تحولت محافظة أبين الواقعة في جنوب اليمن إلى ما أشبه بالإمارة الإسلامية، بعدما وقعت في قبضة تنظيم القاعدة أو ما يسمّى بأنصار الشريعة التي ينتمي إلى صفوفها مقاتلون من جنسيات عربية مختلفة.


ابين تحولت إلى إمارة اسلامية

صنعاء: يبدو أن محافظة أبين ndash;جنوب اليمن- أصبحت ضمن مجموعة محافظات خرجت عن نطاق سيطرة الدولة اليمنية بعدما سقطت محافظات في الشمال، مثل صعدة والجوف، في يد قوى متعددة التوجهات. أبين لم تسقط بيد الثوار أو المعارضين السياسيين لنظام صالح، بل في أيدي تنظيم القاعدة أو ما يسمّى بـ quot;أنصار الشريعةquot; التابع للتنظيم.

وتقع محافظة أبين إلى الجنوب على ساحل البحر العربي، وتبعد عن العاصمة صنعاء مسافة (427) كيلومترًا، وتعد المحافظة المشهورة بإنتاج القطن طويل التيلة، وهي إحدى المحافظات اليمنية الغنية بمزارعها الواسعة الانتشار، حتى إن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح لديه مزرعة كبرى فيها.

مديريات محافظة أبين، التي يبلغ سكانها قرابة نصف مليون نسمة، يتوزعون على 11 مديرية، سقط معظمها في أيدي المسلحين خلال القتال الدائر منذ أشهر عدةعلى فترات متقطعة، لكن الأعنف بدأ منذ شهرين، وتسبب في إجلاء سكان عاصمة المحافظة quot;زنجبارquot; كنازحين في كل من عدن ومديريات أخرى.

ويعد القائم بأعمال الرئيس صالح أحد أبرز الشخصيات الحالية التي تنتمي إلى أبين، إلى جانب عدد من الشخصيات القبلية والجهادية، أمثال القيادي الحراكي، والمقاتل السابق في أفغانستان طارق الفضلي، والقيادي في جماعات متطرفة سابقًا خالد عبد النبي وغيرهم.

أبين تحولت في المجمل إلى ما يشبه الإمارة الإسلامية، كما يطلق عليها مسلحو القاعدة، حيث كانوا قد أعلنوها منذ وقت مبكر، وأطلقوا عليها quot;إمارة عزان الإسلاميةquot;، على أمل أن تتمدد هذه الولاية، وتشمل 4 محافظات، هي لحج وعدن وأبين وشبوة، وكلها محافظات تابعة لليمن الجنوبي، قبل وحدة عام 1990.

يشارك في صفوف المقاتلين التابعين لأنصار الإسلام أشخاص من جنسيات عربية، بينهم سعوديون وسوريون وجزائريون وعراقيون ومغاربة وصومال، إضافة إلى أفغان وباكستان وغير تلك الجنسيات، كما تشير المصادر المحلية.

قاعدة بجيش كامل العتاد

يقول الإعلامي في محافظة أبين عصام علي محمد لـ إيلاف إن quot;الجماعات المسلحة أصبحت الآن جيشًا منظمًا بقوة السلاح الذي يمتلكونه من دبابات ودوريات ومصفحات وعتاد ثقيل، تم الاستيلاء عليه من المعارك التي يرى السكان أنها مفتعلة، أديرت في منطقة دوفس وبالقرب من اللواء 25 ميكانيكاquot;.

وأضاف إن المسلحين يمتلكون مدافع قصيرة وطويلة المدى، ومضاد الطيران، وليس لديهم فقط الكاتيوشا والطيرانquot;. وأوضح أن كل تلك المعدات تم الاستيلاء عليها من معسكر الأمن المركزي ومعسكر النجدة، في زنجبار ومن معارك في دوفسquot;.

وأشار إلى أن المسلحين المنتمين إلى المحافظة هم قلة، حيث يوجد في صفوفهم من كل محافظات اليمن، إضافة إلى جنسيات عربية وأجنبية من سوريين وسعوديين وأفغان وباكستان وغيرهم، ولديهم أطباء على كفاءة عالية، ويدور الحديث عن وجود مستشفى خاص بهمquot;.

