انفصل أعضاء الجماعة الإسلامية عن تنظيم القاعدة، والتحقوا بالمقاتلين المتمردين مقدمين مساعدتهم في وضع الاستراتيجيات التي تعني بمكافحة نظام معمر القذافي.
القاهرة: رغم انفصالهم عن تنظيم القاعدة، والتحاقهم بالمقاتلين المتمردين المتحدين تحت مظلة المجلس الوطني الانتقالي، إلا أن أفراد الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية يراقبون عن بُعد كل ما تشهده ليبيا الآن من أحداث. واستهلت صحيفة النيويورك تايمز تقريراً لها في هذا الصدد بحديثها عن شخص يدعى أبو صهيب، الذي يقضى معظم أوقاته هذه الأيام على شبكة الإنترنت، بعد الأوضاع التي استجدت على الساحة في بلاده.
وأضحت الصحيفة أن أبو صهيب، وهو قائد بارز بالجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية، إحدى المنظمات المسلحة السابقة التي كانت تتحالف مع تنظيم القاعدة، يتواصل الآن بشكل دائم مع الأصدقاء المتواجدين حالياً في ليبيا، ويساعدهم في وضع الاستراتيجيات التي تعني بمكافحة نظام العقيد الليبي معمر القذافي. وأوردت الصحيفة عنه قوله :quot; كنت أود أن أتواجد بنفسي هناك؛ وقد حاولت الذهاب. لكن تونس ومصر لم يسمحا لي بذلك، حتى بعد الثورات التي شهدتها البلدين خلال الآونة الأخيرةquot;.
ويُدرَج اسم أبو صهيب، الذي رفضت الصحيفة أن تفصح عن اسمه الحقيقي خوفاً على حياته، في قائمة خاصة بالإرهابيين المشتبه فيهم ليس فقط في ليبيا ودول الجوار، بل أيضاً في بعض الدول الأوروبية. وعاودت الصحيفة الأميركية لتشير من جانبها إلى أن أجهزة المخابرات الأميركية والأوروبية والعربية تعترف بقلقها من احتمالية تزايد نفوذ أعضاء الجماعة المسلحة السابقين في ليبيا بعد رحيل القذافي، وإذ تحاول تلك الأجهزة الآن أن تُقيِّم نفوذهم وأي صلات عالقة بينهم وبين تنظيم القاعدة.
ومضت الصحيفة تقول إن تلك الجماعة، التي يزيد أعداد مقاتليها عن 500 فرداً، منهم من حظي بالخبرة القتالية في العراق أو أفغانستان، كانت جزءً من النسيج الاجتماعي بشرق ليبيا، بحسب قادتها. كما يتواجد أقرباء أفرادها في بنغازي، معقل قوى المعارضة المناوئة للحكومة. وسبق أن تم اعتقال مقاتليها الذين عارضوا القذافي في تسعينات القرن الماضي، ولقوا حتفهم في سجن أبو سالم بطرابلس. كما اختبأوا من قوات أمن القذافي في كهوف درنة حتى اندلعت الثورة الأخيرة. ويؤكد كثير من الليبيين أنه لا يُنظَر إلى الرجال على أنهم قوة أجنبية خبيثة، بل باعتبارهم وطنيين.
وسبق لمواطنين ليبيين أن شغلوا مناصباً في صفوف تنظيم القاعدة سابقاً، ومن أبرزهم أبو ليث الليبي وأبو يحيي الليبي. لكن النيويورك تايمز نقلت هنا عن مسؤول استخباراتي عربي بارز، قوله :quot; من السهل تغيير الاسم والقول ( نحن لسنا جزءً من تنظيم القاعدة )، لكن السؤال يتعلق بما إن كانوا قد غيروا من أيديولوجيتهم، وهو الأمر الذي أشك فيهquot;. في حين قال مسؤول استخباراتي أميركي، يتتبع الأوضاع في شمال إفريقيا، إن عشرات من أفراد الجماعة السابقين تدربوا وقاتلوا جنباً إلى جنب مع المسلحين في المناطق القبلية الباكستانية التي ينعدم فيها القانون.
وعاود أبو صهيب، الذي يتواجد حالياً في لندن، ليؤكد على حقيقة رفضهم لوجود تنظيم القاعدة في بلدهم. وأوضحت الصحيفة أنه وبالتعاون مع العشرات القادة السابقين قاموا بتشكيل مقر للحرس الخلفي في العاصمة البريطانية، ويسافر بعضهم في تلك الأثناء ذهاباً وإياباً بين لندن وبنغازي، لوضع الخطط الاستراتيجيات وتبادل التبرعات التي تم جمعها من المجتمع الليبي الكبير في بريطانيا. وقال أبو صهيب في هذا الشأن quot;نحن جزءً من الشعب الليبي، ونحن نريد أن نقدم يد العون لبلادناquot;.
وفيما اعتبرتها الصحيفة إشارة أخرى دالة على أن أيام القذافي في الحكم باتت معدودة، اعترف مسؤولون بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية أن جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، قد التقى بأعضاء من الحكومة الليبية يوم السبت في تونس. وقال مسؤول بوزارة الخارجية إن تلك الجلسة quot;لم تكن متعلقة بإجراء مفاوضات، بل كانت تعني بتسليم رسالة: وهي أن القذافي لابد أن يرحل عن السلطة، حتى يتسنى بدء عملية سياسية جديدة تعكس إرادة وتطلعات الشعب الليبيquot;.
وعاود أبو صهيب ليقول في ختام حديثه مع الصحيفة quot; نريد أن نعيش في بلد يمكننا أن نعيش فيه وأن ندعم الإسلام كما ينبغي. فنحن على يقين من أن الإسلام خير للجميع. كانت هناك فترة ترغب فيها السلطات البريطانية أن تسلمنا لمعمر القذافي، رغم علمها بأننا كنا سنُعَذَّب. وقال مسؤولون أمنيون إن الجماعة المقاتلة لم يعد لها أي وجود على الصعيد الرسمي، لكن أفرادها السابقين يقاتلون إلى حد كبير تحت قيادة أبو عبد الله صادق، الذي اُعتُقِل في بانكوك عام 2004، وخضع للتحقيق بعدها من جانب وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ثم تم تسليمه للقوات الأمنية الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي، قبل أن يتم إطلاق سراحه هذا العام.
التعليقات