كشف دبلوماسيون غربيون ان محادثات السلام السرية بين الولايات المتحدة وقيادة طالبان في افغانستان انهارت بعد تسريب تفاصيل عن المفاوضات ومجرياتها.

وأدى انهيار المحادثات في مثل هذه المرحلة المبكرة من انطلاقها الى اتهامات متبادلة ومزاعم بأن مسؤولين متوجسين في حكومة الرئيس الافغاني حامد كرزاي سرّبوا متعمدين تفاصيل اللقاءات وهوية كبير مفاوضي طالبان.

وكانت السرية التامة شرطًا اساسيًا للقاءات التي عُقدت في المانيا وقطر هذا العام بين طيب اغا السكرتير الخاص لزعيم طالبان ملا عمر ومسؤولين كبار من وزارة الخارجية الاميركية ووكالة المخابرات المركزية.وعُقدت الاجتماعات برئاسة مايكل شتاينر المبعوث الالماني الخاص الى افغانستان وباكستان.

ونقلت صحيفة الديلي الغراف عن مصادر قريبة من المحادثات ان هذه اللقاءات اعتبرت عملية تمهيدية هدفها الاتفاق على سلسلة من اجراءات بناء الثقة لإقناع طالبان بأن الولايات المتحدة وحلفاءها جادون في السعي الى تسوية عن طرق المفاوضات.

وقالت المصادر ان زعماء طالبان كانوا مترددين في دخول المفاوضات بسبب الشكوك العميقة بين قادتهم الميدانيين الذين يعتقدون ان الاميركيين لا يريدون الحوار إلا من اجل شق حركتهم والخوف من ان أي محادثات يجرونها ستنال من مصداقيتهم.

لكن بعد ثلاث جلسات فقط سُرّبت تفاصيل اجتماعين في المانيا وآخر في قطر، عُقدت خلال شهري آذار/مارس ونيسان/ابريل هذا العام، الى صحيفة واشنطن بوست ومجلة دير شبيغل اللتين ذكرتا اسم طيب اغا بوصفه كبير مفاوضي طالبان.

وبحسب المصادر الدبلوماسية ومصادر أخرى قريبة من المحادثات، فان طيب اغا لم يُشاهَد منذ حدوث التسريب، وان المسؤولين الاميركيين لم يتمكنوا من معاودة الاتصال به عن طريق وسطاء في كويتا وبشاور في باكستان، حيث يعيش اغا على ما يُعتقد.

وقال مصدر قريب من المحادثات لصحيفة الديلي تلغراف quot;ان المحادثات كانت حدثا كبيرا، وآمل ان يتعظ اصحاب الشأن من الدرس المتعلق بأهمية السرية في المراحل الأولىquot;.واشار المصدر الى quot;ارتياع الاميركيينquot; من التسريب الذي حدث.

وأكدت مصادر في كابل انهيار المحادثات بسبب الكشف عن تفاصيلها.وكان نبأ الاتصال بأحد كبار مساعدي ملا عمر لاقى تفاؤلا حذرًا في كابل بعد سنوات من رفض طالبان مبادرات الرئيس كرزاي.

وقال عبد الحكيم مجاهد مبعوث طالبان السابق في الأمم المتحدة وعضو مجلس السلم الأفغاني الذي شكله كرزاي ان المحادثات مفيدة.واضاف في حينه ان طيب اغا ما زال قريبًا للغاية من ملا محمد عمر وهذا فأل حسن، على حد تعبيره.كما ان اغا ليس قريبا من ملا عمر، بل ومن باكستان ايضًا.

وكان المسؤولون الاميركيون يدركون ضرورة السرية التامة، لكنهم قرروا اطلاع حكومة الرئيس حامد كرزاي على مجرياتها.

وقال مايكل سيمبل النائب السابق لممثل الاتحاد الاوروبي في كابل والخبير في شؤون طالبان ان تسريب تفاصيل المحادثات وكشف هوية طيب اغا يُعد مضرّا بحركة طالبان.واوضح ان طالبان دأبت على القول إنها ستطرد الأجانب بالقوة قبل التفكير في التباحث.quot;وهم بحاجة الى فترة من الاتصالات السرية لإقناع أنفسهم بأن هناك عرضًا جديًا يبرر اتخاذهم خطوة كبيرة بإقرار ضرورة بدء المفاوضات الآن، وليس بعد ان ينقشع غبار المعركةquot;.

واضاف سيمبل انه عندما سُرّبت حقيقة اجراء المحادثات وهوية مبعوث طالبان فيها انتقلت الحركة الى طريقتها الخاصة في تطويق الأضرار.وأشاعت القيادة ان الاتصالات ليست خارجة عن المألوف بل كانت نقاشات اعتيادية بشأن الافراج عن سجناء يتعين على أي حركة مشتبكة في حرب ان تجريها بين فترة واخرى.

وقال سيمبل انه ليس من المستغرب ان تختار طالبان التقليل من أهمية المهمة التي كُلف بها طيب اغا.ومن حيث التقدم نحو اجراء مفاوضات يمكن ان تُنهي الحرب فان الوضع انتهى بخطوة الى الأمام وخطوتين الى الوراء.