مع تصاعد الجدل في واشنطن وبغداد إزاء مصير القوات الأميركية في العراق وإمكانية التمديد لوجودها من عدمه في هذا البلد بعد الموعد المقرر لانسحابها الكامل بنهاية العام الحالي فقد اعتبر رجل الدين الشيعي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر زيارة مرتقبة لبغداد سيقوم بها نائب الرئيس الاميركي جو بايدن تدخلاً سافراً في شؤون البلاد ودعا إلى ردع سياسي وشعبي لافتتاح قنصلية اميركية في البصرة بموافقة الخارجية العراقية امس وأكد دعمه لقرارات اتخذتها محافظات لمنع دخول القوات الاميركية الى مدنها.


استنكرت الهيئة السياسية للتيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وله 40 نائبا في مجلس النواب زيارة مرتقبة الى بغداد لما وصفته بـ quot;نائب رئيس دولة الاحتلال جو باين الى بغداد خلال الأيام القليلة المقبلةquot;. وقال رئيس الهيئة كرار الخفاجيquot;ان هذه الزيارة تعد تدخلاً سافراً من قبل إدارة دولة الاحتلال في الشؤون الداخلية العراقيةquot;.

واضاف -حسب وصفه- أنquot;دولة الاحتلالquot; تمارس شتى الضغوط لتمديد بقاء قواتها في العراق داعياً الكتل السياسية الى quot;قطع الطريق امام ادارة دولة الاحتلال من خلال إنهاء الخلافات وتوحيد المواقف والرؤى في ما يتعلق بإنهاء وجود الاحتلال والمضي قدماً في عملية تقديم الخدمات للمواطنينquot;.وطالب الخفاجي في تصريح مكتوب وزعه مكتبه القوى السياسية كافة بquot;إدانة هذه الزيارة غير المرحب بها وعلى جميع الأصعدةquot;.

ومن المنتظر ان يبحث بايدن مع القادة العراقيين موضوع الانسحاب الاميركي من العراق تنفيذا للاتفاقية الامنية الموقعة بين البلدين اواخر عام عام 2008 وتنص من بين امور اخرى على انسحاب كامل القوات الاميركية من العراق بنهاية العام الحالي 2011.

لكن المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني قال اليوم الاربعاء إن بلاده لم تتلق بعد طلباً لإبقاء قوات على الأراضي العراقية بعد نهاية العام الحالي.. واضاف quot;خطتنا هي تنفيذ موجباتنا مع الحكومة العراقية وهي تقتضي سحب كل القوات الأميركية مع نهاية السنة الحالية ونحن مصممون على الالتزام بالاتفاق ونحن نسير في هذا المسارquot;. وأوضح كارني quot;قلنا أيضاً اننا سنبحث طلباً من الحكومة العراقية بإبقاء وجود مستدام للقوات الأميركية لكن هذا الطلب لم يقدم بعد ونحن نسير باتجاه سحب كل قواتنا وعدم إبقاء أي جندي مع حلول 31 كانون الأول (ديسمبر) من هذه السنةquot;.

وكان التيار الصدري هدد مؤخرا برفع التجميد عن جيش المهدي الجناح المسلح للتيار الذي سبق ان خاض معارك ضارية مع القوات الاميركية والحكومية في حال تقرر تمديد بقاء القوات الاميركية.

الصدر يدعو إلى ردع سياسي وشعبي لافتتاح قنصلية أميركية في البصرة

ومن جهته اكد الشيخ صلاح العبيدي الناطق الرسمي باسم الصدر رفض افتتاح قنصلية أميركية في محافظة البصرة. وقال الشيخ العبيدي في تصريح نقله المركز الاعلامي للهيئة السياسية للتيار الصدري quot;مقتضى الديمقراطية التي يقدسها الاميركيون هو احترام رأي الشعوب وممثليهم quot;كما يزعمون ولكنهم ضربوا هذه القدسية عرض الجدار عندما قدموا طلبا وقبلت الخارجية العراقية افتتاح قنصلية لهم في البصرة لأن مجلس المحافظة كان قد صوت بالاغلبية الكبيرة في الاسبوع الماضي على قرار يقضي بمنع دخول قوات الاحتلال الى المحافظةquot;.

