يشير خبراء ودبلوماسيون سابقون في تصريحات لـquot;إيلافquot; إلى أن زيارة رئيس الوزراء التركي، رجب طيب اردوغان، إلى مصر تثير الريبة لدى الجانب الإسرائيلي الذي يخشى تحالفاً بين أنقرة والقاهرة لا سيما في ظل الظروف التي تعيشها المنطقة.


العلاقات التركية الإسرائيلية شهدت توترات عميقة منذ عام 2008

يزور رئيس وزراء تركيا رجب طيب إردوغان القاهرة على رأس وفد من الوزراء ورجال الأعمال في زيارة تأجلت مرتين، الأولى بسبب الانتخابات التركية والثانية على أثر الثورة المصرية. وتكتسب الزيارة أهمية كبيرة في توقيتها نظرًا للتطورات الجارية حاليا في المنطقة، حيث هناك رهان تركي على استقرار مصر وأهمية تعاون البلدين كركيزة للاستقرار في المنطقة، خصوصا أن عدد سكان البلدين يتجاوز 165 مليون نسمة أي نحو نصف سكان المنطقة، فيما تثير الزيارة قلقاً إسرائيلياً كبيراً، لاسيما في ظل توتر علاقاتها مع البلدين في توقيت واحد.

ووفقاً لتصريحات صحافية للسفير عبد الرحمن صلاح الدين، سفير مصر في تركيا، فانه سيتم خلال الزيارة التوقيع على خمس اتفاقيات وبروتوكولات تعاون بين البلدين في عدة مجالات من بينها الإعلام والصحافة والثقافة والاتصالات، موضحًا أن هناك نحو 22 اتفاقية تعاون قيد البحث بين البلدين تغطي كل مجالات التعاون.

وشدد على أن هناك إرادة قوية لدى البلدين لرفع مستوى العلاقات الثنائية إلى مستويات أعلى وآفاق أرحب في المرحلة القادمة، مشيرًا إلى أن إردوغان سيبحث مع المسؤولين المصريين التطورات في المنطقة والأزمة مع إسرائيل ورؤية لنقلة نوعية في العلاقات بين البلدين الثنائية، مشيراً إلى أنه لا يوجد أي شيء يحول دون ذلك خصوصا أنه لا توجد أي حساسيات بين البلدين، كما سيتم بحث القضايا الأفريقية في ضوء وجود اهتمام متزايد في أفريقيا. وأوضح أن الاستثمارات التركية تسعى إلى تصنيع منتجات يتم تصديرها لإفريقيا من خلال مصانعها في مصر.

ونوه بأنه سيكون هناك تنسيق مصري تركي في ضوء عضوية تركيا في مجموعة العشرين ومشاركتها في شراكة دوفال مع مجموعة الثماني لمساعدة دول الربيع العربي.. وقال إن مصر تحتاج للدعم التركي في مجموعة العشرين وشراكة دوفال.

وأضاف أن هناك حاجة للتنسيق المشترك مع تركيا لتحقيق مصالح مصر ودعم رؤية مصر أمام هذين المحفلين.

وأكد صلاح الدين، في تصريحات صحافية له، أن هناك مشروعات مشتركة سيتم عرضها من الجانب المصري على الجانب التركي وذلك للتعاون في مجالات الصناعة والتكنولوجيا والاستفادة من الخبرة التركية لإنشاء مراكز مهنية للحرفيين وكذلك في مجال المقاولات خاصة وأن تركيا هي ثاني أكبر دولة بعد الصين في مجال المقاولات.

وقال إن مصر كانت قد طرحت في آخر جولة للحوار الاستراتيجي على مستوى وكيلي الخارجية في البلدين منذ شهرين مشروعاً لإنشاء مليون وحدة سكنية منخفضة التكاليف في مصر، وسيتم إعادة عرض هذا المشروع حيث سيتم توفير جزء من التمويل والخبرة التكنولوجية من الجانب التركي.. كما أن الجانب المصري يريد الاستفادة من الخبرة التركية في مجال القطارات السريعة وتدوير القمامة.

