هل تستطيع quot;حكومة الثوارquot; حفظ الأمن في بنغازي؟

رفع مقتل اللواء عبد الفتاح يونس قائد قوات المعارضة الليبية الغطاء عن مخاوف كانت كامنة تحت السطح في شرق ليبيا، وخاصة من انتشار الميليشيات والعصابات التي لا يبدو انها مسؤولة امام أي سلطة ، كما افادت مجلة تايم في تقرير من مدينة بنغازي. وقال التقرير ان القضية الأساسية تتمثل في إذا كانت حكومة الثوار التي حققت قواتها بعض المكاسب العسكرية ضد كتائب القذافي ، قادرة على ضمان أمن الليبيين في المناطق التي تسيطر عليها.

وكان مقتل اللواء يونس في 29 تموز/يوليو دفع كثيرين من سكان quot;ليبيا الحرةquot; الى التساؤل كيف سيتمكن التنظيم السياسي للثوار من ضمان سلامتهم إذا لم يتمكن من حماية أكبر مسؤول عسكري في قواته. وقالت مجلة تايم ان عجز المجلس الوطني الانتقالي عن توفير الأمن للمناطق الواقعة تحت سيطرة الثوار دفع البعض الى الحنين لعهد القذافي والاستقرار الذي كان مستتبا في ظل نظامه القمعي.

وكان اللواء يونس استُدعي من الجبهة للرد على تهم لا تُعرف طبيعتها في 28 تموز/يوليو. وفي اليوم التالي اعلن رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل مقتله ولكن المجلس لم يتمكن من العثور على جثته. وسارع وزير مالية الثوار علي الترهوني الى اتهام مجموعة اسلامية مارقة بالمسؤولية عن اغتياله رغم ان المجلس الانتقالي أرسل مئات الجنود في موكب مؤلف من 85 عربة لإعادة اللواء يونس الى بنغازي.

وأثارت اتهامات الترهوني مخاوف من انتشار عشرات الميليشيات التي لا تخضع لسيطرة المجلس الانتقالي بل تطيع أوامر قادتها المباشرين. وتمتلك هذه المجموعات اسلحة متطورة تمتد من القذائف المضادة للدبابات الى القذائف الصاروخية. ويخشى البعض ان تُستخدم هذه الترسانة لتصفية حسابات شخصية لا سيما وان صوت اطلاق النار يُسمع يوميا بصورة متقطعة في عاصمة الثوار ، ومئات الرجال يجوبون المدينة مسلحين بالكلاشنكوفات.

وكان عبد الجليل لمح الى مشكلة الميليشيات خلال مؤتمر صحفي عقده في 6 آب/اغسطس حين قال ان السلاح في الشارع سيُعاد تنظيمه لاستخدامه على الوجه الأحسن وان لا حاجة لوجود كل هذه المجموعات المسلحة داخل المدن. ولم تمر تصريحاته دون ان تلفت انتباه الليبيين في بنغازي. ونقلت مجلة تايم عن مواطن ليبي يقف خارج بقالية في منطقة سكنه تساؤله quot;إذا كان المجلس الوطني الانتقالي لا يستطيع إخضاع هذه الميليشيات لسيطرته فكيف يتوقع منا ان نثق به لحمايتنا؟quot;

ظل سكان بنغاي طيلة اشهر يتوجسون من قيام لجان القذافي الثورية وطابوره الخامس بأعمال تخريب في المدينة. ولكن مخاوفهم تنصب اليوم على العصابات التي يرتدي افرادها الملابس العسكرية المفضلة لدى الثوار مروعين المواطنين ويمارسون اعمال السلب تحت تهديد السلاح ، بحسب مجلة تايم التي تنقل عن المواطن داود سليمي قوله quot;ان المجرمين يستغلون انعدام الاستقرار لمصلحتهمquot;. وفي الآونة الأخيرة أخذ هؤلاء يستهدفون الأجانب. فان مجموعة من الرجال الذين يرتدون ملابس عسكرية اقتحموا غرفة صحفية أجنبية في احد الفنادق واعتدوا عليها وسرقوا معداتها الالكترونية.

وبسبب الاضطراب الأمني فان كثيرين يقلقون الآن مما سيحدث إذا تمكن الثوار أخيرا من إسقاط القذافي. وتنقل مجلة تايم عن استاذ العلوم السياسية في جامعة قار يونس صلاح السنوسي quot;ان المواطنين يتحدثون عن تصفية حسابات قديمة بين القبائل واندلاع صراع على السلطةquot; مضيفا quot;ان سقوط القذافي قد يكون فاتحة نزاع مديد بين أطراف مختلفة. وإزاء كل هذه المجموعات التي تمتلك السلاح ولا تخضع لسيطرة المجلس الوطني الانتقالي فاننا يمكن ان نشهد اعمال عنف اوسع بكثيرquot;.

مثل هذه المخاوف الأمنية أثارت لدى البعض حنينا الى القذافي. وتنقل مجلة تايم عن علي (41 عاما) وهو ليبي يملك محلا لتنظيف الملابس طلب عدم نشر اسمه الكامل ، انه quot;كانت هناك مشاكل كثيرة في زمن القذافي ولكننا على الأقل كنا نعرف ما نتوقعه ، وكان قادرا على توفير الأمن لنا. اما اليوم فلا نعرف ما سيحدث غدا ، وهذا يقلق الناسquot;. وإذ يقف المجلس الوطني الانتقالي عاجزا عن تبديد هذه المخاوف أو اعتقال قتلة اللواء يونس فان الليبيين في المناطق الخاضعة لسيطرة المجلس يخشون من ان يزداد الوضع الأمني ترديا.