ستجري المحاكمة التاريخية لمبارك المتهم بقتل المتظاهرين الاربعاء المقبل في القاهرة وليس في شرم الشيخ. وأكّد المحامي الشهير بهاء أبوشقة وجوب حضور مبارك شخصياً، واصفاً قرار ضم قضية وزير الداخلية المصري السابق و6 من قيادات وزارته إلى قضية الرئيس السابق بـ laquo;القرار الصحيح الذي تأخر كثيراًraquo;.متظاهرون مصريون علقوا مشانق قيادات النظام السابق في ميدان التحرير
القاهرة: اعلنت وزارة العدل المصرية الخميس، بعد تردد طويل، ان محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك ستجرى في القاهرة وليس في شرم الشيخ حيث يقيم منذ اطاحته اثر انتفاضة شعبية في 11 شباط/فبراير الماضي.
وستكون محاكمة مبارك تاريخية فهو اول رئيس دولة عربي يسقطه شعبه وتتم محاكمته في بلده بعد ان وجهت اليه رسميا اتهامات بقتل المتظاهرين وبالفساد المالي.
وقتل اكثر من 800 شخص معظمهم من الشباب اثناء quot;ثورة 25 ينايرquot; كما اصيب ما يزيد على ستة الاف اخرين.
واعلن مساعد وزير العدل لشؤون المحاكم محمد منيع انه quot;تقرر بصورة نهائيةquot; أن تجري محاكمة مبارك في القاهرة في 3 اب/اغسطس.
ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية عن منيع انه quot;تقرر بصورة نهائية أن تجري محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، وكذلك محاكمة حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق و6 من كبار معاونية ومساعديه في الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بأرض المعارض بمدينة نصر بالقاهرةquot;.
وسبق ان شهدت ارض المعارض بالقاهرة عدة محاكمات سياسية هامة من بينها قضية تنظيم الجهاد الذي تبنى اغتيال الرئيس المصري السابق انور السادات عام 1981 وقضية ثورة مصر التي كان متهما فيها خصوصا خالد عبد الناصر نجل الرئيس المصري الاسبق جمال عبد الناصر بقيادة تنظيم غير مشروع نفذ اغتيالات لمسؤولين اسرائيليين في مصر في نهاية ثمانينات القرن الماضي وقضية اغتيال رئيس مجلس الشعب السابق رفعت المحجوب عام 1990 على يد مسلحين من تنظيم الجماعة الاسلامية.
وقال طارق الزمر، الذي كان من المتهمين الرئيسيين في قضية اغتيال السادات، لوكالة فرانس برس quot;آمل ان احضر المحاكمة لأري مبارك في نفس القفص الذي حوكمت فيه من عدة عقودquot; مشيرا الى انه امضي السنوات الثلاثين لحكم مبارك في السجن ولم يفرج عنه الا بعد تنحية الرئيس السابق.
واكد مساعد وزير العدل لشؤون المحاكم انه quot;يجري حاليا إتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لإجراء تلك المحاكمة حيث يتم إعداد المقاعد المثبتة داخل القاعة المخصصة لجلوس المحامين والجمهور ذوي الشأن وهيئة الدفاع عن المتهمين وكذلك إعداد قفص الاتهام الذي يضم المتهمين في القضية وعددهم 11 متهما، إلى جانب تخصيص مكان للصحفيين ومراسلي الصحف ووكالات الأنباء المصرية والعربية والأجنبيةquot;.
وأوضح انه quot;سيتم السماح بدخول كاميرا تلفزيونية واحدة خاصة بالتلفزيون المصري فقط، بحيث تقوم القنوات الفضائية الأخرى بنقل وقائع المحاكمة عنهquot;.
وقال انه quot;سيتم وضع بوابات الكترونية على مداخل وأبواب المبنى، إلى جانب وضع خطة أمنية محكمة وغير مسبوقة بمشاركة بين القوات المسلحة ووزارة الداخلية لتأمين المناطق المجاورة والمحيطة بالمبنىquot;.
واكد وزير الصحة عمرو حلمي للصحفيين الخميس ان مبارك quot;بصحة جيدة ويمكن نقله من مستشفى شرم الشيخ إلى القاهرة لمحاكمتهquot;.
وقد ثارت تساؤلات كثيرة في مصر حول ما اذا كان مبارك سينقل بالفعل من مستشفى شرم الشيخ، حيث يقيم منذ ان بدأ التحقيق معه في نيسان/ابريل الماضي، الى المحكمة ليجلس في قفص الاتهام مثله مثل المتهمين الاخرين.
