الإعلاميون العراقيون خلال اجتماعهم لبحث مبادرتهم

تستعد وسائل الإعلام العراقية لإطلاق حملة موحدة لمحاربة الكثير من السلبيات التي يشهدها المجتمع العراقي في خطوة هي الأولى التي يتم الاتفاق فيها على القيام بحملة مشتركة بهذا الحجم في محاولة للحد من مستوى الفساد والانتصار للبيئة وغيرها من الأهداف.

بغداد: في سابقة هي الاولى من نوعها، اتفقت وسائل الاعلام العراقية المختلفة من مرئية الى مسموعة الى مقروءة على تنظيم حملة وطنية لمعالجة الظواهر السلبية التي تسيطر على المجتمع العراقي ويعتبرها عادات وتقاليد وحالات ثابتة في نظامه الاجتماعي ، ويجري حاليا التحضير للبدء بهذه الحملة بالتنسيق مع الوزارات المعنية والمؤسسات ذات العلاقة وصولا الى المواطن العادي الذي تريده الحملة أن يكون متفاعلا من أجل محو كلّ صور التخلف والسلوكيات غير الحضارية التي تتمدد في واقع المجتمع.

وبدأت الخطة من خلال فكرة حملتها شبكة الاعلام العراقي (شبه حكومية) وناقشتها مع وسائل الاعلام المختلفة وجرت اتفاقات على تنفيذها بروح الحرص على نفض الغبار وإزالة الصدأ من المجتمع الذي علقت به الكثير من الظواهر السلبية على مدى العقود الاخيرة الماضية .

وقد أثنى ممثلون عن وسائل الاعلام العراقية خلال لقاء جمعهم بالمدير العام لشبكة الإعلام العراقي محمد عبد الجبار الشبوط على الفكرة ، وان جاءت متأخرة، حسب رأي البعض، مؤكدين أن المجتمع العراقي بحاجة الى مثل هذه الحملة لكي ينبذ السلوكيات التي لا تمت الى الشعب العراقي بأية صلة ولا تتفق مع قيمه الحقيقية ، وقد أشاروا الى أن الحملةلن تكون مجرد إرشادات وموعظ للمواطن ، بل إنها ستقدم المفردات بطريقة إعلامية مهنية محترمة وغير مباشرة كي تصل الى قلب وعقل المتلقي ، وإنها ليست توجيهات من مكان عال الى المواطن ، وإنما هي حملة وطنية (نشيّم) الكل فيها على خدمة البلد ، وأكدوا ضرورة وجود لجنة تنسيقية من الوسائل الاعلامية التي تشارك في هذه الحملة .

وقد جاء في الاطار العام للفكرة أن الاعلام يلعب دورا مهما في توعية الناس والتأثير في الاتجاهات المجتمعيّة ومعالجة الظواهر السلبية في المجتمع ، وتزداد أهمية هذا الدور في المجتمعات التي تحتاج الى ردم الهوة الحضارية وانتشار الظواهر السلبية فيها، من هذا المنطلق اتفقت القنوات الفضائية والإذاعات والصحف على شنّ حملات وطنية لمعالجة الظواهر السلبية في المجتمع العراقي وطرح البدائل الحضارية للتصرف والسلوك العام .

كما تمت الاشارة الى الصورة التي ستكون عليها الحملة، حيث : سيشهد عام 2012 سلسلة من هذه الحملات الوطنية بمعدل شهري حيث يخصص كل شهر لمفردة واحدة اعتبارا من 15 كانون الثاني / يناير من العام الجديد ، وتشمل الحملة الوطنية كل مفردات النشاط الاعلامي مثل نشر الإعلانات في الصحف والمشاهد التمثيلية والبرامج التوعوية والسبوتات وغير ذلك ، وسوف يكون لكل حملة (رمز) وشعار إضافة الى المفردات الاعلامية الاخرى، وتقوم المؤسسات الاعلامية الراعية لهذه الحملة بإنتاج المواد الاعلامية بصورة منفردة او بالتعاون في ما بينها حسب الحالة والضرورة ، والمقترح ان تكون مفردات الحملة الوطنية للاشهر الستة الاولى من العام الجديد كما يأتي :

1-شهر كانون الثاني / يناير : النظافة واحترام البيئة
2-شهر شباط / فبراير : احترام القانون والنظام العام
3-شهر اذار / مارس : الحدائق العامة وجمالية المدن
4-شهر نيسان / ابريل : مراعاة أنظمة المرور وأخلاقيات السير والقيادة
5-شهرأيار / مايو / الصحة العامة
6-شهر حزيران/ يونيو : ترشيد الاستهلاك

وهذه المفردات اضيف اليها العديد من المفردات الاخرى التي طرأت على المجتمع العراقي بفعل الحوادث المريرة التي عاشها الناس وسوف تكون في عداد المعالجات ، مثل (الفصل العشائري) و (الرشوة) و (الفساد المالي والاداري) و(التصحر) و (النفايات) و (استخدام الشوارع والارصفة للاغراض الشخصية) وغيرها .

