أزمة مصرية - إسرائيلية جديدة بسبب سعف النخيل

أصدرت وزارة الزراعة المصرية قرار يمنع تصدير سعف النخيل إلى الخارج لمدة عامين، وذلك بسبب أمراض أصابت النخيل، ويهدف القرار الذي أثار غضب إسرائيل إلى الحفاظ على هذه الثروة.


رغم أن أزمة مقتل أربعة جنود مصريين على الحدود المشتركة مع إسرائيل لم تنته، إلا أن شبح أزمة جديدة بدأ يلوح في الأفق بين البلدين، حيث أصدر وزير الزراعة المصري الدكتور صلاح يوسف قراراً يحظر تصدير سعف النخيل إلى الخارج لمدة عامين على الأقل، وتعتبر إسرائيل أكثر المتضررين من القرار، لأنها تستورد نحو 40% من السعف quot;الجريدquot; سنوياً، لإستخدامه في الأعياد اليهودية، ويتميز سعف النخيل المصري، ولاسيما المنتج في سيناء بأنه quot;مقدسquot; لدىكل الطوائف اليهودية.

حظر تصدير السعف للخارج
ووفقاً لوزارة الزراعة المصرية فإنها لاحظت تعرّض النخيل للإصابة بالسوس والأمراض التي ساهمت في تقليل إنتاجيته من البلح، بسبب القطع الجائر للسعف القريب من قلب النخلة، أو القلب نفسه المسمى بـquot;الجمارquot;، وأشار القرار إلى أن الحظر يأتي للحفاظ على ثروة مصر من النخيل.

وحسب تقديرات المصدرين، فإن إسرائيل تستورد نحو 40% من سعف النخيل سنوياً أي ما يتراوح بين 450 و700 ألف سعفة، تستخدم في الأعياد اليهودية، لاسيما عيدي quot;السعفquot; وquot;المظالquot;، وتحرص على إستيراد سعف النخيل المزروع في أراضي سيناء، وفي حالة عدم الكفاية تحصل عليه من أماكن أخرى في مصر، ومنها واحة سيوة في شرق البلاد.

ويعتبر السعف مقدساً في العقيدة اليهودية، ولا غنى عنه في الإحتفالات والأعياد الدينية، ويضع القرار إسرائيل في أزمة حقيقة مع إقتراب الإحتفال بأعياد المظال أوالبهجة في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، حيث تستمر الأحتفالات لمدة سبعة أيام، ويحتفل اليهود فيه بذكرى خيمة السعف التي أقامها العبرانيون أثناء رحلة الخروج من مصر.

ويستخدم اليهود سعف النخيل في تزيين المعابد والمنازل، ويقبلون على تنازل quot;الجمارquot; أو قلب النخلة، الذي يتميز بطعم حلو، ويعتقدون أنه يجلب لهم البركة والخير الوفير.

إسرائيل أكثر المتضررين
ليست إسرائيل وحدها المتضرر من القرار، ولكن الولايات المتحدة الأميركية وغالبية دول شرق أوروباـ حسبما يقول الدكتور فؤاد منصور الخبير في مركز البحوث الزراعية ـ لكنها الأكثر تضرراً لأن اليهود المقيمين فيها يعتبرون أن سعف نخيل سيناء مقدس، ويرمز إلى أرض الميعاد، وبدونه لا تكتمل فرحتهم بأعيادهم.

وأضاف لـquot;إيلافquot; أن اليهود قد يضطرون إلى إلغاء إحتفالاتهم في حال عدم توافر السعف الكافي لتزيين المعابد وإقامة الصلوات فيها. مشيراً إلى أن القرار المصري بحظر تصدير السعف لم يكن مقصودًا منه إسرائيل أو أي دولة أخرى، ولكن الهدف منه الحفاظ على ثروة مصر من النخيل، لاسيما بعد إنخفاض إنتاجية النخلة الواحدة بمعدل 50%، بسبب القطع الجائر للسعف ونزع الجمار أو قلبها منها.

ولفت منصور إلى أن مصر تمتلك نحو نحو 1.5 مليون نخلة، منها 500 ألف نخلة في سيناء، يتعرض سعفها للقطع الجائر، مما يؤدي إلى إصابتها بسوس النخيل.

مصدر دخل لأهالي سيناء
وحسب قول بلال حمدان من أهالي العريش، فإن أهالي سيناء يتولون تصدير سعف النخيل بأنفسهم إلى إسرائيل، مشيراً إلى أن هناك شركات أو رجال أعمال إسرائيليين يحضرون إلى العريش سنوياً لعقد الصفقات مع أصحاب مزارع النخيل.

