رغم معاناة الأقليات في مصر بعد الثورة وتسجيل العديد من الحوادث والصدامات مع الغالبية التي تتشكل من المسلمين، إلا أن قادة هذه الأقليات يرفضون في أحاديث منفصلة مع إيلاف أي تدخل أجنبي تحت ذريعة حمايتهم.


موريس صادق

أحمد حسن من القاهرة: رغم معاناتهم من الكثير من المشاكل والأزمات، إلا أن مختلف الأقليات الدينية في مصر من أقباط وبهائيين وشيعة رفضوا الدعوة التي أطلقها بعض أقباط المهجر، وعلى رأسهم موريس صادق مؤسس الجمعية الوطنية القبطية الأميركية، لفرض الحماية الدولية على مصر، ومطالبته بالتداخل من قبل أميركا والفاتيكان، لإنقاذ الأقباط والبهائيين والشيعة وسائر الأقليات مما وصفه بـquot;اضطهاد المسلمين لهم، والاعتداء على حرماتهم وقتلهم وإجبارهم على الدخول في الإسلامquot;.

ويرى مراقبون أن الدعوة التي أطلقها صادق جاءت رداً على إسقاط الجنسية المصرية عنه، في أعقاب مطالبته لبنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل بضرب السد العالي.

رفض قبطي

يقول جمال أسعد المفكر القبطي لـquot;إيلافquot; أن الأقباط في مصر ليسوا في حاجة إلى الحماية الدولية من الولايات المتحدة والفاتيكان، معتبراً أن دعوة موريس صادق تعتبر تدخلاً في الشأن الداخلي للأقباط، وقال: quot;نحن نرفض هذا التدخل، فلسنا بحاجة للوصاية من أحد حتى يدافع عن الأقباط في مصر بهذا الشكلquot;.

وأضاف: quot;هناك مطالب مشروعة لدى الأقباط تتمثل في بناء الكنائس وتوليهم المناصب العليا، وهي في سيبلها إلى الحل، على الرغم من صدور فتاوى من بعض الإسلاميين ترفض حقوق الأقباط في مصر، إلا أنكل هذه المشاكل تحلّ وفقًا للحوار في ما بيننا من دون تدخل من الخارج، فدعوات أقباط المهجر كانت مسموحة في عهد النظام البائد. أما الوضع الآن بعد الثورة أصبح أمرًا مختلفا تمامًا، حيث نريد دولة جديدة مستقلة ومتحدة بين نسيج جميع الأقليات الدينية في مصر، لا نريد تدخلا من الخارجquot;.

العلاقة بين المسيحيين والمسلمين شابها الكثير من التوتر بعد الثورة
صادق ليس مدافعًا عن الأقباط

ويتساءل القص صليب متى وكيل المجلس الملي، ورئيس مركز السلام لحقوق الإنسان: quot;كيف نصّب موريس صادق نفسه محاميًا عن أقباط مصر حتى يطلب حمايتهم من الإضطهاد والتعذيب؟quot;.

وأضاف: quot;نحن نقول له أنت لا تتحدث باسم الأقباط، ولا نريدك أن تتدخل في شؤوننا، لأننا مصريون مسلمون ومسيحيون نتفق جميعًا على مصلحة البلاد، ولو كان حل مشاكل الأقباط بالتدخل الأميركي ودعوة إسرائيل لضرب مصر فإننا نؤيد استمرار تلك المشاكلquot;.

وتابع: quot;من يفكر بهذه الطريقة لا يستحق حمل الجنسية المصرية، والبابا شنودة الثالث أعلن أكثر من مرة رفض تدخل بعض أقباط المهجر في شؤون المسيحيين في مصر، وأكد أنهم لا يتحدثون باسم الكنيسة في مطالبهم، لأن الأقباط قد حاربوا الاحتلال الإنجليزي مع المسلمين، رافضين أي نوع من الوصاية الأجنبيةquot;.

رفض بهائي

رغم اعتراف أسامة عثمان القيادي بالدعوة البهائية لـquot;إيلافquot; بوجود مشاكل عديدة تواجه الفكر البهائي في مصر، تتمثل في إثباتكل بهائي حقه في تسجيل عقيدته في خانة البطاقة، وكذلك حق حرية ممارسة العبادة بشكل علني، إلا أن جموع البهائية ترفض أن يتحدث أحد من الخارج باسمها، ويطالب جهات أجنبية بحماية الأقليات فى مصر.

