تسعى الحكومة التركية لأن يكون الجيش تحت سيطرتها

تعمل الحكومة التركية، منذ بدء أزمة الاستقالاتفي صفوف الجيش على إجراء التعيينات لجنرالات أقرب إلى السلطة السياسية من مرشحي الحرس القديم من جهة، وإجراء تحديث شامل لترجمة الانتصار الذي حققه رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان في من جهة ثانية.
ويتعلق مشروع التحديث بموازنة الجيش وآلية الترقيات والخدمة الإلزامية وهيكيلية الألوية والصفة القانونية وسلطة الوصاية.

اشارت صحيفة quot;وال ستريت جورنالquot; إلى أن الحكومة تعمل على تكريس انتهاء الدور السياسي التقليدي للجيش التركي، باعتباره المؤسّسة السياسية الأقوى في البلاد منذ تأسيس مصطفى كمال جمهوريته قبل 88 عاماً، والحؤول دون تكرار أزمات كالتي انفجرت عندما تقدم كوشانر والجنرالات الثلاثة الآخرون باستقالاتهم يوم الجمعة لإحراج الحكومة في قضية الإصرار على ترقية ضباط وجنرالات كبار موقوفين في قضايا جنائية كبيرة تتعلق بالتخطيط لإطاحة حكومة أنقرة.

وتهدف خطة quot;تحديث الجيشquot; إلى تفادي حصول أزمات جديدة من داخل المؤسسة العسكرية شبيهة بأزمة استقالة الجنرالات، بالإضافة إلى تحسين قدرات الجيش في محاربة quot;الإرهابquot; الكردي بعد الخسارات المتتالية التي مني بها الجيش في الفترة الأخيرة على أيدي مقاتلي حزب العمال، وخصوصاً بعد مقتل الجنود الـ 13 قبل أيام في محافظة دياربكر.

أبرز الخطوط العريضة للمشروع تعديل مدة الخدمة العسكرية الإلزامية لجعلها تمتد على ما بين 9 و12 شهراً في جميع القطاعات العسكرية، علماً بأن الفترة الحالية للخدمة العسكرية هي إما 6 أو 15 شهراً بحسب درجة التحصيل العلمي للمجنّدين.

وفي السياق، فإنّ جزءاً من خطة الحكومة يهدف علناً إلى إدخال تعديلات بنيوية وهيكلية على الجيش التركي لجعله متلائماً مع شروط الانتساب إلى الاتحاد الأوروبي، علماً بأن أبرز تلك الشروط تقوم على جعل الجيش خاضعاً مباشرة لوزارة الدفاع التركية.

أما اليوم، فبحسب المادة 17 من الدستور، يخضع الجيش، ممثلاً برئيس الأركان حصراً، لمساءلة رئيس الوزراء، وليس خاضعاً ولا مرتبطاً برئيس الحكومة ولا بمكتبه، إذ إنه مستقلّ في قراره وفي ممارسته لسلطته ونفوذه. وفي هذا الإطار، فإنّ الحكومة تدرس تعديل الدستور، المادة 17 تحديداً، لإلحاق الجيش بوزارة الدفاع أسوة بمعظم الدول الديموقراطية.

وبالنسبة إلى التغييرات التحديثية، يطرح مشروع الحزب الحاكم وحكومته إجراء تعديلات كبيرة على هيكلية القوات البرية، أكبر الجيوش التركية وأهمها، والتي منها يأتي رئيس الأركان على نحو شبه دائم.

يتألف الجيش البري من أربعة ألوية (قيادة بحر إيجيه والقيادة الأولى في إسطنبول، والقيادة الثانية للجيش في مالاتيا والجيش الثالث في إرزنكان). ومن الجديد المتوقع، إلغاء قيادة بحر إيجيه (المتخصّصة بالاحتمال القديم للحرب مع اليونان). ومن ضمن التغييرات، تعديل مهمات وميادين عمل وأسماء ألوية إسطنبول ومالاتيا ليصبح اسمها قوة المنطقة الشرقية والغربية، مع تعزيز القوتين الجوية والبرية وتخصيصهما وحدهما للحرب على الإرهاب.

أما قوات البر والجو والبحر، فسيستحدث منصب نائب رئيس للأركان لهم، مع إلغاء استقلالية هذه الجيوش الثلاثة وحصرها جميعها برئاسة الأركان، مع تعديل صلاحيات قادة هذه القوات من كل النواحي وحصر الموازنة المالية للجيش برئاسة الأركان تمهيداً لجعلها خاضعة لرقابة وزارة الدفاع والبرلمان.

ووفقاً للصحيفة، يتعلق التحديث الأهم بنظام الترقيات العسكرية، وهو مصدر المشكلة التي تعيشها تركيا اليوم، إذ سيجري استبدال معيار الترقية من مدة الخدمة العسكرية إلى النجاحات المحقَّقة والرصيد المهني والاحترافي للضباط خلال خدمتهم، وبالتالي فلن يترقى الضباط إلى رتبة جنرال لمجرد تمضيتهم 28 سنة في الخدمة كضباط.