باغتت اليهودية الاسرائيلية quot;تالي فهيماquot; الجميع، عندما اعتنقت الإسلام وقررت الانتقال للاقامة في رام الله، لتبحث حالياً عن فرصة عمل في مكتب محاماة، فلم يسنيها اعتقالها في السجون الاسرائيلية على خلفية علاقتها بقائد quot;كتائب شهداء الأقصىquot; عن وجهة نظرها الرافضة للممارسات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين.


اثارت quot;تالي فهيماquot; اجواء من الجدل السياسي والشعبي داخل اسرائيل، فرغم انها اسرائيلية تدين باليهودية، الا ان ايدلوجياتها السياسية والاجتماعية، حفزتها على اعادة ترتيب اوراق حياتها الخاصة، وباغتت الجميع عندما اتخذت قراراً بالانتقال الى مدينة رام الله الفلسطينية والاقامة فيها، ولم يكن قرارها اخف وطأة من نظيره، الذي اعتنقت على اساسه الاسلام، الامر الذي اثار حولها عدد من علامات الاستفهام، تضاف الى علامات الريبة السابقة، خاصة ما يتعلق منها بدعمها المبالغ فيه للناشط الفلسطيني quot;زكريا زبيدهquot; قائد quot;كتائب شهداء الاقصىquot;.

فرصة عمل في مكتب محاماة

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة يديعوت احرونوت العبرية، فجرت quot;تالي فهيما قنبلة مدوية عبر صحيفة القدس الاوسع انتشاراً في الاراضي الفلسطينية، حينما نشرت فيها اعلانا مدفوع الاجر، طالبت فيه بالحصول على عمل شاغر باحد مكاتب المحاماة، او شركة او مؤسسة اهلية، كما اعلنت في الاعلان ان لغتها الام هى العبرية، بالاضافة الى اجادتها بمستوى متوسط للعربية والانجليزية.

وفي تعليقها على الاعلان المنشور في الصحيفة المقدسية، اوعزت يديعوت احرونوت باسلوب ساخر الى الاسرائيليين بعدم توفير فرصة عمل لـ quot;تالي فهيماquot; في تل ابيب، إذ انه يبدو ان الاسرائيلية اليهودية سابقاً، قررت الاستمرار في اقامتها بالاراضي الفلسطينية وعدم العودة الى اسرائيل. وفي اتصال هاتفي من الصحيفة العبرية بـ quot;فهيماquot;، اكدت الاخيرة انها نشرت اعلان صحيفة القدس بنفسها، غير انها رفضت التعقيب من قريب او بعيد على اية استفسارات من يديعوت احرونوت.

الصحيفة العبرية القت الضوء بكثافة على علاقة quot;تالي فهيماquot; بقائد quot;كتائب شهداء الاقصىquot; زكريا زبيدة، مشيرة الى ان اول لقاء جمع بينهما كان في جنين عام 2004، ومنذ هذا التاريخ اعربت quot;فهيماquot; عن تأييدها له وتنظيمه الجهادي، وعلى خلفية هذه العلاقة اعتقلها جهاز الامن العام الاسرائيلي الـ quot;شاباكquot; ادارياً، وتم التحقيق معها بعد الاعتقال وقامت الاجهزة المعنية بحبسها انفرادياً، بداعي انها خططت لارتكاب عملية مسلحة في اسرائيل، وفي اعقاب ذلك واجهت quot;فهيماquot; لائحة اتهام بتأييد تنظيم ارهابي وحيازة سلاح بدون تصريح ومساعدة العدو وقت الحرب.

تالي فهيما

وفي اطار مصالحة مع الاجهزة الامنية الاسرائيلية، اعترفت quot;فهيماquot; بأنها قامت بترجمة وثيقة سرية من العبرية الى اللغة العربية لصالح كتائب شهداء الاقصى، وبعد اعترافها واجهت اتهمات اخف من ذلك كانت جميعها في اطار امداد العدو بمعلومات واقامة علاقة مع عميل اجنبي وخرق نصوص القانون، وتم اطلاق سراحها من المعتقل الاسرائيلي في كانون الثاني/ يناير عام 2007، وبمرور الوقت انتقلت للاقامة في منطقة وادي عاره، وفي حزيران/ يونيو 2010 اعتنقت الديانة الاسلامية في مسجد ام الفحم، مما فرض حولها العديد من الاصداء واجواء الجدل لدى الشارع السياسي في اسرائيل والاراضي الفلسطينية.

تطوير الايدلوجية الفكرية والسياسية

وتشير معطيات الموسوعة العبرية الى ان quot;تالي فهيماquot; ولدت في مدينة quot;كريات غاتquot; الاسرائيلية، وخدمت كمجندة في الجيش الاسرائيلي، وما لبثت ان مارست حياتها العملية كسكرتيرة في احد ماكتب المحاماة بالمدينة، وخلال عملها عكفت quot;فهيماquot; على تطوير ايدلوجياتها الفكرية والسياسية، حتى اصبحت من اكثر العناصر اليسارية المتطرفة في اسرائيل، متأثرة بكتابات مراسل صحيفة يديعوت احرونوت quot;علي واكدquot;، وعدد من مقالات الصحافي الاسرائيلي quot;جدعون ليفيquot;.

