أعاد الإعتداء الذي تعرّض له جرحى وأهالي قتلى ثورة 25 يناير على أيدي مؤيدي مبارك والشرطة أثناء الجلسة الثالثة لمحاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته وستة من مساعديه، أعاد إلى الأذهان الإعتداءات التي تعرضوا لها في 28 و29 يونيو/حزيران الماضي، أمام مسرح البلون ووزارة الداخلية، وأعاد معه السؤال القديم الجديد: هل قتلى الثورة المقدر عددهم بـ864 شخصاً، بلطجية لقوا حتفهم أثناء مهاجمة مقار الشرطة، أم شرفاء ضحّوا بأرواحهم من أجل أن تنال مصر حريتها؟.


ملابسقتلى ثورة 25 يناير

طلب فريق الدفاع عن مبارك ونجليه علاء وجمال وقيادات وضباط الشرطة المتهمين بقتل المتظاهرين أثناء الثورة، طلب في كل القضايا المنظورة أمام القضاء في مختلف المحافظات إستخراج شهادة جنائية توضح السجل الجنائي لكل قتيل على حدة، للتمييز بين الثوار والبلطجية المجرمين. الأمر الذي يرفضه أسر الضحايا، مشيرين إلى أنها محاولة من المحامين للتشكيك في شرف ونزاهة أبنائهم.

ليسوا بلطجية
بلهجة غاضبة، قال quot;ابني ليس بلطجياً، البلطجية هم من قتلوه بالرصاص أثناء العودة من عمله أمام قسم شرطة الزاوية الحمراء، يوم جمعة الغضب 28 يناير الماضي. ابني ليس بلطجياً ومن يقول ذلك ينقطع لسانهquot;. إنه صوت مجدي إسكندر والد القتيل مينا إسكندر 29 سنة.

وأضاف لـquot;إيلافquot;: يؤلمني جداً أن هناك من يردد هذا الكلام أو الإفتراء على أبنائنا، نعم ابني لم يشارك في المظاهرات، بل كان عائداً من عمله إلى المنزل، وكنت أنا في ميدان التحرير وقتها مع المتظاهرين، حيث شاركت في الثورة منذ يوم 25 يناير، وتركت مينا يباشر العمل في المحل الذي نملكه، وفجأة جاءني شقيقه الأصغر باكياً، وأخبرني أن مينا قتل أمام قسم الشرطة، لم أتمالك نفسي وسقطت مغشياً عليَّ، ولما أفقت ذهبت إلى المنزل، وشاهدته قبل أن يدفن فوجدته وقد مات نتيجة إطلاق إختراق رصاصة صدرهquot;.

وتابع وملامح الحزن بادية على وجهه: قتل ابني من دون أن يرى طفله الأول الذي حضر إلى الدنيا بعد وفاته بشهرين، وأسميته مينا أيضاً، لم أتلق عزاء ابني حتى الآن، ولن أتلقاه إلا بعد تنفيذ حكم الإعدام في السفاح حبيب العادلي وحسني مبارك.

هل طفل عمره 12 عاماً ويحفظ القرآن بلطجي؟
هل يمكن أن يكون طفلاً عمره 12 عاماً بلطجياً؟ هل يمكن أن يكون طفلاً يحفظ القرآن الكريم كاملاً وهو في هذه السن الصغيرة مشروع بلطجي؟ هل من الممكن أن يكون والد هذا الطفل بلطجياً أو مسجل خطر أو مطلوب جنائياً؟ إنها تساؤلات صالح محمد والد الطفل محمد صالح الذي قتل يوم جمعة الغضب أثناء مشاركته في مظاهرة في حي إمبابة، لا تحتاج تساؤلات محمد الأب إجابات، لأنها تحمل في طياتها التأكيد على أن طفله ليس بلطجياً.

رغم ذلك قال لـquot;إيلافquot;: لا يحق لأي مخلوق أن يفتش في نوايا القتلى الذين هم في دار الحق، ونحن في دار الباطل، وحتى لو كان هناك من بين القتلة بلطجية، هل يمكن قتلهم بالرصاص في الرأس والصدر، أليس يأمر القانون بإطلاق إعيرة نارية في الهواء لتفريقهم، وإذا لم يتفرقوا يتم إطلاق النار على أقدامهم، ليس هناك أي مبرر لقتل الإنسان عمداً مع سبق الإصرار والترصد.

وتابع قائلاً: أنا لا أنام النار والحسرة تحرقان قلبي، وأمه تكاد تفقد بصرها من كثرة البكاء نظراً إلى فراق ابنهاquot;، وزاد محمد رئيس إئتلاف أسر القتلى quot;نحن لا نطلب سوى القصاص ممن قتلوا أبناءنا، لاشيء يشفي غليلنا إلا أن نرى حبيب العادلي وقيادات الداخلية والضباط وأمناء الشرطة يتدلون على حبل المشنقة، وبالعدل والحق، لو كان أبناؤنا بلطجية لأخذنا بثأرهم بأنفسنا على إعتبار أن آباءهم أيضاً بلطجية.

