من اليمين: الزعيم الليبي والرئيس السوري والرئيس اليمني

شكّل الثوار اليمنيون مجلسهم الانتقالي مكوناً من سبعة عشر شخصاً جلهم من الشباب، وجاءت المبادرة بعد أنباء عن قرب وصول الرئيس صالح لصنعاء وجلاء علاجه، وبذلك يكون الثوار اليمنيون جاؤوا وصيفاً للمجلس الانتقالي الليبي، بينما لا تزال سوريا تحاور نفسها من الداخل والخارج بخطابين مختلفين.


في أراضي الثورات العربية الحالية، التي طال أمدها من دون تحقيق ما تصبو إليه نفوس الثوار والمحتجين، من تغيير أنظمتها القابعة منذ عقود على كراسي السلطة، تظهر الحاجة إلى دعم دولي لتأييد التغيير الداخلي.

ذلك التغيير الذي تبحث عنه شعوب الدول وتنشده، إلا أنها تخشى من مراحل ومآسي الصراع نحو السلطة بعد مغادرة الأنظمة الأعداء، لذلك تسعى النخب الثورية إلى لم شمل الثوار، وطمأنتهم إلى أن الفراغ التالي سيكون ممهدًا في اعتلاء quot;مجلس انتقاليquot; للسلطة، وفق تاريخ محدد لذلك، حتى انتخابات رئاسية مبكرة.

وهو مجلس يخرج بصوت واحد وهدف معلن، نحو تسيير الصوت الثوري من الداخل والخارج. فليبيا التي تقبع تحت وطأة عقيدها القذافي بدأت بمجلس انتقالي quot;احترافيquot; بشكل مبكر، بينما تأخرت الثورة اليمنية في تأسيس مجلس انتقالي أعلنته السبت.

والتأخير اليمني والسابقة الليبية نحو المجلس الانتقالي، لا تقارن أبدًا في الازدواجية السورية، ما بين خطاب وحوار داخلي للمعارضة تحت مظلة الأسد، وبين خطاب خارجي أكبر في المسمى والأهداف تحت مظلة السماء، في سعي سوري من معارضة quot;الخارجquot; إلى تأسيس مجلس انتقالي يسعى إلى أن يكون كمجلس الانتقال الليبي.

ليبيا

تظل الثورة الليبية هي الأكثر تنظيمًا على صعيد ترتيب مرحلة أثناء وquot;ما بعدquot; رحلة الثورة ضد نظام العقيد معمر القذافي، فمبادرة الثوار لتأسيس مجلس انتقالي سلمته لذوي التخصص والخبرة في تصغير لحكومة تكنوقراطية سعت وتحركت نحوكل الاتجاهات لنيل الاعتراف بها.

المجلس الانتقالي الليبي ساهم بصورة أكبر في نقل توجهات الثوار نحو المجالس السياسية الخارجية، ومارس عمله بكل حرية نال بها ثقة عدد كبير من أسرة المجتمع الدولي، ممثلة في دول quot;مجموعة الاتصالquot; وهي الدول التي أيّدت تسليم لواء الدولة الليبية للمجلس الانتقالي.

النسخة الليبية من المجلس الانتقالي تعد مقارنة بين دول الثورات الأخرى القائمة؛ الأنجح والأشمل، فهي تحوي بينها quot;أحجارًاquot; لتأسيس كيان الدولة في مرحلة انتقالية لما بعد حكم العقيد القذافي. فخبرات وأسماء أعضائه تعطي الأمل والحافز للثوار من الداخل والخارج بمواصلة دعمها.

وهو الأمر نفسهالذي عزز دعم أسرة المجتمع الدولي، نحو تأييد الانتقال الشرعي لسلطة الدولة إلى المجلس الانتقالي الذي يرأسه وزير العدل المنشق عن نظام القذافي مصطفى عبدالجليل.

ومكّن العمل المنظم والخطاب الحضاري الديمقراطي من المجلس الانتقالي الليبي في الداخل والخارج، من تلقي الدعم المالي والمعنوي من دول عدة ضمن مجموعة الاتصال الساعية إلى إلغاء حكم القذافي، كان آخرها دعما من دولة الكويت تجاوز الخمسين مليون دولار.

وبحسب شهادات الخبراء فإن الانتقال نحو مرحلة ما بعد القذافي، لن تكون مقلقة أبدًا، فالمجلس الانتقالي عمل على سد الفراغات الدستورية؛ في ظل نظام ليبي لا يستند على شرعية في الوقت الحالي، وسيمكن ذلك المجلس الانتقالي من ممارسة مهامه وإدارة البلد حتى الانتخابات التشريعية والرئاسية.

اليمن

من الثورة اليمنية

الثورة اليمنية خفت وطأتها شهراً من الزمان، بل فترت حتى خال البعض أنها قد انطفأت منذ مغادرة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح نحو السعودية للعلاج، وعادت في استعادة وهجها بعد ظهور صالح quot;القويquot; من جديد معلنًا التحدي أنه لن يغادر إلا عبر القنوات الشرعية الدستورية.