ويعزز هذه التساؤلات المعلومات المتضاربة التي تتسرب عن صحته والتي تقول تارة ان حالته مستقرة وتارة اخرى انه يعاني من اكتئاب ووهن.
وهذا الاسبوع صرح الاطباء بمستشفى شرم الشيخ ان مبارك ممتنع عن الطعام وان حالته الصحية واهنة ويعاني من اكتئاب شديد وفقدان للشهية.
وصرح محامي الرئيس السابق، فريد الديب في حزيران/يونيو بان موكله يعاني من سرطان في المعدة، وقال في تموز/يوليو انه في quot;غيبوبة تامةquot;، الا ان المستشفى ووزارة الصحة نفيا هذه المعلومات.
ويعد نقل مبارك، المحبوس احتياطيا، الى القاهرة وايداعه سجن مزرعة طرة على غرار نجليه علاء وجمال ورموز نظامه الاخرين احد المطالب الرئيسية للمتظاهرين واسر quot;شهداء الثورةquot; وسببا رئيسيا للانتقادات التي وجهتها الحركات الشبابية للمجلس الاعلى للقوات المسلحة الممسك بزمام السلطة من سقوط مبارك.
وقال طارق الخولي، احد قادة حركة 6 ابريل الشبابية المشاركة في الاعتصام المستمر في ميدان التحرير بقلب القاهرة منذ الثامن من تموز/يوليو الجاري، ان اجراء المحاكمة في القاهرة quot;خطوة جيدة وهي نتيجة الضغط الشعبي وسنواصل الضغط للتأكد من تنفيذ هذه الخطوةquot;.
ولم يظهر مبارك البالغ من العمر 38 عاما علنا منذ اطاحته.
وقال وزير السياحة المصري منير فخري عبد النور لوكالة فرانس برس انه quot;طلب منذ ثلاثة ايام ان تتم محاكمة مبارك في القاهرة وليس في شرم الشيخ حتى لا تتأثر السياحة في هذه المدينةquot;.
واكد ان المحاكمة والتظاهرات التي سترافقها بالتأكيد من شأنها quot;ان تثير القلق في هذا المنتجع السياحي الصغيرquot;.
المحامي أبو شقة: مبارك يجب ان يحضر شخصياً
وصف المحامي الشهير المستشار بهاء أبوشقة قرار ضم قضية وزير الداخلية المصري السابق حبيب العادلي و6 من قيادات وزارته إلى قضية الرئيس السابق حسني مبارك في قضية قتل المتظاهرين بأنه quot;قرار صحيح تأخر كثيراًquot;، داعياً إلى ضمكل قضايا قتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير إلى قضية مبارك، وإنشاء أو تفريغ دائرة قضائية للنظر فيها على وجه السرعة.
وقال أبوشقة، الذي يشغل منصب نائب رئيس حزب الوفد الليبرالي، في مقابلة مع quot;إيلافquot;، إن مبارك يجب أن يحضر محاكمته شخصياً، ويمثل أمام المحكمة في قفص الإتهام، مشيراً إلى أنه ليس هناك ما يبيح له توكيل محام للحضور نيابة عنه في أي قضية متهم فيها، مبرراً ذلك بأنها تهم جنائية تتطلب مثول المتهم أمام هيئة المحكمة بشخصه أو إصدار الحكم غيابياً.
يذكر أن أبوشقة واحد من خبراء القانون الجنائي في مصر، ورفض الدفاع عن رموز النظام السابق وفي مقدمتهم الرئيس السابق حسني مبارك وزوجته ونجلاه علاء وجمال، وزكريا عزمي رئيس الديوان الجمهوري السابق، وأحمد عز رجل الأعمال القيادي في الحزب الوطني المنحل، كما رفض الدفاع عن حبيب العادلي وزير الداخلية السابق أيضاً. ويتولى الدفاع عن رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى في قضية قتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم.