واضاف العبيدي quot;ان المحتل سيتبجح بضرورة ادخال قوات داخل المحافظة لحماية القنصلية الاميركيةquot;. وقال ان الصدر يدعو الى عدم مرور مثل هذه التجاوزات القانونية دون ردود رادعة على المستوى السياسي والشعبي لكي لا تتكرر محاولات الانتهاكات للسيادة العراقيةquot;.

وافتتحت الولايات المتحدة امس الثلاثاء قنصلية مزودة ببنى تحتية نفطية مهمة في مدينة البصرة جنوب العراق. وقالت السفارة الاميركية في بغداد ان السفير جيمس جيفري افتتح رسميا الثلاثاء القنصلية العامة في البصرة. واشارت الى ان بداية الوجود الدبلوماسي الاميركي في البصرة يعود الى عام 1869 لكن القنصلية العامة السابقة اغلقت ابوابها في عام 1967. وسيغطي التمثيل الدبلوماسي للقنصلية مناطق تشمل البصرة والمثنى وميسان وذي قار. وأعلن السفير ايضا تعيين بيبر كامبل في منصب القنصل العام.

مقاطعة المترجمين والمستثمرين العراقيين العاملين مع الاميركيين

كما طالب الصدر أنصاره بمقاطعة العراقيين العاملين مع الاميركيين وقال في رد على اسئلة لمؤيدين له حول مصير العراقيين الذين عملوا مع القوات الاميركية وخاصة المترجمين quot;لايجوز العمل معهمquot;.

ودعا ايضا الى quot;مقاطعة ونبذquot; المستمرين في العمل مع القوات الأميركية وحول امكانية دمج الذين تركوا العمل معهم في التيار الصدري اجاب quot;ليس (في) مواقع المسؤوليةquot;. وقتل مئات العراقيين واغلبهم من المترجمين الذين عملوا مع القوات الاميركية بعد غزو البلاد عام 2003.

وتقول السفارة الاميركية في العراق وهي الاكبر في العالم ويعمل فيها نحو ثمانية الاف شخص انها لاتستطيع معرفة عدد العراقيين العاملين لديها، لان عددا كبيرا منهم يعمل بعقود مع شركات القطاع الخاص التي تقدم خدمات مثل النقل والتنظيف. وهو يعتبر البنتاغون جيش المهدي التابع للصدر والذي يقدر عدد عناصره بستين الفا احد مصادر التهديد الرئيسة للقوات الاميركية ولاستقرار الاوضاع في العراق.

دعم قرار المحافظات منع دخول القوات الاميركية لمدنها

وعلى الصعيد ذاته قدم وفد رفيع المستوى يمثل الصدر الى مجلس محافظة البصرة مباركته لقراره الأخير القاضي بمنع دخول القوات الأميركية إلى البصرة. واوصل الوفد رسالة من الصدر الى مجلس البصرة تثمن قراره بحظر دخول القوات الاميركية الى مدن المحافظة الجنوبية مؤكدا ضرورة اتخاذ المحافظات الأخرى قرارا مماثلا.

وكان مجلس محافظة البصرة قرر في الثاني والعشرين من الشهر الماضي منع دخول القوات الأميركية إلى المحافظة استجابة لدعوة اطلقها الصدر في ايار الماضي الى جميع المجالس لمنع دخول القوات الأميركية إلى مدنها.

