فيما تتجه الأجواء في مصر نحو التصعيد بين الآلاف من المعتصمين في الميادين العامة من جانب، والحكومة والمجلس العسكري من جانب آخر، بسبب عدم كفاية الإصلاحات أو التباطؤ في تحقيق مطالب ثورة 25 يناير، أطلقت جماعة مجهولة تسمى quot;كتائب شهداء ثورة مصرquot; تهديدات بالقيام بعمليات إنتحارية، تستهدف ضباط الشرطة المتهمين بقتل ضحايا الثورة، ورموز الحزب الوطني المنحل ورموز النظام السابق، الأمر الذي إعتبره المراقبون تحولاً خطير في مسار الثورة المصرية التي أبهرت العالم بسلميتها.
مجموعات مجهولة تهدد بعمليات انتحارية
واتهم خبراء وسياسيون تحدثت إليهم quot;إيلافquot; أتباع نظام مبارك والشرطة بالوقوف وراء تلك التهديدات بهدف تشويه صورة أسر الشهداء و ضرب الثورة المصرية. فيما طالب خبراء أمنيون بعدم تجاهلها والتعامل معها بجدية كافية.
quot;كتائب شهداء الثورةquot;
أعلنت الجماعة المجهولة واسمها quot;كتائب شهداء ثورة مصرquot; عبر منتدى ملتقى الأزهر اليوم من خلال رسالة إلكترونية تلقاها المنتدى، أنها انتهت من إعداد الخلايا الأولى المسلحة للقيام بquot;القصاص من رموز النظام السابق وضباط الشرطة المتهمين بقتل الشهداء والبطجية الذين روعوا المصريينquot;.
وقالت الجماعة في بيانها الأول إنها لجأت لهذا للعنف لإزالة الحرج عن المجلس العسكري الذي يتعرض لضغوط من دول الخليج وأمريكا لعدم محاكمة مبارك ورموز نظام حكمه، وقالت quot;إن المجلس العسكري يتعرض لضغوط من جانب بعض الدول الخليجية، وبالذات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية، خوفاً من انعكاس الثورة المصرية على حكمهما وحماية للأموال الطائله التي هربها الرئيس الفاسد وأعوانه إليهما، وكذلك من جانب الولايات المتحدة الأمريكية التي تخشى على مصالحها بالمنطقة وولاء مصر لها، وكذلك من جانب إسرائيل التي أمنت طوال أكثر من 30 عاماً الجانب المصري واستفادت ولازالت بغازه الطبيعي.
ولذلك فنحن quot; أي الجماعة المجهولةquot; نتقدم برفع الحرج عنهم، وأن يتركوا الشعب يقتص لنفسه، لأن دماء شهدائنا أغلى من كل الخونة، لأنه لن يذهب دمهم سدى، ولن يتنازل الشعب المصري عن قطرة دم واحدة سالت من شهيد مصري سواء كان مسلم أم مسيحيquot;.
مجموعات إنتحارية
وأضافت الجماعة في بيانها أنها نجحت في quot; تشكيل مجموعات انتحارية مهمتها النيل بأي وسيلة من رموز الفساد البائد سواء الذين لازالوا طلقاء أو تحت الحراسة ومهما بلغت قوة الحراسة أو بين جدران السجون سوف ننال منهم بعون اللهquot;، مشيرةً إلى أنها نجحت أيضاً في quot; تجميع بيانات كاملة عن أسماء وعناوين عناصر الشرطه سواء من الضباط أو أمناء الشرطة أو المجندين أو المخبرين الذين تلوثت أيديهم بدم شهداء مصر أو استخدموا العنف المفرط الذي أدى إلى وقوع إصابات خطيرة في صفوف الثوار، وتتبعهم وتصفيتهم جسدياً والتمثيل بجثثهم لجعلهم عبرة لزملائهم جزءاً بما أتت أيديهم ومازالوا على عهدهم.
وسوف نجعل أفراحهم بالإفراج عن زملائهم مآتم يذكرونها طوال حياتهم. كما نجحت في quot;تجميع بيانات عن البلطجية ورجال الأعمال وعناصر الحزب الوطني السابق وكل من تلوثت أيديهم بدم الشهداء أو مولوا أو جندوا آخرين لإلحاق الأذى بشباب الثورة أو نهبوا من ثورات البلد ولم يردوا ما سلبوه، وأيضا تصفيتهم جسدياً والتمثيل بجثثهم وجعلهم عبرة للباقين منهم ولكل من تخول له نفسه عمل الفساد بأرض مصر. وأعلنت الجماعة أنها quot;سوف يتم تصوير عمليات التمثيل بالخونة وعرضها على موقع اليوتيوبquot;، ودعت الشعب المصري وأهالي الضحايا إلى التطوع في صفوفها.
أسر الضحايا يتبرأون
وفي أول رد فعل لهم على بيان الجماعة المجهولة، قال وائل أحمد شقيق الشهيد كريم أحمد وعضو إئتلاف أهالي الشهداء لquot;إيلافquot; إنهم يتبرأون من هذا البيان، وأضاف أن المصابين وأسر الشهداء في جميع أنحاء الجمهورية لا يعرفون شيئاً عن هذا البيان أو الجماعة التي أطلقته، مشيراً إلى أنهم مصرون على أن تظل الثورة المصرية سلمية وبيضاء، وألا تلوث بالدماء وألا تنزلق لمستنقع العنف، ونوه أحمد بأن هناك تواصل بين جميع أسر الشهداء والمصابين على مستوى الجمهورية ويعرفون بعضهم البعض بالإسم، نافياً أن يكون أي منهم أقترح إنشاء كيان أو حركة للقصاص من الضباط المتهمين بقتل أبنائهم. ولفت إلى أن القضية بين أيدي القضاء، وأنهم واثقون من أنه سوف يقتص من الجناة بالقانون.