فمنذ شباط/فبراير الماضي، لم يتسن لليمنيين الثوار التفكير في مرحلة ما بعد صالح المضغوط من الداخل والخارج، سوى أن يطالبوه بالرحيل دون دراية لكيفية إدارة البلاد في حال خرج صالح.

إلا أن صالح الذي ظهر من مشفاه في العاصمة السعودية على شاشات التلفزيون الرسمي اليمني في ثياب عزة رغم حروقه وإصاباته، وهو الأمر الذي جعل اليمنيين الثوار يعاودون خروجهم ومطالباتهم برحيل صالح مهما كانت الأسباب والتبعات.

ذلك الظهور زاد زيتًا على وقود وحمى الاشتعالات الثورية داخل ساحة التحرير اليمنية، حيث عاود المحتجون بشكل أكبر مظاهر احتجاجاتهم رابضين ليل نهار في ساحتهم، حتى يعلن صالح تخليه عن السلطة.

ومع توقعات إعلامية حول عودة الرئيس صالح إلى بلاده بعد رحلته العلاجية خلال بحر الأسبوع الحالي، سارع شباب الثورة اليمنية إلى إعلانهم تشكيل مجلس انتقالي للحكومة، على غرار المجلس الليبي، إلا أن المجلس الذي تسرع شباب الثورة في تشكيله، شهد بوادر رفض من العديد من أعضائه.

ورغم أن أحزاب اللقاء المشترك المعارضة لم تعلق حول مدى قبولها أو رفضها أسماء واعتماد الشباب اليمنيين على المجلس، إلا أنها كأحزاب معارضة تشترك في قبولها للمبادرة الخليجية التي تنص على أن يغادر الرئيس صالح السلطة في غضون شهر، مع تولي نائبه الرئاسة حتى الانتخابات الرئاسية.

واختار الشباب اليمني أسماء سبعة عشر شخصية، بينهم رئيسة مجلس المرأة اليمنية حورية مشهور، بينما تمت تسمية اللواء المنشق عبدالله عليوه كقائد عام للقوات المسلحة اليمنية، وتسمية فهيم محسن كرئيس للمجلس الأعلى للقضاء. بينما لم تسم ثورة الشباب أي طرف لرئاسة المجلس.

سوريا

من الثورة السورية

من سوريا، حيث الثورة الأكثر نشاطًا، والقمع الأكثر دموية، فهي نسخة جديدة للثورات، لا تنتظر أيام الجمعة لبدء المحرك نحو المطالبة بإسقاط نظام الأسد، بل هي تزداد حركة وخروجًا للشارع يومًا بعد آخر، تزداد فيه حدتها خارج نطاق العاصمة دمشق المحصنة بأمن النظام وزعيمه بشار الأسد.

الحديث عن دموية النظام السوري تتغير بتغير عقارب ودقات الساعة، ففي كل رحلة للدقيقة يسقط متظاهر أو يصاب آخر في كل أرجاء سوريا، مع صراع تتقاذفه النخب بين الخارج والداخل.

فمن الخارج يظل الصوت الأكثر حضورًا والأقل تأثيرًا، حيث تعقد جلسات مؤتمر الإنقاذ الوطني بالتزامن بين اسطنبول حيث الظهور العلني، ودمشق في ظهور مختفي تنقله أجهزة اتصال الشبكة المعلوماتية، رغم الاعتقالات العديدة في صفوف المعارضة غير المستجيبة لدعوات الحوار الوطني السوري، والمشكل من الرئيس بشار الأسد.

المؤتمر السوري الذي يعقد بين اسطنبول ودمشق لا يزال في مسعى الخلاف، نحو تكوين مجلس انتقالي، أو هيئة انتقالية وان اختلفت التسمية، إلا أن الهدف يظل في حشد الأصوات من المجتمع الدولي، والسير على غرار المجلس الليبي في تكوين مجموعة سياسية تزيد من الضغط الخارجي على دمشق الأسد الذي يتعرض لأكبر ثورة عربية تحجبها وسائل الإعلام الرسمية.

التأخير عن الإعلان لمجلس انتقالي سوري، يظل مثيرًا، خصوصًا وأن السوريين كشعب من الداخل يتساءلون حول مرحلة ما بعد بشار، وهي المرحلة التي ستفضي إلى فراغ دستوري، رغم أن الحوار السوري الوطني الذي انتهى الثلاثاء الماضي تحت مظلة ورعاية الأسد بين المعارضة والموالاة أفضى إلى إنشاء لجنة قانونية سياسية لمراجعة الدستور بمواده كافة، quot;وتقديم المقترحات الكفيلة بصياغة دستور عصري وجديد يضمن التعددية السياسية والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون والحقوق الأساسية للإنسانquot;.

وفي زحمة أصوات المعارضة الخارجية أوضحت وزير الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أن الأصوات الخارجية لن تؤثر على سوريا من الداخل، معتبرة في حديثها لوسائل إعلام تركية أن الوضع السوري غير واضح المعالم، داعية الأسد إلى القيام بإصلاحات عامة بمشاركة المعارضة.