إيلاف من المنامة: أعلن ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة عن تشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق في أحداث فبراير ومارس (شباط وآذار) الماضيين، من أشخاص ذوي سمعة عالمية وعلى دراية واسعة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، ممن ليس لهم دور في الحكومة وبعيدين عن المجال السياسي الداخلي، وتم اختيار أعضائها نظراً إلى مكانتهم ومنجزاتهم على مستوى العالم.

جاء ذلك خلال ترأسه اليوم جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية، حيث قال إن اللجنة ستقوم بمباشرة اختصاصاتها - والتي تم وضعها بالتشاور مع أعضاء اللجنة أنفسهم - باستقلالية تامة وبدون أي تدخلات من أي نوع لتقدم تقريرها لنا لاتخاذ ما يلزم من إجراءات، وأكد أن على الوزراء وجوب التعاون معها ودعم عملها من دون أي تحفظ، آملاً أن تسهم مخرجات هذه اللجنة في كشف الحقائق، وأن تكون مساندة للجميع في وضع أحداث الفترة الماضية خلفهم عند استشرافهم مستقبلاً مشرقاً يجمعهم ويحافظ على لحمتهم.

كما أكد خلال الكلمة التي ألقاها أمام الملجس على حق المواطنين في التعبير عن آرائهم بطرق سلمية مشروعة، ومن حق المواطنين أن تكون لديهم مطالب دون أن يقابل ذلك بعنف، مؤكدًا على ضرورة أن تمارس الحرية بمسؤولية، فلا يمكن أن تؤخذ وسائل التعبير كطريقة للخروج على النظام العام أو تهديد السلم الأهلي أوعرقلة المصالح الاقتصادية أو الإضرار بمرافق الدولة.

يأتي ذلك عشية انطلاق حوار التوافق الوطني الذي دعا إليه الملك، ودعيت إليه المعارضة والموالاة على حد سواء، إضافة إلى شخصيات ذات ثقل في المجتمع البحريني، وعدد من الصحافيين والسياسيين والوزراء.

وعبّر المعارضون عن خيبة أملهم في الكلمة التي توقعوا أن تأتي بالمزيد من القرارات والإصلاحات عشية الحوار الذي لا ينظرون له بعين متفائلة، ومنهم الصحافي البحريني المعارض عباس بوصفوان الذي قال عن الخطاب إنه: quot;مخيب للآمال، يهرب من المسألة الحقيقية والمطالبات بالإصلاح السياسي، ويحاول التبرؤ من جرائم قامت بها أجهزة الدولة تحت اشراف مباشر من الجيشquot;.

فيما قال الصحافي عادل المرزوق: quot;كان النأس يتأملون من الكلمة اعتذار ملك، يتاملون اعلاناً للحرية والكرامة، كانوا يتأملون الكثير ... لكنهم لم يجدوا سوى المزيد من لجان التحقيقquot;.

فيما لم يصدر رد فعل حتى الآن من الجمعيات السياسية المعارضة التي أعلنت أنها ستشارك في الحوار أو تلك التي لم تعلن بعد. وأصدر الملك مرسومًا ملكيًا بإحالة القضايا التي لم تفصل فيها محاكم السلامة الوطنية إلى المحاكم العادية، وتتولى تلك المحاكم الفصل فيها طبقا للإجراءات المعمول بها أمامها، ويجوز الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة السلامة الوطنية الاستئنافية أمام محكمة التمييز طبقا للإجراءات المقررة أمام تلك المحكمة، ويفتح باب الطعن في تلك الأحكام فورا.

ودعت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الجمعة إلى تجمع لأنصارها تحت شعار quot;مطالبنا وطنية مشروعة محقةquot; في منطقة الدراز، على غرار تجمعين قامت بتنظيمهما في سار وسترة بعد رفع حالة السلامة الوطنية وحضره آلاف من المواطنين البحرينيين.

كما قامت السلطات الأمنية في البحرين بالإفراج عن المتهمين في قضايا الجنح من الكوادر الطبية ومنسوبي الحركة الرياضية، مع استمرار النظر في قضاياهم حسب الإجراءات القانونية المعمول بها، حسب ما صرح النائب العام العسكري بقوة دفاع البحرين. وهي خطوة اعتبرتها المعارضة مهدئة قبل انطلاق الحوار الذي أعلن رئيسه، رئيس مجلس النواب البحريني خليفة الظهراني، أن لا سقف له، وأنه سيتم خلال الحوار النقاش في كل الموضوعات المطروحة.

وحكمت محكمة السلامة الوطنية قبل اسبوع على ثمانية معارضين بارزين شيعة بالسجن المؤبد وعلى 13 آخرين بالسجن بين سنتين و15 سنة بتهمة التآمر على النظام، فيما لم تصدر بعد احكام بحق معارضين آخرين، بينهم نائبان من جمعية الوفاق الوطني الاسلامية المعارضة التي تمثل التيار الشيعي الرئيس في البلاد. واكدت الجمعية ان هذه الاحكام لا تخدم الحوار، وما زالت لم تعلن موافقتها او رفضها للمشاركة في الحوار الوطني.

ويرى المراقبون ان مشاركة جمعية الوفاق اساسية لنجاح الحوار، اذ انها اكبر تيار شيعي في المملكة، وهي لم تتجاوز في خطابها السياسي سقف الملك، بل كانت تطالب بملكية دستورية وعدم quot;احتكارquot; الاسرة الحاكمة للسلطة.

وكان مسؤول سعودي رفيع المستوى اكد الثلاثاء ان قوة درع الجزيرة التي دخلت البحرين للمساعدة في ضبط الامن quot;تعيد تموضعهاquot; في المملكة وquot;لن تنسحب منها بشكل كاملquot;. وكان دخول القوات الخليجية الى البحرين اسفر عن ارتفاع حدة التوتر الطائفي في منطقة الخليج الى درجة كبيرة، اضافة الى تفاقم التوتر مع الجار الشيعي الكبير ايران.