ـ كيف تنظر إلى قرار المستشار عبد السلام جمعة بضم قضية حبيب العادلي وزير الداخلية السابق وقيادات وزارته إلى قضية الرئيس السابق حسني مبارك؟
ليس هناك ما يمنع قانوناً ضم أية قضية إلى أخرى ما دام هناك إرتباط بين الوقائع ووحدة في الموضوع، من أجل خدمة سير العدالة، وهناك من إنتقد القرار، لأنه ضم قضية رئيسة إلى قضية فرعية، وهذا الإنتقاد ليس له أي أساس من الصحة قانوناً، لأن قضية العادلي وزير الداخلية السابق وقيادات وزارته وقضية الرئيس السابق حسني مبارك قضية واحدة في الأساس، وقرار ضمهما معاً تأخر كثيراً، لكنه صحيح، وحسناً أن اتخذه المستشار عبد السلام جمعة، لأن هناك طلبًا لرد هيئة المحكمة سوف ينظر فيه خلال شهر أكتوبر/تشرين الأولالمقبل، ولو إستمر جمعة في نظر القضية لطال أمدها كثيراً، إذ سيكون مضطراً للتأجيل إلى حين النظر في طلب الدفاع رد هيئة المحكمة، مما سيلهب مشاعر أسر القتلى، ويزيد من سخط المصريين على السلطة القضائية والسلطة التي تدير شؤون البلاد، ويفتح الباب أمام القول بوجود صفقات، وسوف تزيد الإعتصامات والتظاهرات، إنه قرار صحيح.
ـ إذا كان هناك ما لا يمنع ضم القضيتين، فلماذا لا يتم ضم كل قضايا قتل المتظاهرين في قضية واحدة؟
المبدأ العام في المحاكمات، يقول إنه إذا كانت هناك مجموعة من الوقائع بينها إرتباط، فيجب أن تنظر أمام دائرة واحدة، لذلك أنا أدعو إلى ضمكل قضايا قتل المتظاهرين على مستوى الجمهورية إلى قضية الرئيس السابق حسني مبارك، وتفريغ دائرة واحدة لنظرها كلها، وهذا سوف يحقق أهدافًا عدةمعاً، أولها سوف يسرع من وتيرة المحاكمات، كما إن جميع المتهمين سيكونون معاً وجهًا لوجه، ويمكن مواجهة كل منهم بأقوال الآخر مباشرة، لاسيما أن الإسراع في المحاكمة مطلب أساسي للمتظاهرين.
ـ لكن هناك من يرى أن تلك المحاكمات صورية أو أنها سياسية أكثر منها جنائية؟
القضاء لا يعرف المحاكمات الصورية أو السياسية، وأشهد أنني طوال 40 عاماً أعمل فيها ضمنالسلك القضائي لم أر قضية تسير بشكل سياسي أو صوري، وكل المحاكمات كانت تتمبشكل نزيه، لكن الأزمة عادة ما تحدث نتيجة العبث في الأدلة أو عدم كفايتها، لأن القاضي يعتمد بشكل أساسي على ما لديه من أدلة ومستندات دامغة لا تقبل ذرة شك، لأن تلك الذرة من الشك تفسر لمصلحة المتهم، هذه قاعدة قانونية ثابتة.
وإذا ارتضى الشعب المصري بعد نجاحه في إسقاط النظام السابق أن يلجأ إلى القضاء العادي من دون إنشاء محاكم إستثنائية، فعليه أن يتحلى بالصبر، لأن القضاء العادي أو الطبيعي تحكمه قوانين عدة،منها قانون الإجراءات وقانون العقوبات، ومن ثم يجب أن يسير القاضي وفقاً لها، وألا ينحرف عنها، حتى لا يفتح ثغرة أمام دفاع المتهمين للطعن من خلالها، أو الدخول عبرها لرد المحكمة أواتخاذ أية ثغرة للوصول إلى البراءة، ولذلك أدعو إلى ضرورة تفريغ دائرة قضائية واحدة لنظر قضايا قتل المتظاهرين بعد ضمها معاً في قضية واحدة، على أن تكون تلك الدائرة القضائية في حالة إنعقاد مستمر حتى صدور الحكم بشكل نهائي، لأن قضية الدم أهم من أية قضايا أخرى، سواء الفساد المالي أو السياسي. مع ضرورة أن تعقد المحكمة جلساتها في قاعة تتسع لحضور أهالي المهتمين والمصابين والدفاع وتكون مؤمنة جيداً.
ـ وما الأحكام التي تنتظر المتهمين في تلك القضية، ولاسيما الرئيس السابق؟
تختص المواد من 230 إلى 235 من قانون العقوبات بجرائم القتل، وتختص المادتان 230 و231 بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وتعاقبان الفاعل الأصلي والمشترك معه سواء بالتحريض أو الفعل أو التخطيط بالإعدام شنقاً، وعلى حد علمي فإن التحقيقات الجارية مع مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وقيادات الشرطة تشير إلى أنهم متهمون بقتل المتظاهرين عمداً مع سبق الإصرار والترصد، بأن أصدر الأول بصفته رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الأعلى للشرطة أوامر باستعمال الرصاص مع المتظاهرين السلميين. وفي حالة ثبوت تلك الإتهامات فإن قانون العقوبات سوف يطبق عليهم جميعاً.
