تُشكّل جولة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى فنزويلا صفعةً إلى واشنطن، يهدف من خلفها دحض الأقاويل التي تشير إلى عزلة بلاده بسبب برنامجها النووي.

جولة الرئيس الإيراني إلى أميركا اللاتينية تشكّل صفعةً للولايات المتحدة

وصل الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد يوم الأحد الى فنزويلا في اطار جولة على اميركا اللاتينية، الباحة الخلفية للولايات المتحدة، تستغرق خمسة ايام هدفها الرد على من يقول بأن ايران تواجه عزلة دولية بسبب برنامجها النووي.

وسيزور احمدي نجاد بعد فنزويلا التي استقبله رئيسها اليساري هوغو تشافيز بالاحضان، نيكاراغوا واكوادور وكوبا. كما تشمل الجولة غواتيمالا حيث سيحضر احمدي نجاد مراسم تنصيب الرئيس المنتخب اوتو بيريز.

وتأتي جولة الرئيس الايراني في اميركا اللاتينية، وهي الثانية منذ عام 2009، وسط توتر متصاعد بين ايران والقوى الغربية العازمة على وقف برنامج ايران النووي الذي تقول انه يهدف الى انتاج اسلحة نووية وليس لأغراض مدنية كما تؤكد ايران.

ويبدو ان الرئيس الايراني المعروف بخطاباته الاستفزازية في جلسات افتتاح اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، يقضي وقتاً ممتعا في جولة تُعد صفعة الى الولايات المتحدة، لا سيما وانها تأتي في وقت توجه طهران تحذيرات استعراضية بأن تبقى الولايات المتحدة بعيدة عن quot;باحةquot; ايران الخلفية في الخليج.

وفي مباراة من التحذيرات المتبادلة حمَّلها محللون مسؤولية ارتفاع سعر النفط الاسبوع الماضي، ردت الولايات المتحدة بأنها ستحافظ على وجودها في الخليج وبالتحديد استمرار بوارجها بالابحار في مياه مضيق هرمز، الذي تمر منه نحو 20 في المئة من صادرات النفط في العالم.

كما تسلط جولة احمدي نجاد ضوء على مطامح ايران في اميركا اللاتينية وكيف اصبحت تستأثر بقسط من اهتمامات السياسة التجارية الاميركية وحساباتها الجيوسياسية.

وكان مسؤولون ايرانيون نوهوا قبل ان يبدأ احمدي نجاد جولته بأهمية اميركا اللاتينية المتزايدة في علاقات ايران الدولية. ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن مسؤول ايراني ان تطوير التعاون الشامل مع بلدان اميركا اللاتينية هو quot;من اولويات السياسة الخارجية للجمهورية الاسلاميةquot;.

وتستفز مثل هذه التصريحات ادارة اوباما التي تتطلع الى اميركا اللاتينية في وقت يسعى الرئيس اوباما الى مضاعفة صادرات الولايات المتحدة بحلول عام 2015 كما وعد في عام 2010. وفي هذا الاطار وقعت الادارة اتفاقية تجارة حرة مع كولومبيا وبنما.

والتزمت الادارة عموما جانب الصمت إزاء جولة احمدي نجاد الماضية في اميركا اللاتينية التي شملت البرازيل، بعكس الجولة الحالية تعبيرا عن تصاعد حدة التوتر بين البلدين. ففي مقابلة مع صحيفة ال يونيفرسال الصادرة في كراكاس مؤخرا قال اوباما quot;ان علاقات الحكومة الفنزويلية مع ايران وكوبا لم تخدم مصالح فنزويلا وشعبهاquot;. وتساءل اوباما عن المنافع التي يجنيها الشعب الفنزويلي من اقامة علاقات مع دولة quot;تنتهك حقوق الانسان الأساسية.... ومعزولة عن غالبية دول العالمquot;.

وفرضت الادارة الاميركية في ايار/مايو قيودا مالية على شركة النفط الوطنية الفنزويلية لخرقها القوانين الاميركية ببيعها ما يعادل حمولة ناقلتين من البنزين الى ايران.

ولكن الجمهوريين الذين يأملون بالصاق تهمة التهاون مع ايران باوباما في سنة الانتخابات اطلقوا تحذيرات اشد مما قاله الرئيس الاميركي في المقابلة بشأن نشاطات ايران في اميركا اللاتينية. وقالت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، الجمهورية الينا روس ليتنين ان جولة احمدي نجاد تهدف الى quot;تقريب التهديد الايراني من شواطئناquot;. وحذر المتنافسان على ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية ريك سانتورم وميت رومني من تزايد نشاط ايران ووكلائها مثل حزب الله في نصف الكرة الغربي عموما، بما في ذلك المكسيك.

ويقول محللون ان احمدي نجاد حقق اثنين من اهدافه بجولته الجديدة هما استفزاز quot;الشيطان الأكبرquot; والقول للرأي العام الايراني ان ايران قوة ذات امتدادات دولية. ولكن العديد من هؤلاء المحللين يضيفون ان الحديث عن تنامي نفوذ ايران في الباحة الخلفية للولايات المتحدة مبالغ به في الغالب. وقال ستيفن جونسون مدير برنامج الاميركيتين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ان احمدي نجاد نجح من دون ان يغادر طهران في تغذية المخاوف من حدوث غزو ايراني صغير لمنطقة نفوذ اميركية. ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن جونسون ان الولايات المتحدة والحكومات الصديقة في المنطقة لا يمكن ان تتجاهل التقارير التي تتحدث عن تعاون ايران وفنزويلا في مجال تطوير الصواريخ أو نشاطات ايران الخفية في نصف الكرة الغربي ولكن على الولايات المتحدة ألا تصدق كل ما تسمعه عن ايران في اميركا اللاتينية، معتبرا ان فيه الكثير من التهويل.

واشار جونسون الى ان بعض المحللين شددوا على مضاعفة تجارة ايران مع اميركا اللاتينية quot;ثلاث مراتquot; في السنوات الأخيرة. وفي حين ان هذا قد يكون صحيحا فالصحيح ايضا انها تضاعفت ثلاث مرات من ارقام متواضعة جدا وان هذا يؤكد رأيه القائل بأن اهمية ايران وحكومات اميركا اللاتينية اليسارية لبعضها البعض اهمية رمزية أكثر من أي شيء آخر.