وقال إن هذه الدعوات خلفها التمويل الأجنبي، الذي يهدف إلى إثارة الفتن الداخلية واللعب على ملف الأقليات الدينية في مصر، وهذا ما نعلمه جيدًا ونرفضه، فالبهائيون يعلنون رفضهم الحماية الأجنبية حتى في ظل الخوف من صعود الإسلاميين ورفضهم وجودنا من الأساس، ولكن يبقى حل للأزمات الداخلية بالحوار وسيادة القانون، مطالباً بإسقاط الجنسية عن كل مصري يدعو إلى التدخل الأجنبي في شأن بلاده، لاسيما بعد الثورة، التي ساوت بين جميع المواطنين.

الشيعة يتهمون مبارك

كما رفض الدكتور أحمد راسم النفيس، زعيم الشيعة في مصر، فكرة الحاجة للتدخل الأجنبي لحماية الأقليات في مصر، وقال لـquot;إيلافquot;: quot;التاريخ يؤكد أن مصر الدولة الوحيدة في العالم التي عاشت فيها جميع الأطياف الدينية والأفكار المختلفة في سلام وأمن وحرية في ممارسة الشعائر، ولكن نظام مبارك هو الذي أفسد هذه العلاقة، واستخدمها في إشعال الفتن الطائفية، فسمح بخروج دعوات أجنبية تطالب بالحماية الخارجية، مثلما فعل بعض أقباط المهجر، ولكن ثورة 25 يناير لن تسمح بتكرار الماضيquot;.

وأشار النفيس إلى أنه عندما يرفض الشيعة في مصر الحماية الأجنبية، فهذا سلوكهم، وقال: quot;نحن رفضنا من قبل طلب لجوء شيعة مصر لحماية إيران ضد التعسف من أمن الدولة المنحل الذي كان يوجّه إلينا اتهامات بمشاركة الشيعة في حوادث إرهابية ضد مصر، هذا إضافة إلى جانب رفض بناء مساجد شيعية، نحن لدينا الولاء للوطن، ونؤكد أن مشاكل الشيعة لا تحلّ بالتدخل الأميركي الذي لو حدث سيكون من أجل مصالحه فقط.

وثيقة الأزهر تضمن حقوق الأقليات

من جانبه، يؤكد الدكتور محمود عزب مستشار شيخ الأزهر للحوار لـquot;إيلافquot; أن هناك العديد من الدول المتقدمة تعاني مشاكل طائفية، بدليل معاناة الأقليات المسلمة من الحصول على حقوقها، وما يحدث في مصر من وجود مشاكل للأقباط هي أمور ليست مقصورة عليهم فقط، فهناك مشاكل تجمعهم مع المسلمين وهي مشاكل اقتصادية وسياسيةquot;.

مستبعدًا نهائيًا الحديث عن اضطهاد مقصود من جانب المسلمين، مشيرًا إلى أن وثيقة الأزهر تضمن حقوق الأقليات في ممارسة العقائد والعبادات، كما إن الإسلام يحفظ حقوق الجميع، لا فرق بين مسلم وصاحب أية ديانة أخرى.

ونوه بأن إعلان الأزهر أكثر من مرة رفض التقرير السنوي الذي تصدره لجنة الحريات في الخارجية الأميركية الذي يتحدث عن وجود مشاكل للأقباط في مصر يأتي انطلاقاً من إيمانه بضرورة عدم تدخل الغرب في شؤوننا الداخلية.

أما بشأن البهائيين، فقال عزب: quot;هم أصحاب ديانة غير معترف بهم حتى يطالبون بحقوقهم العقائدية، ورغم ذلك فنحن نعترف بحقوقهم الإنسانيةquot;. وأضاف: quot;إننا نرفض ما طالب به موريس صادق لأنها دعوة ضد الأمن القومي لمصر، وهذه خطوط حمراء، يرفضها القبطي والبهائي والشيعي قبل المسلم السنيالذي يكوّن الغالبية العظمى من الشعب المصري، فهذه دعوة تخريب لمصلحة إسرائيل وضرب ثورة 25 يناير التي أكدت على وحدة جميع طوائف الشعبquot;.