وبالنسبة إلى الجانب التركي ستكون هناك مشاورات لافتتاح فرع لبنك تركي لخدمة الاستثمارات التركية في مصر وهناك ترحيب مصري بذلك، كما أنهم يفكرون في الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة.

وشهدت العلاقات التجارية بين البلدين نموًا متزايداً خاصة خلال الأعوام الثلاثة الماضية بعد دخول اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين البلدين حيز التنفيذ في عام 2007 بما أسهم في تعزيز التبادل التجاري.

وحسب قول السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق لـquot;إيلافquot; فإن هناك مخاوف إسرائيلية من التحالف المصري التركي، مشيرا إلى أن ذلك يرجع إلى وجود تنسيق لدعم المسعى الفلسطيني للانضمام إلى الأمم المتحدة وتأييد ما يقرره الفلسطينيون في هذا الإطار إلى جانب سعي رئيس الوزراء التركي بزيارة قطاع غزة من خلال مصر، وهذا يمثل ضغطا كبيرا على إسرائيل في الوقت الراهن ولابد أن يستغله الفلسطينيون جيدًا.

وأضاف أن إسرائيل تخشى من احتمال سعي تركيا لخلق تحالف مع مصر، لتكوين ثنائي سياسي دولي يعمل على عزل تل أبيب في منطقة الشرق الأوسط، منوها بأن هذا ما تسعى إليه تركيا حاليا في إطار البحث على هيمنة تركيا سياسيا في المنطقة وهذا موجود في الفكر السياسي المصري بعد الثورة.

ولفت إلى أن تركيا تبحث عن تعاون بمفهوم جديد مع مصر بعد الثورة سواء كان سياسيا أو اقتصادياً أو عسكريًا، مشددًا على أنه يجب على القاهرة استغلال هذه الزيارة وفتح صفحة جديدة مع أنقرة، مضيفاً أن المسؤولين الأتراك وبينهم وزير الخارجية داوود أوغلو أكدوا أكثر من مرة أن التطور في مصر يشكل نموذجاً يحتذى به في المنطقة ما يؤكد تقارب الرؤى بين البلدين في ظل وجود حزب التنمية والعدالة على رأس السلطة في تركيا حيث يمثل البلدان سويا نموذج الاعتدال السياسي.

ويرى الأشعل أن زيارة إردوغان تأتي على خلفية حملة التصعيد الدبلوماسي التي تقودها أنقرة ضد إسرائيل، كما أنها تأتي في ظل توتر العلاقات بين القاهرة وتل أبيب على خلفية مقتل عدة جنود مصريين بنيران إسرائيلية على الحدود بين البلدين، وهي الأزمة التي تخشى إسرائيل من أن يقوم إردوغان باستغلالها.

ويقول الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة حلوان لـquot;إيلافquot; إن المخاوف الإسرائيلية من زيارة اردوغان للقاهرة ترجع إلى وجود عدة قضايا متشابهة تتلاقى فيها إرادة القاهرة وأنقرة على المستويين الشعبي والرسمي في نقطة واحدة وهي ضرورة التعامل مع تل أبيب بمنتهى الحسم من إجبارها أو إقناعها بالتخلي عن انتهاكها لكل المواثيق والأعراف الدولية تحت ذريعة الأمن الإسرائيلي وحق الدفاع عن النفس، وهذه القضايا هي قتل أتراك في سفينة الحرية وقتل مصريين على الحدود بالذرائع ذاتها السابق الإشارة إليها أضف إلى ذلك أن تل أبيب لديها مخاوف كبيرة من احتمال حدوث تنسيق مصري تركي على أعلى المستويات بالتنسيق مع جامعة الدول العربية ودول عدم الإنحياز ودول المؤتمر الإسلامي واستغلال كل الأوراق الدبلوماسية لكي يتم تمرير قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

مشيرا إلى أن إسرائيل تدرك مدى ثقل القاهرة وأنقرة في المجتمع الإسلامي بشكل قد يكون على حساب مساحة المناورة الإسرائيلية على المسرح الإقليمي والدولي في المرحلة القادمة وذلك في ظل الرفض الشعبي الغاضب للسياسات الإسرائيلية وخاصة الحصار على قطاع غزة.