بسبب اتساع ظاهرة الإدمان على مشاهدة الأفلام الجنسية على شبكة الإنترنت، بات بعض المتخصصين النفسيين يعتبرونها وباء القرن الواحد والعشرين، لما تحمله من انعكاسات اجتماعية ونفسية واقتصادية على الأفراد في المجتمع.


الإدمان لا يقتصر على الرجال

تحول الإدمان على مشاهدة الأفلام الإباحية في العالم، ولاسيما على شبكة الانترنت، إلى ظاهرة مقلقة بالنسبة إلى الكثير من المتخصصين النفسيين في العالم، وذلك بسبب التداعيات الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية لهذه العادة السلبية، بل إن بعض المتخصصين النفسيين بدأوا يعتبرونها الآن بأنها quot;وباء القرن الواحد والعشرينquot;.

وفي دليل على أن الأمر لم يعد ظاهرة فردية، بل اجتماعية واسعة، يشير المتخصصون إلى أنه يتم إنجاز فيلم إباحي جديد في العالم كل 39 ثانية، كما يتم شهريًا في العالم سحب أكثر من مليار ونصف مليار من الأفلام الإباحية من الانترنت، ولذلك أصبحت هذه الصناعة من أكثر الصناعات ازدهاراً وربحاً، لان الطلب عليها في تنامٍ، مع الازدياد الكبير في عدد مستخدمي الانترنت في العالم وسهولة الوصول إليها.

وتنبه الطبية النفسية التشيكية، زدينا دوشكوفا، إلى أن الأفلام الإباحية على الانترنت هي الآن واحدة من أكثر أنواع المخدرات سهولة في الوصول إليها من جهة، ومن الإدمان عليها من جهة أخرى، مشيرة إلى أن الأمر في غالب الأحيان يكون عبارةعن رغبة غير ضارة، يراد بها الإطلاع وتعزيز المعرفة الجنسية، ثم تتحول إلى نوع من الإدمان.

الطبيبة تؤكد أن تخلص الشخص من الإدمان على هذه الأفلام صعب من دون مساعدة الأطباء المتخصصين الذين يطلبون عادة من شركاء المدمن المساعدة في هذا المجال من خلال البحث عن سبب هذا الإدمان، ثم العمل على التخلص منه.

وتضيف أن المشكلة الأكبر في موضوع الإدمان تكمن عادة في مدى استعداد المدمن للاعتراف بأنه مدمن، لأنه لوحظ في الكثير من الأحيان حالات تتوقف فيها مختلف أعمال وحياة الشخص المدمن. أما هو فيسود لديه شعور مستمر بأنه يتحكم في إدمانه، وانه يمكن لهالتوقف متى يريد، وبالتالي فان لاشيء مقلقًا يحدث له، مما يعني أنه إذا لم يرد هو التغيير بنفسه، فإن أفضل أنواع العلاجات لا تنفع معه.

وتوضح الطبيبة طبيعة هذا الإدمان بالقول إن الإدمان على الأفلام الإباحية على الانترنت ينطبق علىالشخص المهووس بمتابعة هذه الأفلام وغير القادر على السيطرة على توقه وشغفه، الأمر الذي يؤثر على حياته كلها، كما هو الأمر لدى الناس المدمنين على أشياء أخرى، بسبب هروبهم من الحياة الواقعية. أما الدوافع لهذه الحالة فيمكن أن تكون عدم رضاهم عن حياتهم الجنسية ووجود إشكالات مع الشريك الحياتي أو في مجال العمل، وأيضًا في البحث عن محرضات جنسية جديدة.

وتضيف: quot;وكما في الأنواع الأخرى من الإدمان، فإن التوق لمادة الإدمان تكبر مع مرور الوقت، ويحتاج المدمن كميات اكبر كي يرضي نفسه، ويضطر إلى الخضوع لكل شيء من اجل الحصول على هذا الأمر، وبالتالي يدمّر حياته كلهاquot;.

وتنبّه الطبيبة إلى أن المدمنين في هذا المجال ليسوا من الشباب العازبين فقط، وإنما بينهم الكثير من المتزوجين الذي يعترفون بأن الأمر كان بالنسبة إليهم في البداية رغبة بالتخلص من ملل الحياة الزوجية ورتابتها، فتحول الأمر إلى إدمان لا يستطيعون التخلص منه، إلى درجة إنهم يضطرون خلال العمل إلى التفرج على مقاطع من هذه الأفلام.

بالتوافق مع تقويم الطبيبة التشيكية، يصف الطبيب النفسي الأميركي فيكتور كلينالأشخاص المدمنين في هذا المجال بأنهم الأشخاص الذين يشعرون بحاجة ماسة إلى متابعة هذه الأفلام حتى في مكان العمل ويمضون في التفرج عليهاعلى الأقل 11 ساعة أسبوعيًا.

وبالنظر إلى كون الإدمان لدى هؤلاء الأشخاص ليس ناجمًا من الإرادة، وفي تنام، فان هذا الأمر عاجلاً أو آجلاً يبدأ بتدمير حياتهم الخاصة وأعمالهم وأيضًا العلاقات الزوجية والعائلية، لأن تأثير متابعة الأفلام الجنسية على الدماغ، حسب المتخصصين، مشابه للإدمان على الكوكايين.

الإدمان لا يقتصر على الرجال

لا يقتصر الإدمان على متابعة الأفلام الإباحية على الانترنت على الرجال فقط، وإنما يصيب النساء أيضًا، غير أن عددهن بطبيعة الحال أقل. ووفق إحصائية لمعهد التجديد الجنسي في الولايات المتحدة يوجد في حالة إدمان على أفلام الانترنت الإباحية 4 مليون شخص بالغ في الولايات المتحدة، منهم 680 ألف امرأة. أما السبب الذي يتكرر للجنوح، نحو هذا الأمر حسب المدمنين فهو الرغبة في إبعاد الملل أو الشعور بالضيق.

وتؤكد الدكتورة دوشكوفا أن المدمنين على هذه الأفلام يعانون تأنيب الضمير، كما هو الأمر لدى المدمنين على الكحول، فبمجرد الانتهاء من صدى العملية، يحل الشعور بالخجل واتهام الذات بالخضوع لذلك، غير أنه بالنظر إلى كونهم غير قادرين بإرادتهم على التأثير عليها، فان حالة الإحباط وخيبة الأمل من أنفسهم تتعمق، وبالتالي يعالجون أنفسهم بالمزيد من دفقات الأفلام الإباحية.

انهيار الحياة الخاصة والاجتماعية

ومع تنامي الإدمان على الأفلام الإباحية، تنهار الحياة الخاصة للمدمن، حيث يهمل العائلة، ويمضي معها وقتاً أقل باستمرار، كما تتأثر العلاقات بشكل سلبي نتيجة لاضطراره إلى إخفاء هوسه، كما إن سحب الأفلام من الانترنت المدفوعة الثمن يؤدي أيضًا إلى تداعيات مالية.

وينبه المتخصصون النفسيون إلى أن السقوط في بئر الإدمان على الأفلام الإباحية على الانترنت هو أسهل بكثير مما يبدو للوهلة الأولى، فالمواد الإباحية تشكل 12% منكل صفحات الانترنت، ولذلك يتم بسهولة الوصول إلى هذه المواد، كما توجد آلاف الصفحات على الانترنت التي يمكن التفرجمن خلالهاعلى الأفلام الإباحية مجانًا.