محاولة لتشوية سمعة االقتلى

يدعو وائل أحمد شقيق القتيل كريم أحمد منادعى أن من قتلوا أثناء الثورة بلطجية أن يظهر أسرته هذا البلطجي، وأضاف أحمد لـquot;إيلافquot; أن هناك حملة إعلامية يقودها فلول الحزب الوطني ووزارة الداخلية من أجل تشويه سمعة القتلى، مشيراً إلى أن تلك الحملة تنطلق عندما يتم إتخاذ خطوة جديدة نحو محاكمة القتلة بدءًا من مبارك وإنتهاء بأصغر أمين شرطة.

مشيراً إلى أن هناك تواطؤًا متعمدًا من قبل الداخلية والإعلام الرسمي وبعض القنوات الفضائية المملوكة لفلول النظام السابق التيتسعى إلى ضرب قضية القتلى في مقتل، ومعتبرًا أن ما يحدث إنقلاب على الثورة أو قل ثورة مضادة من قبل وزارة الداخلية.

يدلل أحمد على كلامه بما حدث في الجلسة الثالثة لمحاكمة مبارك، موضحاً أن الشرطة سمحت لأنصار مبارك بدخول المئات منهمإلى أكاديمية الشرطة، ومنعت أسر الضحايا من الدخول، وأطلقت أيديهم في ضرب أسر الضحايا، وليس هذا فقط، بل إعتقلت العشرات منهم، وتعدت عليهم بالضرب أيضاً.

وأشار أحمد إلى أن شقيقه كريم قتل يوم جمعة الغضب أمام قسم السلام، ولم يكن يهاجم قسم شرطة من أجل الإستيلاء على الأسلحة أو لسرقة ملفه الإجرامي، كما يزعم أنصار مبارك والعادلي.

فهو حاصل على بكالوريوس حاسب آلي، وكان يعمل في خدمة توصيل الطلبات للمنازل في أحد المطاعم الشهيرة، وكان يقوم بتوصيل طلب عندما مرّ أمام قسم الشرطة، ووجد طفلة غارقة في دمائها، فلما همّ بنقلها إلى المستشفى على الدراجة النارية التي يستقلها، إخترقت رصاصة رأسه وسقط قتيلاً.

بلطجة الداخلية
وفقاً للمحامي حسن أبو العينيين، فإنه موكل عن 146 من أسر الضحايا والمصابين، ليس من بينهم شخص واحد يمتلك سجلاً إجراميًا، ولا حتى مخالفة مرورية، وقال أبو العينيين لـquot;إيلافquot;: البلطجة هي ما مارسته ومازالت تمارسة الشرطة في حق الشعب المصري، ولاسيما أسر الضحايا، حيث يتم منعهم من حضور محاكمة مبارك، ولا تحميهم من فلول الحزب الوطني المنحل وبلطجيته، الذين يتعدون عليهم أثناء المحاكمة خارج القاعة.

وأضاف أن من بين القتلى مهندسين وأساتذة في الجامعة وطلاب وأطفال، ونساء، ولو كان بينهم بلطجية فهم من أطلقت الشرطة سراحهم من الأقسام والسجون من أجل الإعتداء على المتظاهرين، وقتلهم، ولما فشلوا في المهمة أطلقت الشرطة عليهم النار، لتدفن معهم الجريمة التي أرتكبتها.

ويتابع: من الثابت في تحقيقات النيابة أن إحراق أقسام الشرطة وفتح السجون أو على الأقل غالبيتها تم من خلال الشرطة نفسها، حيث قال حسن عبد الرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة إنه إقترح على حبيب العادلي وزير الداخلية إحراق عدد من مقار الشرطة، وإطلاق سراح المساجين لبثّ الرعب في قلوب المصريين لينقلبوا على الثوار في ميدان التحرير، ولا يتعاطفون معهم. مشيراً إلى أن ما يقال في هذا الصدد إفتراء على أرواح شباب ماتوا من أجل هدف نبيل وهو حرية مصر.

بلطجية ولم يقتلوا برصاص الشرطة
حسب وجهة نظر، محمود عدلي، عضو إئتلاف أبناء مبارك فإن كل من قتل أثناء الثورة في الفترة من 25 حتى 28 يناير، quot;ليسوا شهداء ولا ثوارquot;، وأوضح لـquot;إيلافquot; أن غالبية قتلى ثورة 25 يناير بلطجية هاجموا أقسام ومقار الشرطة للإستيلاء على الأسلحة وسرقة ملفاتهم الإجرامية، مشيراً إلى أن ذلك سوف يتم إثباته بعد إستخراج صحيفة الحالة الجنائية كل منهم.

ولفت إلى أن من قتل في ميدان التحرير أو ميدان الأربعين في السويس أو أي من الشوارع أو الميادين في الجمهورية هم من ألقوا أيديهم في التهلكة، حيث صدرت تحذيرات من وزارة الداخلية للجميع بعدم التظاهر، إلا بعد الحصول على تصريح أمني، ولم يستجيبوا، منوهاً بأن من قتلوا في ميدان التحرير لم يقتلوا برصاص الشرطة، بل قتلوا برصاص وأسلحة غير مستخدمة في مصر حسب تقارير وزارة الداخلية ولجنة تقصي الحقائق.