وقال محمد عبد الجبار الشبوط ، المدير العام لشبكة الاعلام العراقي في تصريح خاص لـ (ايلاف) : الشبكة هي الجهة الداعية والراعية للحملة الوطنية لمكافحة الظواهر السلبية في المجتمع العراقي ، تبنت هذا المشروع من اجل معالجة هذه الظواهر واقتراح بدائل حضارية لأن مجتمعنا العراقي بسبب الانقطاع المستمرّ الذي عاناه زمن الانظمة الدكتاتورية نمت فيه الكثير من الظواهر والعادات والتقاليد والتصرفات غير المناسبة حضاريا والاعلام يتحمل مسؤولية كبيرة في سدّ هذه الفجوة وفي معالجة هذه الظواهر ، من هنا جاءت دعوة الشبكة لكل الوسائل الاعلامية في البلد سواء كانت قنوات فضائية او صحفا او اذاعات من اجل ان تساهم معا في القيام بما يمكن القيام به لمعالجة هذه الظواهر . واضاف : بعض الوزارات معنية بمفردات هذه الحملة لذلك تم الاتصال بها من اجل التعاون بين الاعلام وبين الوزارات المعنية في هذه الحملة .

من جهته، قال الدكتور صالح الصحن ، الاعلامي والمحاضر في كلية الفنون الجميلة ، إن quot;هذه الحملة للمساهمة في إنجاح فعاليات إعلامية اجتماعية شعبية تساهم في الحدّ من الظواهر السلبية التي تنال حياة المواطن في ما يتعلق في البيئة والصحة والخدمات والمظاهر السلبية الاخرىquot; مؤكدا أن هذه الحملة هي جهد وطني مشترك من شرائح متعددة في المجتمع مرتبطة بلجان تنسيقية تعمل على تذليل العقبات وصناعة منجز إعلامي وفعاليات ايضا تساهم في القضاء على أي ترهل في مؤسسات الدولة ومشاريعها ومستوى الخدمات التي تقدم الى المواطن quot;.

وتابع : نحن كإعلاميين سنعمل على هذه الحملة وبحاجة الى غطاء من قبل الدوائر المتعلقة بالقضية ، بحاجة الى غطاء من وزارات الصحة والبيئة والداخلية وقيادة عمليات بغداد ، اذا نزلت الكوادر تعمل فهي بحاجة الى موافقات وغطاء عمل لتسهيل المهمة ، نحتاج الى ان نصور في مستشفى وهذا بحاجة الى موافقات ، ثم إن صناعة الاعلام كي يكون مؤثرا باللغة البصرية والسمعية يفترض ان يحمل مواصفات الصناعة المتقدمة ، فلا بد ان نحرص على المواصفات بما يؤمن تأثيره ، فليس من السهل معالجة هكذا مشاكل بمواصفات بسيطة . واضاف : ما زالت الفكرة قيد التفكير ، ولكن في مرحلة ما بعد التفعيل بامكاننا وضع اجهزة رقابية لكشف مستوياتهاquot;.

وتابع:quot; ادعو الى عدم التقيد بالاساليب التقليدية التي تعلن انها فاشلة من الاساس ولهذا ندعو الحملة إلى ان تتقيد بأساليب حديثة متطورة حريصة على تقديم المنجز بشكل مدروس وفعّال وبعيدا عن الاداريات والعوائقquot;.

وقال الدكتور فوزي الهنداوي ، مدير تحرير جريدة الزمان : هذه مبادرة طيبة، واذا ما كان اعلامنا ، بصحفه وفضائياته، فاشلا في المجال السياسي ، فليكن ناجحا في المجالات الاجتماعية والثقافية والعامة التي تهم المواطن وهذه المبادرات تقدم خدمة للمواطنquot;.

