رافقت الجلسة الأخيرة والقصيرة للحكومة اللبنانية التي انعقدت في بعبدا أجواء محمومة، أشيع قبلها وخلالها وبعدها عن وجود توجّه إلى إسقاطها عبر إقدام وزراء التكتل والتغيير العشرة إلى الاستقالة منها احتجاجًا على وضع العراقيل والشروط أمام اقتراح الوزير جبران باسيل لتحسين إنتاج الطاقة الكهربائية.


الرئيس اللبناني ميشال سليمان يتوسط ميقاتي وبري

بيروت: استمرت الاتصالات واللقاءات الآيلة إلى معالجة الوضع المضطرب داخل الحكومة، نتيجة للخلاف الناجم من طلب وزير الطاقة والمياه اللبنانيجبران باسيل الحصول على مبلغ مليار و200 مليون دولار لتحسين إنتاج الطاقة الكهربائية، على أمل التوصل إلى حل قبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل.

وبعدما أظهرت الجلسة السابقة، التي لم تتجاوز العشر دقائق، اختلافات في الرأي بين عدد من الوزراء حولها، أبرزهم وزراء جبهة النضال الوطني، التي يرأسها النائب وليد جنبلاط، الذين اعترضوا على طلب باسيل، مطالبين بتفاصيل اشمل وأدق حول هذه الخطة، ومقترحين إنشاء لجنة قضائية ndash; مالية تواكب عملية الصرف، الأمر الذي رفضه صاحب الخطة، وهدد بالانسحاب من الجلسة، وتضامن معه عدد من وزراء تكتل التغيير والإصلاح الذي ينتمي إليه.

وكان رئيس التكتل النائب العماد ميشال عون قد لوّح في وقت سابق بفرط عقد الحكومة إن لم تستجب لطلب (صهره) الوزير باسيل، والذي كان في الأصل اقتراحًا مقدمًا منه (من عون) إلى مجلس النواب الذي أخفق في إقراره، وأرجأ البحث إلى جلسة أخرى، على أن تحوّله الحكومة إلى مشروع قانون لعرضه على الهيئة العامة للمجلس.

هذا ورافقت الجلسة الأخيرة والقصيرة للحكومة التي انعقدت في القصر الجمهوري في بعبدا أجواء محمومة أشيع قبلها وخلالها وبعدها عن وجود توجه إلى إسقاطها عبر إقدام وزراء التكتل والتغيير العشرة إلى الاستقالة منها احتجاجًا على وضع العراقيل والشروط أمام اقتراح الوزير باسيل.

فيما تحدثت أوساط سياسية عن وجود رغبة دفينة لدى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالخروج من الحكم نظرًا إلى الضغوط التي يتعرّض لها من كل حدب وصوب والهجوم المركّز الذي يشنّه quot;تيار المستقبلquot; بصورة خاصة وفريق 14 آذار بشكل عام ضده، واللذان لا ينفكان عن وصف حكومته بـ quot;حكومة حزب الله وسورياquot;، ويتهمانه بتغطية المتهمين في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ويطالبانه بإقالة وزيري حزب الله محمد فنيش (التنمية الادارية) وحسين الحاج حسن (الزراعة) من منطلق انه لا يمكن للمتهم أن يكون قاضيًا في الوقت نفسه من خلال وجوده على طاولة مجلس الوزراء على حد قول عضو كتلة المستقبل النائب نهاد المشنوق.

وإذ يرفض الرئيس ميقاتي الدخول في سجال مع أحد، ويدعو إلى التهدئة والحفاظ على الاستقرار وتجنب البلاد الخضّات، أكد مصدر قريب منه لـ quot;إيلافquot; عدم صحة المعلومات التي تتردد عن عزمه الاستقالة وانتظار الفرصة السانحة للإقدام على ذلك، متسائلاً: quot;هل إن الرئيس ميقاتي هو الذي هدد بالانسحاب ما لم تقرّ خطة الوزير باسيل أم غيره هو الذي فعل ذلك؟. ألم يبدِ تجاوبًا مع الخطة شرط اتباع الأصول للسير بها ووضع ضوابط قانونية لها، ونوه قبل الجلسة الأخيرة وبعد انعقاد الاجتماع الوزاري في السرايا الحكومية بالعمل الذي أنجزه وزير الطاقة والمياه في هذا الشأن؟. وهل يعقل أن يقدم الرئيس ميقاتي على خطوات منشأنها إضعاف حكومته وإضعافه شخصيًا؟quot;.

