طالباني يتسلّم أوراق اعتماد السفير التركي الجديد في العراق

يُظهر تصاعد حدة تراشق الاتهامات بين بغداد وأنقرة أن المنطقة ستشهد ملامح علاقات جوار جديدة، ذات بُعدٍ طائفي. وحذر العراق تركيا من استمرار تجاوزها على أراضيه وأجوائه، فيما أكد الرئيس جلال طالباني سعيه إلى تعميق العلاقات بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.


لندن: يبدو أن الأحداث التي تشهدها المنطقة سترسم ملامح علاقات جوار جديدة، تأخذ بعداً طائفياً يؤجج الأوضاع الداخلية لبلدانها بدل تهدئتها، حيث تتصاعد حالياً حدة تراشق اتهامات بين بغداد وأنقرة، اتخذت منحى طائفيا على ضوء الأزمة السياسية التي يعيشها العراق المتهم من قبل تركيا بعمليات تطهير سياسي ضد السنة، فردّ باتهام مماثل بالطائفية والإنحياز محذراً اياها من استمرار تجاوزها على أراضيه وأجوائه. فيما أكد الرئيس جلال طالباني اليوم خلال تسلمه أوراق اعتماد السفير التركي الجديد سعيه إلى تعميق العلاقات بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.

فقد انطلقت من انقرة على مدى الأيام الثلاثة الماضية، تحذيرات على أعلى مستوى من تفجر حرب طائفية في العراق رافقتها اتهامات للسلطات العراقية بممارسة تطهير سياسي للسنة، يبدو انها جاءت على خلفية اتهام السلطات العراقية للنائب السني للرئيس العراقي طارق الهاشمي بعمليات قتل وإرهاب وإصدار أمر بالقاء القبض عليه.

فقد تحدث وزير الخارجية التركي أحمد اوغلو في مؤتمر صحافي في طهران عقب مباحثات مع المسؤولين فيها عما أسماه الاجراءات التطهيرية المؤذية التي تحصل في العراق من قبل الحكومة العراقية ضد السياسيين السنة ، وحذر quot;من حصول تصدع نتيجة الصراع على السلطة في العراقquot;. وأشار إلى أن الأوضاع المتوترة في العراق لها علاقة بما يجري حاليا في سوريا في اشارة إلى انتفاضة الشعب السوري، ودعم العراق للنظام السوري. لكنه أشار إلى أن تركيا وإيران تستطيعان لعب دور مهم في إيجاد حلول للأزمات السياسية في سوريا والعراق.

أما رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، فقد عبر خلال مباحثات هاتفية مع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن عن قلقه quot;حيال الأزمة السياسية بين السنة والشيعة في العراق، التي قد تؤدي إلى تنامي خطر اندلاع حرب طائفيةquot;. وتحدث اردوغان الذي اتصل ببايدن عن التسلط السائد في العراق، وقال له ان quot;عدم الاستقرار يمكن ان يحصل لدى جيراننا ويمكن ان يؤثر ايضا في تركيا وفي المنطقة بأكملهاquot;، مشيرا إلى ان quot;تركيا تأمل في ان تسود ديمقراطية قوية في العراق ويعمه الاستقرارquot;.

وإزاء ذلك، فقد جاء رد بغداد سريعا ومن احد المقربين إلى رئيس الوزراء نوري المالكي، فقال النائب عن ائتلاف دولة القانون ياسين مجيد إن تصريحات وزير الخارجية التركي تعد تدخلا سافرا في شؤون العراق الداخلية، وأكد بالقول quot;نحن نرفض بشدة أي تدخل من دول الجوار الإقليمي، او اية دولة أخرى في شؤوننا الداخلية خاصة وإن تصريح اوغلو تفوح منه الطائفية والانحياز إلى جهة سياسيةquot;، في اشارة إلى القائمة العراقية التي يعتبر الهاشمي احد قيادييها الرئيسين.