وقال لـquot;إيلافquot; إن السعف يباع بالدولار، وليس بالعملة المصرية، مشيراً إلى أن سعر السعفة يتراوح ما بين دولار و 2.5 دولار، وله مواصفات محددة، منها ألا تكون السعفة خضراء نضرة، وألا تكون مصابة بسوس النخيل، وأن تكون قريبة من قلب النخلة، وألا تكون متربة أي عليها أتربة ورمال. ونفى حمدان أن يكون الأهالي يقومون بنزع quot;جمارquot; النخيل، وقال إن نزع الجمار معناه موت النخلة تماماً، لأنها لن تكون قادرة على إنتاج السعف أو البلح.

لن يصمد طويلاً

وكشف مصدر آخر من أهالي العريش لـquot;إيلافquot; النقاب عن أن القرار المصري لن يصمد طويلاً أمام الضغوط الإسرائيلية، مشيراً إلى أن اليهود لا يمكنهم الإستغناء عن سعف النخيل، ولا تقام أعيادهم بدونه، لاسيما عيد المظال، الذي يحتفلون به في مطلع شهر أكتوبر المقبل.

وأوضح أن هذا القرار لم يكن الأول من نوعه، بل صدر مرات عدةمن قبل، آخرها في بداية العام 2010 من وزير الزراعة أمين أباظة الذي يحاكم في قضايا فساد حالياً، ولم يصمد أمام الضغوط الإسرائيلية، وتمت إعادة التصدير، ولفت المصدر إلى أنه في حال عدم إلغاء القرار يتم التحايل عليه من خلال التهريب عبر الحدود مع إسرائيل أو من خلال قطاع غزة. منوهاً بأن تصدير السعف إلى إسرائيل يدرّ دخلاً جيداً على مزارعي النخيل في سيناء.

ولأنه كذلك، ألتقى وفد من مزارعي النخيل في سيناء بوزير الزراعة، وطالبوا بتعويضهم عن الأضرار التي تسبب فيها قرار حظر التصدير إلى إسرائيل، وأمر الوزير بتشكيل لجنة لتقدير الأضرار وتعويض المزارعين، كما طالب المزارعون بإحياء مشروع المليون نخلة الذي طرحته الحكومة المصرية منذ نحو عشرين عاماً لتنمية سيناء، وأكدوا أن هذا المشروع سوف يحلّ الكثير من المشاكل في سيناء.

ضغوط إسرائيلية
على الجانب الآخر، قالت صحيفة معاريف الإسرائيلية إن وزيرة الزراعة أوريت نوكيدا أرسلت خطاباً إلى نظيرها المصري طالبته فيه بالتراجع عن القرار، وإتمام صفقات بيع سعف النخيل إلى إسرائيل، كما كان الأمر يسير في عهد النظام السابق لعشرات السنين، وطالبت بزيارة مصر للتباحث حول إعادة تصدير السعف قبل حلول الإحتفالات بأعياد المظال في أكتوبر المقبل.

وأشارت الصحيفة إلى أن طقوس العيد لا تتم إلا من خلال شراء سعف النخيل من سيناء، لافتة إلى أنه في حال رفض مصر تصديره إلى إسرائيل فإنه لا يجوز الاحتفال بالعيد اليهودي.

أزمة جديدة
وتوقع الدكتور سامح البحيري الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن يتسبب قرار حظر تصدير سعف النخيل بأزمة جديدة بين مصر وإسرائيل، وأضاف لـquot;إيلافquot; أن سعف النخيل السيناوي أحد المقدسات في الديانة اليهودية، وبدونه لا تتم إحتفالاتهم بالأعياد الدينية.

مشيراً إلى أن إسرائيل سوف تضغط على مصر من أجل إستمرار التصدير إليها، ورجح أن تستعين بالولايات المتحدة لممارسة ضغوط على مصر، لاسيما أن أميركا تتضرر أيضاً من القرار، حيث تستورد نحو 360 ألف سعفة سنوياً، تستخدم أيضاً في إحتفالات اليهود بأعيادهم الدينية.

ونوه عباس بأن مصر سوف تتعرض لخسائر كبيرة أيضاً، حيث تصدر نحو 7.5 ملايين سعفة سنوياً تتراوح سعر الوحدة ما بين دولار وأربعة دولارات، أي ما يتراوح بين 7.5 و30 مليون دولار سنوياً.

ونبه عباس إلى أن تلك الأزمة ليست الأولى، بل ظهرت في الأعوام 2007 و2009 و2010،وتم إحتواؤها، وفي كل مرة تكون النتيجة لمصلحة إعادة تصدير السعف، ولكن هذه المرة تأتي متزامنة مع أزمة مقتل الجنود المصريين برصاص الإسرائيليين على الحدود المشتركة، مما قد يصعب منها، متوقعاً أن تنتهي بالتصدير مرة أخرى، ولو بأسعار مضاعفة، لأنه لا غنى لليهود عن سعف النخيل السيناوي.