وتماشيا مع مشوارها المتحرر من قيود نشأتها في اسرائيل اجرت quot;فهيماquot; اتصالات بـ quot;زكريا زبيدةquot; قائد quot;كتائب شهداء الاقصىquot; في جنين، وفي أيار/ مايو 2004 قررت زيارة جنين والالتقاء بزبيدة للمرة الاولى، واستمرت زيارتها لجنين اسبوعبن، ثم زارت المدينة ذاتها اكثر من مرة لاحقاً، وعلى حد قولها حرصت على الدفاع عن حقوق الانسان الفلسطينية، إذ كثفت اتصالاتها ولقاءاتها خلال زياراتها المتكررة مع اعداد كبيرة من الشخصيات الفلسطينية التي تقيم في مخيم جنين للاجئين، وسرعان ما خصصت جزءاً من وقتها لالقاء محاضرات في الكومبيوتر لاطفال المخيم، وكانت هذه الانشطة تجري تحت اشراف زكريا زبيدة والمقربين منه.

ووفقاً لما نقلته دوائر صحافية عن quot;تالي فهيماquot;، كانت الاخيرة تقضي ساعات الليل خلال تواجدها في مخيم جنين مع اطفال ونساء المخيم الذين هجر ذويهم منازلهم للاقامة في اماكن بعيدة عن عيون اسرائيل، هرباً من ملاحقة اجهزتها الامنية وجنود الجيش، وكان من بين هؤلاء زكريا زبيدة وعدد من قرنائه المطلوبين. وتشير معلومات الموسوعة العبرية الى ان فهيما وزبيدة نفيا ما تردد من شائعات حول وجود علاقة عاطفية بينهما، ولعل ما زاد من وتيرة ترديد تلك الشائعات ان فهيما كانت خلال ساعات الليل في مخيم جنين تطلق اعيرة نارية في الهواء من السلاح الشخصي لزكريا زبيدة، كما انها مدت يدها بالمساعدة لعناصر حركة فتح بعد تلقيها ايعازات بذلك من زبيدة شخصياً، وبعد ما تناقلته وسائل الاعلام من معلومات حول اعتزام اسرائيل تصفية زبيدة، اعلنت فهيما انها ستجعل من نفسها درعاً بشرياً حول قائد كتائب شهداء الاقصى.

كما ساعدت فهيما زكريا زبيدة على ترجمة احدى الوثائق العسكرية الاسرائيلية من العبرية الى اللغة العربية، وكانت تلك الوثيقة ممهورة بعبارة quot;سري للغايةquot;، كان زبيدة قد حصل عليها، واحتوب على اعتزام الجيش الاسرائيلي اعتقال اربعة من نشطاء كتائب شهداء الاقصى في جنين، وكان الاربعة المطلوبين الذين تضمنتهم الوثيقة، زكريا زبيدة، ونائبه الذي استشهد في وقت لاحق، وفلسطينيان آخران اعتقلهما الجيش الاسرائيلي بالمخيم في وقت لاحق، كما احتوت الوثيقة على وصف مصور من الجو لمدينة جنين، وظهر فيه منزل المطلوبين الاربعة.

اعتقال اداري وحبس انفرادي

في التاسع من آب/ اغسطس عام 2004، عندما كانت في طريقها الى جنين، اعتقل جنود الجيش الاسرائيلي تالي فهيما، وخضعت لتحقيقات مطولة امام عناصر جهاز الامن العام الاسرائيلي الـ quot;شاباكquot;، إذ استمرت مدة التحقيقات 28 يوماً، وعلى خلفية التحقيقات وما تم جمعه من معلومات حول نشاطها تم ايداعها سجن quot;نافي ترتسيهquot; في حبس انفرادي، وفي البداية اتهمتها عناصر الـ quot;شاباكquot; بالتعاون ومساعدة عناصر معادية لاسرائيل للمساس بحاجز quot;قلندياquot; العسكري في الحادي عشر من آب/ اغسطس عام 2004، وانها كانت تعتزم تنفيذ عملية تخريبية ضد اسرائيليين في محيط مناطق الخط الاخضر، وعلى خلفية تلك الاتهامات ادعت الاجهزة المعنية في اسرائيل ان فهيما تشكل خطراً امنياً على الجماهير، ولذلك يجب اعتقالها ادارياً، ومددت المحكمة المدنية في تل ابيب حبسها ادارياً لمدة ثلاثة اشهر، وصادقت على القرار محكمة العدل العليا الاسرائيلية.

دافع عدد من الادباء والشعراء والمفكرين الاسرائيليين المحسوبين على اليسار الراديكالي عن فهيما، وكان من بين هؤلاء الشاعر quot;سامس شالوم شطريتquot;، والدكتور quot;يعقوب كاثرئيلquot;، كما تلقت اسرائيل وثيقة تحمل توقيع مئات النشطاء من مختلف دول العالم وفي مقدمتهم quot;ميريد كورغنquot; الحائزة على جائزة نوبل للسلام، ودعا هؤلاء في وثيقتهم الى الافراج الفوري عن فهيما من المعتقل الاسرائيلي، وفي عام 2006 جسد الفيلم التسجيلي quot;تلي فهيما تجاوزت الحدودquot; من اخراج المخرج الاسرائيلي quot;تال حكيمquot;، وانتاج quot;يوآف روعيquot;، وتناول الفيلم قصة حياة وافكار فهيما من وجهة نظر مؤيدة، واجرى القائمون على الفيلم التسجيلي لقاءات مع ابناء اسرتها واسرة زكريا زبيدة، وفي عام 2007 بثت احدى محطات الاذاعة الخاصة اغنية تحمل عنوان quot;تاليquot; قام بغنائها المطرب الاسرائيلي quot;داني أميرquot;، وتناول فيها المؤلف قصة فهيما، مشيراً انه ينتظر عام 2020 الذي سيأتي لتتولى فيه تالي فهيما رئاسة الدولة العبرية. بعد ذلك اطلقت اسرائيل سراحها تزامناً مع احتفال الدولة العبرية بمرور 59 عاماً على تأسيسها.