quot;مشارف جسر الشغورquot;، وقال ان ذلك تم quot;استجابة لطلب السكانquot;. واشار الى اعتقال عناصر من مجموعات quot;ارهابيةquot; كانت تتلف محاصيل.

وقال النظام انه امر بالبدء بعملية عسكرية في جسر الشغور في محافظة ادلب quot;بناء على طلب السكانquot;. واعلن التلفزيون الحكومي ان quot;وحدات الجيش السوري بدأت تنفيذ مهامها في منطقة جسر الشغور للسيطرة على القرى المحيطة والقبض على العصابات المسلحة التي روّعت السكان وقامت بقتل عناصر من القوات الامنيةquot;.

الا ان شاهدًا قال لوكالة فرانس برس ان القوات العسكرية تقصف القرى المحيطة بجسر الشغور لدى تقدمها نحو المدينة. واضاف ان quot;الجنود اضرموا النار في حقول القمح في قرية الزيارةquot; التي تبعد خمسة عشر كلم جنوب شرق جسر الشغور.

ومن المناطق الكردية في الشمال الى مدينتي دير الزور وابو كمال في وسط شرق البلاد مرورًا بالعاصمة دمشق، حضّ الناشطون المؤيدون للديمقراطية، الذين دعوا إلى هذه التظاهرات عبر موقع فايسبوك، العشائر على الانتفاض في وجه النظام، ودعوا الى الدفاع عن مدينة جسر الشغور، التي شهدت مقتل العشرات شمال غرب سوريا.

ومرة اخرى، ردت السلطات بعنف موقعة ثلاثة قتلى في دمشق وتسعة في اللاذقية واثنين في درعا علاوة على 11 في محافظة ادلب، بينهم عشرة في معرة النعمان، بحسب المرصد.

إدانة تركية

وفي الوقت الذي قررت فيه تركيا الابقاء على حدودها مفتوحة، لجأ آلاف السوريين، معظمهم من جسر الشغور، الى تركيا في الايام الاخيرة. وادلى اللاجئون - الجرحى في كثير من الاحيان - بشهادات صاعقة عن الوسائل، التي يقولون ان قوات الامن تستخدمها لقمع المتظاهرين، وتشمل القصف بالمروحيات واطلاق النار على مواكب مشيعين او على مسعفين.

واعلن رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان 35 شخصًا -27 مدنيًا وثمانية عناصر من قوات الامن- قتلوا الاحد في المدينة وضواحيها.

وقال رجل اسعاف من الهلال الاحمر السوري يبلغ من العمر 29 عامًا اصيب برصاصة في الظهر في جسر الشغور، ونقل الاثنين الى احد مستشفيات انطاكيا في جنوب تركيا، quot;عملي هو انتشال اقصى عدد ممكن من الجرحى، ووضعهم في سيارة الاسعاف، ولم يكن لديّ الوقت للنظر الى ما يجري من حوليquot;.

وتابع quot;لكنني شاهدت الكثير من الجرحى، بالمئات. وعشرات القتلى، ربما مئةquot;. وفي رد فعل على هذا القمع الشديد ، أدان وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس الجمعة quot;المجازر ضد الابرياءquot; التي يرتكبها النظام السوري، معتبرا ان quot;شرعيةquot; الرئيس بشار الاسد اصبحت موضع تساؤل.

وادى القمع الى سقوط اكثر من 1200 قتيل، واعتقال ما لا يقل عن 10 الاف شخص، وفرار الالاف منذ 15 اذار/مارس، بحسب منظمات غير حكومية.

وتظاهر اكثر من ثمانية الاف شخص بعد صلاة الجمعة في ثلاث بلدات كردية في شمال سوريا، داعين الى الدفاع عن الحرية وحماية المدن التي يحاصرها الجيش، كما اعلن ناشط في مجال حقوق الانسان.