وأضاف مجيد: quot;ننصح اوغلو ان يتوجه لحل مشاكل تركيا الداخلية قبل أن يتدخل في شؤون الآخرين، والاهتمام بشؤون بلاده أولا وأن لايكرر الجيش التركي ما قامت به طائراته المقاتلة من مجزرة بحق القرويين الأكراد في جنوب شرق تركياquot;.

وبعد ذلك جاء تحذير آخر من مقرب ثان للمالكي، هو النائب في دولة القانون حسن السنيد الذي اتخذ من القصف التركي لمناطق العراق الشمالية واختراق الطيران التركي للأجواء العراقية،
حيث أكد أن بلاده ستلجأ إلى منظمة العمل الإسلامي أو الأمم المتحدة أو فتح حوار مع تركيا إذا أقدمت على الإستمرار بهذه التجاوزات.

وأضاف السنيد في حديث مع فضائية السومرية العراقية اليوم إنه في حال اخترقت تركيا الأجواء العراقية quot;فإننا سنلجأ إلى منظمة العمل الإسلامي أو إلى الأمم المتحدة، أو سيتم الاعتماد على الحوار معها مباشرة لمنع التجاوز على الأجواء العراقيةquot;. وأشار إلى أن quot;قوتنا الجوية ما زالت ضعيفة وراداراتنا لم تغط كل المساحة، ولكننا، وبهذه الإمكانيات البسيطة مقتنعون بأننا متمكنون من حماية أجوائناquot; لافتا إلى أن quot;وصف العراق بالضعيف دعوة لبقاء قوات أجنبيةquot;.

وتشهد المناطق الحدودية العراقية مع تركيا منذ عام 2007 هجمات بالمدفعية وغارات للطائرات الحربية التركية، بذريعة ضرب عناصر حزب العمال الكردستاني التركي المتواجد في تلك المناطق منذ أكثر من 25 عاماً.

واليوم تسلم الرئيس العراقي جلال طالباني أوراق اعتماد السفير التركي الجديد في بغداد، يونس ديمرر مؤكدا إستعداده الكامل لدعم جهود السفير الرامية إلى تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، مشددا على رغبة العراق في توسيع أطر التعاون المشترك مع تركيا وبما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الصديقين.

بدوره عبر السفير التركي الجديد يونس ديمرر عن سعادته بالعمل في العراق مؤكداً مساندة بلاده للعملية السياسية والتجربة الديمقراطية المتنامية في العراق.

وتشهد علاقات تركيا مع العراق عامة وإقليم كردستان خاصة توتراً منذ أن بدأت الطائرات التركية في آب (اعسطس) الماضي، بشن هجمات على مواقع وقرى تقع على حدودها مع العراق والحدود العراقية الإيرانية، بذريعة ضرب قواعد تابعة لحزب العمال الكردستاني، ما اضطر الكثير من العوائل إلى النزوح من قراها والسكن في مخيمات موقتة.

وكان العراق وتركيا اعلنا صيف عام 2008 عن تأسيس المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي بين البلدين، لتطوير آلية الحوار وتعميق التعاون السياسي والأمني والتنسيق الإقتصادي.

وفي أيار (مايو) الماضي دعا نواب عراقيون إلى عدم المصادقة على هذه الاتفاقية الإستراتيجية، من اجل إلزامها بإطلاق حصة العراق من المياه. ومن جهته اشار المتحدث الرسمي بإسم الحكومة العراقية علي الدباغ، إلى أن إيقاف العراق العمل بالاتفاقية الإستراتيجية مع تركيا لا يعد ضغطا عليها، بل حفاظا على مصالح العراق الإستراتيجية وفي مقدمتها المياه، فيما أشار إلى أن مجلس النواب العراقي دعا من خلال رفضه المصادقة على الاتفاقية إلى إلزام تركيا بإطلاق حصة العراق من المياه.