ورأى أنه quot;لا يوجد أي مؤشرات للحسم في المحافظة على ضوء ما نشهده من كرّ وفر بين هذه الجماعات المسلحة وبين الجيش الذي يغادر تارة وطورًا آخر يعود إلى مواقعه، وإلى نقطته الحالية على ساحل أبين بالقرب من مصنع الحديد، لكن ما نشاهده من كرّ وفر ومن وجود مكثف للمسلحين في شوارع جعار يجعلنا لا نشعر أن الأمر سينتهي قريبًاquot;.

وأضاف إن quot;أهم مديريتين في أبين، وهما زنجبار وخنفر، تحت سيطرة كاملة تامة للمسلحين، ولا وجود للدولة في غالبية المحافظةquot;.

وتحدث عصام عن quot;حالة إنسانية صعبة، حيث يتم التعامل مع أبين على أن من يتحرك فيها ليس سوى مسلحون متطرفون، وقد تم منع دخول أدوية من منطقة العلم التي تفصل أبين عن عدن، حيث كانت ستتجه لمستشفى الرازي أهم المستشفيات في المحافظةquot;. وحول تمركز القوات المسلحة يقول عصام علي محمد إن القوات المسلحة متمركزة في الجنوب الشرقي من العاصمة زنجبار على بعد كيلو ونصف.

أما عن النازحين الذين هربوا من القتال إلى عدن، فقال إنهم quot;أقل من النازحين صوب مديريات يافع وباتيس وخنفر وجعار والحصن، ويتم التركيز على عدن، ويصورون أن أبين فرغت من الناس وجاءوا إلى عدن، وذلك لكي يحقق الجانب الحكومي مكاسب مادية من وراء هذا الأمر، بينما النازحون أيضًا في مديريات أخرىquot;.

قتل لعشرات المدنيين

في سياق متصل بأبين، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها نشرته أمس إن quot;القوات اليمنية ربماقتلت عشرات المدنيين في هجمات غير مشروعة خلال قتالها لجماعة إسلامية مسلحة في جنوب محافظة أبين منذ مايو/أيار 2011quot;.

وأضافت إن المسلحين في أبين، المعروفين باسم أنصار الشريعة، عرضوا مدنيين للخطر بشكل غير قانوني من خلال انتشارهم في مناطق مكتظة بالسكان، وقيامهم بأعمال نهب وغيرها من الاعتداءات. وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: quot;إن المدنيين هم الذين يدفعون الثمن. ويجب على الحكومة أن تحقق في انتهاكات محتملة لقوانين الحرب التي ارتكبتها قواتها في محافظة أبينquot;.

ونقلت المنظمة تفاصيل حادث وقع ظهر يوم 4 مايو/أيار، حيث فتح نحو 20 من أفراد قوات الأمن المركزي النار وسط سوق مكتظ بالناس، أسفر عن مقتل ستة تجار ومتسوقين، وجرح حوالي 35 مدنيا آخرينquot;. كما أشارت إلى قصف جوي على حافلة مدنية في 29 يونيو/حزيران بالقرب من زنجبار، وقُتل فيه ستة أشخاص، وأصيب نحو عشرة آخرين، ووصفه مسؤول يمني بأنه حادث وقع بالخطأ.

كما كشفت المنظمة عن حادثة أخرى، تم من خلالها ضرب مسجد ثلاث مرات، حيث كان يختبئ بداخله 20 شخصًا، وأسفر الهجوم عن مقتل ستة أشخاص، بما في ذلك قيم المسجد.إلى ذلك أعربت هيومن رايتس ووتش عن قلقها من أن المساعدات الإنسانية لا تصل إلى المدنيين الذين يحتاجون المساعدة، والموجودين في مناطق النزاع أو الذين لاذوا بالفرار.

ويحتشد عشرات الآف آخرين في عدن، في مدارس وبيوت مهجورة. وقال نازحون في الملاجئ الثمانية التي زارتها هيومن رايتس ووتش، إنهم لم يلقوا تقريبًا أي طعام أو أي مساعدات إنسانية أخرى من الحكومة. وحسب المنظمة، فإن شهود العيان قالوا إنه يسهل التعرف إلى مقاتلي quot;أنصار الشريعةquot; من خلال الشعر الطويل واللحية، وأنهم غالبًا ما يحملون أعلامًا ولافتات كُتب عليها أنصار الشريعة.

وتتهم المعارضة السياسية في اليمن الحكومة بالسماح لجماعة أنصار الشريعة بالسيطرة على أجزاء من محافظة أبين بهدف زيادة المخاوف من سيطرة الإسلاميين إذا ما اضطر صالح إلى الاستقالة.