وتابع: quot;نحن لسنا دعاة تخريب، ولن نستخدم العنف ضد أحد أو ضد جهة، نحن نحافظ على بلدنا، ونسعى لبناءها من جديد، نعلم أن العنف يولد عنفاً مضاداًquot;.
ولم يستبعد أحمد أن تكون هناك جهات ما تحاول تشويه أسر الشهداء كما حدث في أحداث مسرح البلون، ودعا الأجهزة الأمنية إلى القيام بدورها في تعقب جهات إصدار البيان لعدم إثارة القلق بين المصريين.
مخطط أمني
هناك جهات أمنية تقف وراء هذا البيان، بهدف تشويه أسر الشهداء، حسب وجهة نظر أبو العز الحريري القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير، وقال لquot;إيلافquot; إن مثل هذه البيانات quot;لعبةquot; مكشوفة كان جهاز أمن الدولة المنحل يمارسها ضد المعارضة في العهد البائد.
مشيراً إلى أنه يبدو أن الشرطة مازالت تتعامل بالنهج القديم، وأضاف أن الشرطة تسعى حالياً للقيام بأي عمل من شأنه أن يقلل من تعاطف المصريين والسياسين مع أسر الشهداء، فتارة يتم الترويج إلى أنهم بلطجية ومسجلون خطر قتلوا أثناء الهجوم على أقسام الشرطة لسرقة أسلحتها، وإحراق المستندات التي تدينهم في قضايا إجرامية. ونبه الحريري إلى أن هذا البيان لا يمكن فصله عن التهديدات التي يتعرض لها أهالي الشهداء من جانب قيادات أمنية أو من جانب الضباط المتهمين بالقتل، ولا يمكن فصله عن التظاهرات والإعتصامات التي يقوم بها الضباط، إحتجاجاً على مطالبة المصريين بالإسراع في محاكمة القتلة.
المحاكمات غير الجدية هي السبب
ويرى الناشط الحقوقي حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن هذا البيان قد يشعل الأجواء في مصر، حتى ولو لم يكن جدياً، وقال لquot;إيلافquot; إن غياب العدالة وبطء إجراءات محاكمة رموز النظام السابق وقتلة الثوار هو ما فتح المجال أمام مثل تلك البيانات غير المسؤولة، مشيراً إلى أن العدالة الناجزة أسرع في تحقيق الهدف بدون إغراق البلاد في دوامة العنف.
وأنتقد أبو سعدة المحاكمات الحالية لقتلة الشهداء، وقال إنه جاءت عقب تحقيقات غير جدية، لافتاً إلى أنه تم العيث في الأدلة الجنائية، وهناك إحتمالات قوية بإفلات الجناة من العقاب، مشدداً على ضرورة إعادة التحقيق في القضايا بشكل جدي، متسائلاً: كيف يتم الإفراج عن الضباط المتهمين في السويس رغم أن أسر الشهداء تقدموا ضدهم ببلاغات بالإسم، ولا مجال لشبه عدم اليقينية في الإتهام؟!.
أتباع النظام السابق
ويعرب الدكتور نبيل عبد الفتاح الخبير في شؤون الإرهاب والجماعات الإسلامية عن إعتقاده بأن هذا البيان لا تتوافر فيه أدني درجات الجدية، وقال لquot;إيلافquot; هذا البيان لا يتناسب إطلاقاً مع الطابع السلمي والديمقراطي للثورة المصرية، مشيراً إلى أنها كانت ومازالت ثورة لها طبيعة بناءة وتجلى ذلك في حفاظ المصريين أثناء الثورة على الممتلكات العامة وتنظيف ميدان التحرير خلال الإعتصام فيه، بل وتنظيف وإعادة تزيين الميدان وشتى الشوارع بعد إنتصارها على نظام الحكم وإجبار مبارك على التنحي.
ويشير عبد الفتاح إلى أن ذلك البيان غير دقيق، ولكنه لم يستبعد تورط جهات تابعة للنظام السابق أو كانت تستفيد منه في إصدار هذا البيان بغرض تشويه شباب الثورة وأسر الشهداء، أو خلق فتنة جديدة بين ضباط الشرطة وهذه الأسر.
محاولة لإجهاض الثورة
أمنياً، طالب اللواء محمد عبد الرحمن الخبير الأمني بضرورة التعامل مع هذا البيان بكل جدية، مشيراً إلى أنه يمثل خطورة شديدة على الأوضاع الأمنية والإجتماعية بمصر.
وقال لquot;إيلافquot; إن هذا البيان حتى ولم يكن جدياً فقد تستخدمه جهات أخرى خفية في القيام بعمليات عنف ضد ضباط الشرطة أو مقرات أمنية أو رموز النظام السابق، ويتم إلصاق التهمة للجماعة المجهولة التي أصدرت البيان، ونوه بأن مصر تمر بمرحلة إنتقالية وهناك العديد من القوى الداخلية والدول الخارجية تتربص بها، وتسعى لإفشال الثورة من خلال إغراق مصر في دوامة العنف، وقد جربت تلك الجهات إشعال الفتنة الطائفية ثم المظاهرات الفئوية ثم الفتنة بين المتظاهرين والشرطة،والفتنة بين المتظاهرين والجيش. متوقعاً أن تستمر تلك القوى في سعيها للإضرار بمصر، ومشدداً على أهمية البقظة والحذر.