وتأتي هذه التطورات في وقت كشفت مصادر عراقية مطلعة عن وجود حوارات بين الحكومة والسفارة الاميركية لإيجاد آلية معينة للاحتفاظ ببقاء عدد من القوات الاميركية بنهاية العام الحالي. وقالت المصادر إن حوارات تجري بين الجانبين بهدف توقيع مذكرة تفاهم تسمح ببقاء عدد من القوات الاميركية بعد عام 2011 وعلى مدى خمسة أعوام. وأضافت أن لجوء الحكومة إلى هذا الإجراء هو لغرض تمرير الأمر من دون الرجوع إلى مجلس النواب. واوضحت أن الإدارة الاميركية تضغط على الحكومة لغرض حسم هذا الملف مع بدء العد التنازلي لإنهاء الاتفاقية الأمنية.

ومن جانبه اعتبر رئيس اقليم كردستان العراق كمال كركوكي ان الوضع العراقي الحالي غير مؤهل لانسحاب القوات الاميركية معربا عن امله ان يحصل اجماع سياسي حول بقائها او انسحابها. وقال كركوكي وهو قيادي بارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان العراق في تصريحات صحافية ان الوضع العراقي الحالي غير مؤهل لانسحاب القوات الاميركية موضحا ان العراق ما زال يعاني العديد من المشاكل وعدم الاستقرار والحرب مستمرة ضد الارهاب.

واضاف quot;كذلك لاتزال هناك ملفات عالقة والوضع بين الاخوة في قائمتي العراقية (بزعامة اياد علاوي) والتحالف الوطني (مجموعة من الاحزاب الشيعية) غير مستقر ومسألة الوزارات الامنية ما زالت باقية على حالهاquot;. يذكر ان الكتل السياسية لم تتوصل الى اتفاق حول مرشحي الدفاع والداخلية ولايزال رئيس الوزراء نوري المالكي يديرها بالوكالة.

وفي تصريحات له اليوم فقد دعا عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري الاميركي المعارض جون ماكين ادارة بلاده إلى ابقاء 13 ألف جندي من القوات الاميركية في العراق بعد الموعد المحدد نهاية العام الحالي لإنهاء مهمتها القتالية في خطوة قال إنها تهدف للمساعدة في حفظ السلام في المناطق الساخنة.

وقال ماكين في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز اللندنية quot;إن هناك حجة مقنعة لابقاء القوات الاميركية في العراق إلى العام 2012quot; رغم مطالبة حزبه بسحب القوات الاميركية من هناك. واضاف quot;أنا اتحدث عن ابقاء ما بين 10 و 13 ألف جندي اميركي في العراق من اجل القدرات الاستخباراتية والقدرات الجوية وكذلك حفظ السلام في المناطق المتنازع عليها حول كركوك والتي اعتقد أنها تشكل قضية ملحّةquot;.

وابدى ماكين تفاؤله في امكانية التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن مع الحكومة العراقية وقال quot;يتعين على الولايات المتحدة التقدم باقتراح بشأن ما تحتاج اليه في العراق واعتقد أن من الممكن جداً أن يتمكن العراقيون من الاقرار وبالإجماع بقبول الوجود الاميركي المتبقي والذي سيكون بالتأكيد غير قتالي وفني إلى حد كبيرquot;.

وكانت القوات الاميركية المقاتلة قد انسحبت بموجب الاتفاقية الامنية بين البلدين من المدن والقرى والقصبات العراقية في 30 حزيران (يونيو) عام 2009. يذكر أن السفير الاميركي في العراق جيمس جيفري كشف السبت الماضي انه طلب من الكونغرس لعام 2012 موازنة لسفارته قدرها 6.2 مليارات دولار.

ومن المقرر ان تغادر القوات الاميركية وعديدها حوالى 47 الف عسكري العراق اخر كانون الاول (ديسمبر) المقبل وفقا للاتفاقية الامنية الموقعة بين بغداد وواشنطن. وأعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في ايار (مايو) الماضي انه سيجتمع بالكتل السياسية لتحديد الموقف من امكان الطلب من القوات الاميركية الموجودة في البلاد منذ عام 2003 تمديد فترة بقائها.