إنقسام في مجلس الأمن على إمكانية التصويت على قرار يدين القمع في سوريا

وحذرت سوريا بان كي مون الامين العام للامم المتحدة من ان مشروع قرار اوروبي يدين سوريا بسبب قمعها الدموي للمحتجين المناهضين للحكومة لن يؤدي الا الى تشجيع quot;المتطرفين والارهابيين.quot; وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم لبان كي مونفي رسالة حصلت رويترز عليها يوم الجمعة quot;من المهم ضرورة الا يتدخل مجلس الامن في الشؤون الداخلية لسوريا وهي عضو مؤسس للامم المتحدةquot;.

quot;اننا متأكدون تماما ان اي قرار يتبناه هذا المجلس تحت اي عنوان لن يؤدي الا الى تفاقم الوضع وارسال رسالة لهؤلاء المتطرفين والارهابيين مفادها ان التدمير المتعمد الذي يقومون به يحظى بدعم مجلس الامن.quot;

في نيويورك، لا يزال مجلس الامن الدولي يسعى في المقابل الى الاتفاق على مشروع قرار قدمته دول اوروبية بدعم من الولايات المتحدة، يدين القمع. ولا تزال روسيا تعارض بالواقع مشروع القرار معتبرة ان من شأنه ان يؤدي الى تفاقم الوضع. واعلن مبعوث خاص للرئيس الروسي الجمعة انه سيستقبل قريبًا وفدًا من المعارضة السورية في موسكو.

وفي جنيف، دعا رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر جاكوب كيلينبرغر الجمعة دمشق الى اتاحة quot;الوصول الفوريquot; الى المناطق التي تشهد أعمال عنف، معربًا عن استعداده للتوجّه شخصيًا الى سوريا للقاء السلطات هناك
.

أعمال العنف في جسر الشغور

واعلن التلفزيون الرسمي السوري صباح الجمعة عن بدء عملية في جسر الشغور في محافظة ادلب (300 كلم شمال دمشق) التي تشهد اعمال عنف متواصلة منذ ايام عدة. واعلن التلفزيون ان quot;وحدات الجيش السوري بدأت تنفيذ مهامها في منطقة جسر الشغور للسيطرة على القرى المحيطة والقبض على العصابات المسلحة التي روّعت السكان وقامت بقتل عناصر من القوات الامنيةquot;.

وقال شاهد لوكالة الأنباء الفرنسية ان القوات العسكرية تقصف القرى المحيطة بجسر الشغور لدى تقدمها نحو المدينة. واضاف ان quot;الجنود اضرموا النار في حقول القمح في قرية الزيارةquot; التي تبعد خمسة عشر كلم جنوب شرق جسر الشغور. غير ان معظم السكان قد فروا هذا الاسبوع من هذه المدينة الواقعة في محافظة ادلب والتي بدت الاربعاء quot;خاليةquot; بعد عمليات تمشيط بدأت في الرابع من حزيران/يونيو حسب ناشطي حقوق الانسان.

واكد التلفزيون ان quot;مجموعات مسلحة بثت الرعب بين السكان، وارتكبت فظاعات، واضرمت النار في المحاصيل الزراعية واحراش المناطق المحيطة بالمدينةquot;، وبثّ صور سكان يدعون الى quot;تدخل الجيشquot; الذي بات quot;ضروريًاquot; على حد قولهم.

كما اتهم التلفزيون الرسمي ايضًا عناصر تلك المجموعات المسلحة quot;بارتداء الزي العسكري والتقاط صور قبل دخول الجيش السوري، وذلك لإرسالها الى القنوات الفضائية، التي تحولت الى أداة حملة مغرضة ضد سورياquot;.

وكانت السلطات السورية اعلنت الاثنين ان quot;مجموعات مسلحةquot; قتلت 120 من عناصر الشرطة في جسر الشغور، لكن ناشطين حقوقيين وشهودًا نفوا هذه الرواية، واكد بعضهم ان أولئك قتلوا في قمع عملية تمرد داخل المقر العام للامن العسكري.

وتدفق مئات اللاجئين السوريين في الساعات ال24 الاخيرة الى تركيا ما يرفع الى 4300 عدد هؤلاء في مخيمات اقيمت على الحدود السورية جنوب تركيا، كما ذكرت وكالة انباء الاناضول نقلا عن السلطات المحلية.

وكانت حصيلة سابقة اوردتها وكالة الاناضول، تحدثت عن وصول ثلاثة آلاف لاجئ سوري فروا من قمع السلطات في بلدهم. ويتم ايواء هؤلاء اللاجئين في ثلاث قرى من الخيام في محافظة هاتاي.