دعا المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية في مصر محمد البرادعي المجلس العسكري وضع خطة طريقمنطقية وواضحة للإنتقال إلى نظام ديمقراطي مدني، في وقتأثار الهجوم على السفارة الاسرائيلية انتقادات لطريقة تعامل الحكم مع هذه الاحداث ومخاوف منتأثيرالقضايا الأمنية على عملية الانتقال السياسي في مصر.

الهجوم على السفارة الاسرائيلية في القاهرة اثار مخاوف من تأثير القضايا الامنية على عملية الانتقال السياسي

القاهرة-أ.ف.ب.: دعا المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية في مصر الدكتور محمد البرادعي المجلس العسكري إلى إعادة تقييم إدارته للبلاد في الفترة الماضية بما يضمن العمل على التحقيق الفوري للمطالب الأساسية والبديهية للثورة.

وطالب البرادعي المجلس العسكري بضرورة quot;وضع خطة طريق منطقية وواضحة للإنتقال إلى نظام ديمقراطي مدني يقوم على انتخابات حرة ونزيهة وممثلة لكافة طوائف الشعب وفئاته، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب إعادة النظر في الإعلان الدستوري إضافة وتعديلاً بحيث نبدأ من حيث بدأت كافة الدول التي مرت بظروف مماثلة لنا بداية بانتخاب الشعب، مصدر السلطات للجنة تأسيسية تمثل كافة قوى الشعب رجالاً ونساءً وكافة طوائفه الدينية والعرقية والفكرية لوضع دستور جديد، أو على الأقل الاتفاق على الملامح الرئيسة للدستور ومعايير انتخاب اللجنة التأسيسية في إعلان دستوري يستفتي عليه الشعب.quot;

كما طالب البرادعي، في تصريحات إعلامية له مساء الأحد، تعقيباً على أحداث السفارة الإسرائيلية بـquot;تشكيل حكومة إنقاذ وطني لها كافة الصلاحيات لإدارة شؤون البلاد داخلياً وخارجياً بالتنسيق مع المجلس العسكري.quot;

وشدد البرادعي على ضرورة الإعادة الفورية لهيكلة الجهاز الأمني بكافة فروعه وهو الأمر الذي لم يتم حتى الآن وليس معنى هذا فقط تطهير تلك الأجهزة من العناصر الفاسدة وإنما الأهم التغيير الكامل لثقافة تلك الأجهزة وعقيدتها بحيث تفهم أن دورها هو أن تكون حامية للشعب ومحترمة لحقوقه وحرياته في إطار القانون وليس كما كانت أداة لقمعه والسيطرة عليه.

ولفت إلى ضرورة تطهير الإعلام الحكومي من كل العناصر المأجورة التي ساهمت بشكل فج في تغييب العقول عن طريق الكذب والعمل في الوقت نفسه على وضع نظام يضمن استقلالية الإعلام بشقيه العام والخاص. ولم ينس المطالبة بـ quot;تطهير السلطة القضائية وإقرار سريع لقانون جديد للسلطة القضائية يضمن استقلالها الكامل عن السلطة التنفيذية. ووفقاً للبرادعي فإنه يجب البدء على الفور بوضع خطة اقتصادية قصيرة الأجل لإنقاذ البلاد من أزمتها الإقتصادية الطاحنة عن طريق خلق الظروف والقوانين والإجراءات الجاذبة للمستثمرين، وكذلك بذل الجهد لإحياء حركة السياحة مرة أخرى دون تعقيدات أمنية أو أية إجراءات من شأنها أن تكون قوة طاردة للسياحة.

وأشار البرادعي إلى ان الحرية ليس معناها الفوضى، ومسؤولية السلطة هي معاقبة كل خارج عن القانون بحزم وهو ما لم يحدث حتى الآن مع ظاهرة البلطجة، ومع مراعاة الحق الطبيعي لكل مصري في أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعي وهو للأسف مخالف لما يجري من اعتماد زائد على المحاكمات العسكرية والإستثنائية. كذلك فإن مسؤولية السلطة هي توفير أقصى الحماية لكل منشآت الدولة ومؤسساتها وهو الأمر الذي لا نراه بطريقة منهجية أو منطقية.

وأضاف قائلا: quot;إن مصارحة الشعب بالحقيقة كاملة غير منقوصة هو جزء أساسي في بناء الثقة بينه وبين السلطة، وإذا كان هناك الكثير من الأسباب لإدانة سياسات إسرائيل في مواجهة الشعب الفلسطيني والتي ولدت وما زالت تولد الكثير من الغضب في نفوس الشعوب العربية، فإن معرفة تفاصيل ما حدث في سيناء ومقتل 6 من أبنائنا المجندين على الحدود وبالتالي الإجراءات والتدابير التي يجب اتخاذها في مواجهته، كان وما زال أمراً ضرورياً. وفي إطار هذا التعتيم وما خلفه من انطباعات لدى الشعب المصري فقد كان علينا أن نتوقع للأسف تلك العمليات غير المسؤولة التي تمت أمام السفارة الإسرائيلية، والتي هي وإن كانت تعبر عن مشاعر غضب، فإنها وضعت مصر موضعاً مخالفاً لإلتزاماتها الدولية وهو الأمر الذي كان يجب للحكومة أن تنبه الشعب إليهquot;.