وقال المصدر إن رئيس الحكومة مصمم على النجاح في المهمة التي نذر نفسه لها مدركاً بأنه يحمل بين يديه quot;كرة نارquot;، عالمًا بحجم الصعوبات والعراقيل التي تعترض طريقه، ومن هنا حرصه على المضي قدماً وتحقيق الانجازات على الصعد الإدارية والمالية والاقتصادية والحياتية والمعيشية والإنسانية كافة.

وذكر المصدر أن الحكومة شهدت انطلاقة موفقة، لكن المؤسف أن يأتي هناك من يضع العصي في دواليبها، ويعطل حركتها، بطرحه قضايا تستوجب التأني في بحثها، لا جعلها امراً واقعاً يقرنها بالتهديد والوعيد، والقول quot;عليكم القبول بها فوراً وإلا ...quot;.

من جهة أخرى، بقي الهجوم الذي شنّه عضو quot;كتلة المستقبلquot; البرلمانية النائب خالد الضاهر على الجيش اللبناني وقائده العماد جان قهوجي ومخابراته موضع اهتمام ومتابعة على الساحة السياسية في لبنان، خصوصًا بعد إعلان قيادة الجيش عزمها مقاضاة الضاهر، آملة من رئيس مجلس النواب نبيه برّي التحرك في هذا الصدد، واتخاذ ما يلزم لرفع الحصانة عنه، تمهيدًا لمحاكمته بتهمة التحريض على التمرد داخل المؤسسة العسكرية بدعوته عناصر الجيش من أبناء منطقة عكار (شمال لبنان) التي ينتمي إليها الضاهر الى الاستعداد للمساهمة في تصحيح الأخطاء التي ترتكبها قيادتهم على حد قوله ووصفه العماد قهوجي بـ quot;الفاشلquot; ورجال المخابرات بـ quot;الشبيحةquot;.

هذا وأبلغ النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا quot;إيلافquot; انه لم يتلق أي شيء بخصوص الدعوى المذكورة حتى الساعة، كما إن التحقيقات الجارية بشأن المقابلة التي أجرتها مجلة quot;تايمquot; الأميركية مع أحد المتهمين من عناصر حزب الله والمتهمين بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري لم تفض إلى نتيجة نهائية بعد.

من جهته واصل النائب الضاهر حملته على ضباط وعناصر في الجيش اللبناني، مطالبًا العماد قهوجي ومدير التوجيه في الجيش العميد حسن أيوب بإصدار توضيح حول الاتهامات التي وجهتها إليه مصادر عسكرية، ونشرت في عدد من الصحف، متحدثة عن ضلوعه في أحداث مخيم quot;نهر الباردquot; في شمال لبنان، وتزويده عناصر quot;فتح الإسلامquot; بالأسلحة.

وتوعد الضاهر بالكشف عن أسماء ضباط وجنود، قال إنهم اعتدوا على حرمات بيوت في عكار، وهددوا مواطنين مناصرين لتيار المستقبل بمضايقتهم، اذا لم ينضموا إلى فريق 8 آذار.

وفيما اكتفى مصدر عسكري مأذون بالرد على الضاهر، مذكّرًا إياه بالبيان الصادر من وزير الدفاع فايز غصن في مطلع الأسبوع الحالي، وبعد ساعات قليلة على عقد مؤتمره الصحافي، الذي حمل فيه على الجيش، علمت quot;إيلافquot; أن جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في بيت الدين يوم الثلاثاء الماضي لم تعر اهتمامًا لقضية الضاهر وخلافه مع الجيش.

حيث بادر وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي وحده إلى طرح الموضوع، مطالبًا باتخاذ موقف حازم بشأنه يساند الجيش وقيادته، متوجهًا بالكلام إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بصفته كان قائدًا للجيش، وآزره في ذلك وزير الدولة علي قانصوه، إلا أن الرد على طرح كرامي جاء فاتراً، حيث قرر الاكتفاء ببيان الوزير غصن من منطلق انه من غير المناسب أن يقوم مجلس الوزراء مجتمعًا بالتعليق على كلام نائب.