إعدام مجسم للقذافي في بنغازي معقل الثوار

تنقسم الآراء الليبية حول الطريقة التي يجب أن يحاكم بها معمّر القذافي إذا تم اعتقاله حيًا. فالكثير من الليبين يرغبون في رؤية القذافي وهو ينال عقابه في بلادهم، الأمر الذي قد يضع المجلس الوطني الانتقالي في مسار تصادمي مع المواطنين.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: حتى مع استمرار مطاردة معمّر القذافي وكبار مساعديه، هناك علامات تدل على وجود انقسامات بين قادة المعارضة والعديد من المواطنين الليبيين بشأن الطريقة التي يجب التصرف من خلالها إذا تم اعتقال laquo;الديكتاتورraquo; حياً.

وقد تمكن القذافي وابنه، سيف الإسلام، ورئيس جهاز المخابرات، عبد الله السنوسي، من الهرب وتجنب خطر تعرضهم للاعتقال، منذ خروجهم من طرابلس أثناء الأحداث التي شهدتها في الأسبوع الماضي.

لفتت في هذا السياق اليوم مجلة التايم الأميركية إلى أن هؤلاء الأشخاص الثلاثة يواجهون تهماً متعلقة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية من جانب المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، لإصدارهم أوامر لقوات الأمن بقتل متظاهرين سلميين في شباط/ فبراير الماضي، وأن قادة ليبيا الجدد ملزمون نظرياً بموجب قواعد الأمم المتحدة أن يرسلوهم إلى هولندا كي يمثلوا للمحاكمة.

ورأت التايم في هذا السياق أن إرسال القذافي ومساعديه ليمثلوا أمام القضاء الدولي قد يضع المجلس الوطني الانتقالي، الذي اعترفت حكومات عربية وغربية بأنه الحكومة الشرعية لليبيا، في مسار تصادمي مع كثير من الليبيين، الذين يرغبون في رؤية القذافي وهو ينال جزاءه في ليبيا، ليس فقط على جرائم القتل التي ارتكبها أثناء فترة الانتفاضة التي استمرت على مدار 6 أشهر، وإنما كذلك على انتهاكات حقوق الإنسان التي لا تعد ولا تحصى، التي ارتكبها طوال فترة حكمه طوال 42 عاماً.

وبينما تتواصل مساعي البحث عن القذافي وباقي أبرز قادة النظام السياسيين والعسكريين، في وقت يدرك فيه قادة الثوار أن القوات الموالية للقذافي ستستسلم بمجرد أن تعلم أن قائدها بات محاصراً، قام حلف الناتو يوم الأربعاء بقصف أهداف عسكرية عدةحول سرت، مسقط رأس القذافي. مع هذا، من غير المعروف ما إن كان القذافي ومساعدوه في سرت أم لا.

ولفتت المجلة إلى أن البيانات الصادرة من الوطني الانتقالي بخصوص لوائح الاتهام الدولية غامضة، وبالكاد مفاجئة، وهو ما يعود ربما إلى حقيقة أن كثيرًا من قادة الثوار كانوا حتى وقت قريب جزءًا من النظام.

وسبق لرئيس المجلس، مصطفى عبد الجليل، الذي كان وزيراً للعدل في عهد القذافي حين بدأت الثورة في شباط/ فبراير الماضي، أن أخبر الصحافيين في مطلع الأسبوع في طرابلس أنه يأمل أن يرى القذافي يُحَاكَم أولاً في ليبيا، ثم في لاهاي.

فيما قال مسؤول النفط والمالية، علي ترهوني، الذي قضى جزءًا كبيراً من حياته في الولايات المتحدة ولا يزال يعمل كمحاضر بارز في جامعة واشنطن quot;ما عرضنا وما زلنا نعرضه، هو أن يستسلموا وسيكونوا في أمان، وسيقدموا للمحكمة، تحت إشراف دولي، وهذه هي الصفقة المطروحة في الأساس على الطاولة، وعليهم أن يقبلوها أو يرفضوهاquot;.

في هذا السياق، أكدت المجلة أن كثيرًا من الليبيين غير راضين عن ذلك، حيث يرون أن المحكمة الدولية ستكون أخفّ على القذافي، وأنهم يستحقون الحق في معاقبة الديكتاتور بالطريقة التي يرونها مناسبة.

وفي محادثة هاتفية مع التايم من مدينة الزاوية، قال طاهر بلحاج، 59 عاماً، وهو أحد داعمي الثوار: quot;من الأفضل له أن يُحَاكَم في ليبيا، لأنهم في لاهاي، سيتعاملون معه من منطلق العطف والرحمةquot;.

في المقابل، تخشى جماعات حقوق الإنسان الغربية من رغبة الليبيين في رؤية القذافي وهو يُحَاكَم ويُعدم بسرعة، وهو ما استبعدت التايم إمكانية حدوثه، إذا مثل القذافي أمام الجنائية الدولية، التي لا توجد لديها نصوص خاصة بعقوبة الإعدام، وحيث يمكن أن تستمر المحاكمات على مدار سنوات.

كما لم يسبق للمحكمة أن فازت بإدانة واحدة في العاصمة الهولندية. لكن ريتشارد ديكر، من منظمة هيومان رايتس ووتش، أوضح أن طريقة تعامل ليبيا مع القذافي قد تكون مؤشراً حاسماً على الطريقة التي قد تتعامل من خلالها مع المعارضين السياسيين في المستقبل. وأكد ديكر أن أضراراً بالغة لحقت بالقضاء العراقي بسبب محاكمة صدام حسين في بغداد.

كما أبدى بعض من أشد معارضي القذافي اعتراضهم على لوائح اتهام المحكمة الجنائية الدولية. حيث تم تسليم الاتهامات في نهاية حزيران/ يونيو الماضي بناءً على طلب من مجلس الأمن، حيث تم إلزامكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بأن تنقل القذافي ورجالاته إلى لاهاي، حال إلقاء القبض عليهم.

ونقلت التايم في الختام عن بعض المراقبين قولهم إن لائحة اتهام الجنائية الدولية تمثل مشكلة حتى بالنسبة إلى الثوار، لأنها أزالت أي حافز يمكن للقذافي أن يعتمد عليه للتفاوض على انتقال سلمي للسلطة.