مخاوف على عملية الانتقال السياسي

وقد أثارت مشاهد الفوضى والصدامات خلال الهجوم على السفارة الاسرائيلية في القاهرة الكثير من الانتقادات لطريقة تعامل الحكم مع هذه الاحداث وايضا المخاوف من ان تؤثر القضايا الامنيةفيعملية الانتقال السياسي في مصر.

وندد العديد من الحركات السياسية والمعلقون بسلبية قوات الامن معتبرين انها سمحت بتطور الاحداث الى اشتباكات عنيفة اوقعت رسميا ثلاثة قتلى واكثر من الف جريح. واعتبر ائتلاف شباب الثورة في بيان ان حوادث السفارة تثير العديد من التساؤلات.

وندد الائتلاف خاصة باختفاء قوات الجيش والشرطة عندما بدأ المتظاهرون في تسلق مبنى السفارة قبل ظهورهم من جديد بعد ثلاث ساعات. كما اعتبر الصحافي الليبرالي وائل قنديل في صحيفة الشروق المستقلة ان هذه الاضطرابات هي نتاج quot;سيناريو كان قد وضع مسبقا لكي لا يمر اليوم على خير، وتظهر الثورة على أنها عمل شيطاني تخريبي والثوار على أنهم مجموعة من الأبالسة والبلطجيةquot;.

من جانبها حذرت جماعة الاخوان المسلمين، وهي اكثر القوى السياسية تنظيما في مصر، الجيش من محاولة quot;توظيفquot; الاشتباكات التي جرت امام السفارة الاسرائيلية بهدف quot;تضييق الحرياتquot;. واكد حزب الحرية والعدالة المنبثق من جماعة الاخوان في بيان quot;رفض أية محاولة لتوظيف واستغلال الأحداث لفرض أحكام عرفية أو تضييق هامش الحريات أو تعطيل استحقاقات المرحلة الانتقاليةquot;.

ودعا الحزب الى quot;الاستجابة لمطالب الثورة العاجلة (..) محل التوافق الوطني وعلى رأسها وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، وتطهير كافة مؤسسات الدولة من رموز النظام السابق وخاصة القضاء والإعلام والجامعات، ومنع قيادات الحزب الوطني المنحل من ممارسة الحياة السياسية والبرلمانية لمدة 5 سنوات على الأقل، واستعادة الأمن والأمان في الشارع المصري، وتعديل قانوني الانتخابات والدوائر لمجلسي الشعب والشورىquot;.

كما طالبت جماعة الاخوان بتسريع نقل السلطة الى حكم مدني. وقالت في بيان quot;في الوقت الذي يستعجل فيه الشعب المصري نتائج ثورته (..) يجد تباطؤا غير مقبول ولا مبرر من الحكومة والمجلس العسكري في الاستجابة إلى مطالبه الجوهرية والحيوية الامر الذي اضطره إلى النزول للميادين في تظاهرات حاشدة لرفع المطالب والضغط في سبيل تحقيقهاquot;.

من جانبها اكدت السلطات السبت quot;التزامها الكامل بتأمينquot; البعثات الدبلوماسية على اراضيها وقررت في هذا الاطار تطبيق بنود قانون الطوارئ. وهذا القانون الساري العمل به منذ ثلاثين عاما لحفظ الامن، والذي تنتقده بشدة القوى المطالبة بالديمقراطية ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان، يتيح اللجوء الى المحاكم الاستثنائية ويفرض الكثير من القيود على الحريات العامة باسم حماية الامن القومي.

وقال وزير الاعلام اسامة هيكل ان quot;هذه الظروف الاستثنائية تتطلب اجراءات قضائية حاسمةquot;. ويرى مصطفى كامل السيد استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة ان quot;هذه الاحداث تشكك في قدرة السلطات على المحافظة على الامن وعلى ضمان اجراء الانتخابات التشريعية في الموعد المقرر في تشرين الاول/اكتوبرquot;.

وقال لفرانس برس إنها تأتي في الوقت quot;الذي يثير فيه بطء الاصلاحات شعورا بالاحباط لدى القوى السياسيةquot;. الا انه اعترف بأن الكثير من المصريين يمكن ان يشعروا بالرضى عن تشديد الاجراءات الامنية بعد سبعة اشهر من قيام الثورة التي شهدت ارتفاعا في معدل الاجرام واعمال البلطجة والانفلات الامني والعديد من التظاهرات التي اتسم بعضها بالعنف. وقال ان quot;جزءا من الرأي العام في مصر مستعد للقبول باجراءات الطوارئ اذا كان من شأنها اعادة الامنquot;.