رغم الأحداث التي تواجهها سوريا حالياً، إلا أن الكثير من العراقيين يجدونها كالواحة التي يلوذون بالفرار اليها هرباً من الحرب التي قادتها الولايات الأميركية في بلادهم وما تلاها من إراقة الدماء الطائفية. ويلجأ هؤلاء الى سوريا لتمضية إجازتهم الصيفية حيث لا يقلقون من انقطاع التيار الكهربائي أو حرارة الطقس.

عراقيون يتأهبون للذهاب إلى سوريا من محطة حافلات في بغداد

القاهرة: رغم ما يقرأه ويسمعه الناس يومياً حول العالم من تقارير إعلامية تتحدث عن حالة العنف والفوضى التي تشهدها سوريا هذه الأثناء، في وقت تزاول فيه الحكومة حملات قمع وحشية ضد الشعب السوري المُطالِب برحيل الأسد، إلا أن سوريا لا تزال تبدو كالواحة بالنسبة إلى العراقيين الراغبين في قضاء إجازتهم الصيفية بعيداً عن أعمال العنف التي تشهدها بلادهم، فضلاً عن الاستمتاع بشكل أفضل من الخدمات.

في هذا السياق، أوردت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية عن مواطن عراقي في منتصف العمر يدعى مجيد شمس، كان متوجها وبرفقته زوجته وطفليه البالغين من العمر 4 و 5 أعوام إلى سوريا لقضاء إجازة مدتها شهرين، قوله quot; الجو حار للغاية في العراق، ورمضان على الأبواب. الكهرباء أفضل في سوريا، وكذلك الوضع الأمنيquot;.

ثم لفتت الصحيفة إلى أن العراقيين بدأوا يلوذون بالفرار إلى سوريا قبل سنوات عدة، هرباً من الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على بلادهم، وما تلاها من عمليات إراقة الدماء الطائفية.

وخلال تلك الفترة، استقبلت سوريا ما يربو على 300 ألف لاجئ عراقي ndash; وهو أكثر رقم استقبلته أي دولة في المنطقة - بحسب ما ذكرته المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة. ورغم عودة أعداد قليلة من العراقيين إلى بلادهم، في ظل الأحداث التي تواجهها سوريا حالياً، إلا أن بريان فوغان، الممثل المساعد في مكتب الأمم المتحدة، أكد أن عدد العراقيين الذين يغادرون بالفعل الآن إلى سوريا يزيد بكثير عن عدد العراقيين الذين قرروا العودة إلى بلادهم.

وتابعت الصحيفة بالقول إن سوريا، ورغم ما تمر به من ظروف، فإنها لا تزال مكاناً أفضل للعيش بالنسبة إلى كثير من العراقيين، الذين تشهد بلادهم حالة مستمرة من العنف، وتقطع خدمة الكهرباء، وتعرض اقتصادهم للهيمنة من جانب قطاع عام فاسد. ونقلت الصحيفة في هذا السياق عن عراقي يدعى علي محمد، ويعمل كحلاق، وقد غادر مدينة النجف العراقية إلى سوريا عام 2005، قوله quot;يمكنك أن تسترخي في سوريا. ولست بحاجة لأن تقلق بشأن الكهرباء، وبشأن حرارة الطقسquot;.

وقال أحد أصدقاء علي محمد، يدعى ياسر راشد، 21 عاماً quot; الحياة جميلة في سوريا، والنساء جميلات أيضاً. وذلك هو الأمر المهم. فضلاً عن الحرية والأمان وكل شيءquot;. ونوهت النيويورك تايمز بأن أربع أو خمس حافلات تغادر يومياً إلى سوريا من إحدى المحطات الموجودة في بغداد، وتقدر التذكرة بـ 25 دولاراً.

وقال مدير إحدى شركات الأتوبيسات، يدعى أبو محمد quot;لقد تزايد عدد الأشخاص المتوجهين من العراق إلى سوريا مع دخول موسم الإجازات الصيفية. وتنطلق الأسر العراقية إلى هناك هرباً من درجات الحرارة المرتفعة ومن أجل السياحة أيضاًquot;.

لكن سائقي الأتوبيسات يشكون من أن أفراد حرس الحدود السوريين غالباً ما يطلبون رشى، عادةً في صورة أموال نقدية أو بنزين، لكنهم أكدوا أن الاضطرابات السياسية لم تعق هذا النشاط. وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن كثيرا من العراقيين يتوجهون من بغداد صوب العاصمة السورية دمشق، وليس صوب المناطق التي تقع شمال دمشق، وتعتبر ساحات لكثير من التظاهرات، والحملات القمعية العنيفة التي شنتها السلطات السورية ضد المتظاهرين وأسفرت عن مقتل ما يقرب من 1500 فردا.

لكن إن كان الرخاء وجودة الحياة يُقاسان من حيث القيمة النسبية، فهذا قد يفسر أسباب قدوم العمالة من بنغلاديش لحمل حقائب المسافرين من العراقيين في تلك المحطة. حيث تبين أن العامل منهم يحصل على مبلغ يتراوح ما بين 12 و15 دولارا يومياً، أي إنهم يحصلون على دخل أفضل من ذلك الذي كانوا يكسبونه في بلادهم. ومضت الصحيفة تشير في ختام حديثها إلى أن بعض العراقيين يرون انجذابهم إلى سوريا على أنه مقياس لاستمرار هشاشة بلادهم. بينما يؤكد عراقيون آخرون أنهم منهكون من سنوات الحرب ووعود الديمقراطية الفاشلة التي عاشتها بلادهم.