وتابع الهنداوي:quot; انا اعتقد ان البيئة اصبحت علما يدرس في الجامعات ، وليس اجتهادات او أشياء عامة، ولايمكن لوزارة البيئة ان تكون لوحدها طرفا مشاركا في الحملة ، اعتقد انه يجب الاعتماد على الجامعات مثل أقسام هندسة البيئة في بعض الجامعات ونستأنس بآرائهم ، انا اعتقد ان هذه الحملة الاعلامية لها سقف زمني محدد وفي نهايته يجب تقويم الحملة ، هل كانت ناجحة ام فاشلة، كما يجب الاشارة الى ان في هذه الحملة يكون للجانب المادي دور مهم وحيوي ، ولكن يجب ان لا نجعله عقبة امامنا ، وادعو القنوات الفضائية بدل ان تقدم الاغاني الهابطة والبرامج المستهلكة والمعادة والتي ملتها الناس ان تقدم برامج عن السلوكيات الخاطئة والاهتمام بالبيئةquot;.

واضاف : انا اطالب مناقشة موضوع (الفصل العشائري) الذي اصبح عبئا على الناس واصبح الكثيرون يفتعلون المشاكل الاجتماعية من اجل الحصول على مبالغ مالية .

اما عيسى الفريجي، مدير قناة المسار الفضائية ، فقال : هذه مبادرة جيدة وان جاءت متأخرة ، ولكن المثل يقول (بدل ان تلعن الظلام اشعل شمعة) ، والرسول محمد يقول (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) ، وبالتأكيد هذه الظواهر السلبية الكثيرة في المجتمع يمكن معالجتها بطريقة حضارية ومسؤولة اذا تكاتفت جهود خيرة وطيبة في وسائل اعلام مختلفة في مؤسساتنا الاعلامية ، واعتقد اذا ما حدث تنسيق مع الوزارات المختصة كالصحة والبيئة والمرأة والكهرباء ومجالس المحافظات والهيئات المستقلة مثل امانة بغداد وغيرها من اجل تحقيق نتائج افضل ، فهذه حملة وطنية كبيرة وشاملة وتحتاج الى تضافر جهود كبيرة، ونحن الان في طور بناء عراق جديد يحتاج الى تغيير الكثير من الثقافات والقيم السائدة في المجتمعquot;.

واضاف : نشعر بالالم للظواهر السلبية ، وعلينا ان نبدأ وان نخطط بشكل مشترك ، انا اعتقد ان الكثير من وسائل الاعلام قدمت مبادرات جيدة ولكن فردية ، لذلك عندما نعلن عن حملة وطنية شاملة هنا ستكون للمبادرة قيمة اخرى ، خاصة ان همومنا مشتركة ومسؤولياتنا كبيرة ازاء مجتمعنا وازاء بلدنا الذي نريد ان ننهض به ونتحول الى حالة متقدمة ، ما الفرق بيننا وبين المجتمعات المتحضرة من حيث التفاصيل، لذلك انا اعتبر هذه المبادرة رائدة وان شاء الله ستتوضح اكثر من خلال النتائج ومن خلال الجهد المثمر ، وان شاء الله تتواصل الحملة وسنساهم معا ونراقب معا التحولات التي تحدث وعلى أساسها نبدأ بخطط جديدة وبرامج جديدة من اجل ان نصل الى اهدافنا المشتركةquot;.

ومن جهته، اقترح الدكتور حسين علي نور الموسوي ، معاون كلية الاعلام ، جامعة بغداد ، ان تخصص كل مفردة من المفردات المراد معالجتها لمؤسسة معنية قد تكون مؤسسة تابعة لوزارة او هي وزارة بأكملها، وقال : لا بأس ان تكون هذه الوزارات داعمة للقنوات الفضائية خاصة في ما يتعلق بالجانب المالي ، لاننا نعتقد ان كل الوزارات لديها ميزانية مخصصة للاعلام ، لان الحملة شاملة وستأخذ مداها بأكثر من وسيلة اعلامية ، لذلك يجب ان نطرح على هذه الوزارات دعم القنوات الفضائية ببعض الاموال كي تستطيع ان تكون مساهمة وفاعلة ، صحيح انه جهد وطني ولكن الفضائيات بحاجة الى دعم.

واضاف : اعتقد سيكون هناك نوع من التشتت في العمل ان لم تكن هنالك رؤية واحدة لان كل قناة فضائية ربما يكون حجم تغطيتها متفاوتا ، ولكن ان كان هناك تكامل فأعتقد انه سيكون بالتعاون ما بين القنوات حيث ان ما تنتجه هذه القناة توزعه على القنوات الاخرى وهكذا من اجل ان يكون هناك عمل مشترك الهدف منه نصرة هذا الموضوع .