ـ البعض يشير إلى أن الرئيس السابق حسني مبارك لن يحضر جلسات محاكمته، فهل هذا يتوافق وصحيح القانون؟
الأصل في المحاكمات الجنائية حضور المتهم بشخصه أمام هيئة المحكمة، ولا يقبل منه توكيل شخص آخر أو محام للحضور بدلاً منه أو نيابة عنه، ويجب على المتهم أن يمثل أمام القاضي حتى ولو على كرسي متحرك، وهناك قضايا عديدة نظرت أثناء حضور المتهمين وهم على كراسي متحركة، فلا عذر للمتهم في القضايا الجنائية، ولكن في قضايا الجنح يجوز التوكيل لشخص آخر بالحضور، وهو محامي المتهم بالطبع، وفي حالة الرئيس السابق فإنه مطالب بالحضور أمام القاضي حسب نص القانون.
ـ لكن هناك خبراء قانون قالوا إنه يجوز للمحكمة أن تنعقد بدون حضوره، أو أن تنتقل إليه في المستشفى في حالة الحاجة لسماع أقواله؟
قلنا إن القانون يلزمه بالحضور بشخصه، لكن يجوز لوزير العدل تغيير مكان إنعقاد المحكمة، لظروف طارئة، كما حدث في قضية قتل المتظاهرين في السويس، حيث نقلت إلى مجمع المحاكم في التجمع الخامس في القاهرة بدلاً من السويس. غير أنه ليست هناك سابقة إنتقال هيئة المحكمة إلى متهم في مكان علاجه، ولا أعتقد أنها ستحدث.
ـ أثيرت شائعات حول وفاة مبارك أخيراً، ماذا لو حدث ذلك بالفعل، هل ستؤثر وفاته على سير القضايا المتهم فيها؟
في ما يخص قضية قتلة المتظاهرين، فسوف يحكم بإنقضاء الدعوى نظراً إلى وفاته، وفي حالة تهم الفساد ونهب الأموال، فسوف تنقل الدعوى إلى الورثة، أي إنهم سوف ينضمون إليها، وسيتم الحجز على أموالهم، وإلزامهم برد ما نهب بموجب أحكام قضائية، كما هو الحال في قضية أبناء كمال الشاذلي على سبيل المثال.
ـ أثير أيضاً الكثير من الحديث حول إصابته بالغيبوبة، وقيل إنها كلمة السر في الهروب من المحاكمة، ما مدى صحة ذلك؟
لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال، يطرح على دفاعه، نظراً إلى حساسية موقفي، فقد رفضت الدفاع عن الرئيس السابق وأسرته.
ـ لكن هل هناك نص قانوني يبيح للقاضي تأجيل أو إلغاء أو إيقاف محاكمة متهم في حالة فقدانه العقل أو الوعي بشكل كلي أو جزئي؟
كل الإحتمالات قائمة، وترجع إلى تقدير هيئة المحكمة.
ـ وهل هناك ما يجيز التخفيف عنه أو الإعفاء؟
المادة 41 من قانون العقوبات أوجدت استثناء في جرائم القتل المعاقب عليها بالإعدام للشريك أو المحرض، حيث نصت على أنه يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو الإعدام، وبذلك أوجدت عقوبة تخيرية للمحكمة، التي منحها القانون سلطة تقدير الدليل وظروف وملابسات ارتكاب الجريمة، ومنحها الحق في استعمال الرأفة أو تخفيف العقوبة، ولكن وضع لها حد أدنى، وهنا تكمن العلة في شفوية مرافعة الدفاع وأهمية وجود المتهم أثناء نظر القضية، وأهمية الإستماع إلى الشهود، سواء شهود إثبات أو نفي، ومن خلال الأدلة والقرائن والبراهين ومرافعة الدفاع والإستماع إلى المتهم والشهود تكوّن هيئة المحكمة عقيدتها إما بالإدانة أو البراءة.
لكن من يملك حق العفو عنه هو رئيس الجمهورية المقبل، لأن كل دساتير العالم تمنح الرئيس حق العفو أو تخفيف العقوبة في بعض الجرائم، فمثلاً عفا الرئيس فورد عن سلفه نيكسون في قضية ووتر غيت.
التعليقات