ليبيون يهاجمون سيارة مصطفى عبدالجليل في بنغازي

يواجه المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا أخطر أزمة منذ سقوط نظام معمّر القذافي، أرغمت نائب رئيسه على الاستقالة. وحذر رئيس المجلس من حرب أهلية، وذلك في أعقاب تصاعد الاحتجاجات ضد السلطات الجديدة.


لندن: جاء اقتحام مكتب المجلس الانتقالي في بنغازي يوم الأحد تعبيرا عن تذمر واسع وعدم رضا على قيادة المجلس وأدى الى تعديل أسفر عن استقالة نائب رئيس المجلس عبد الحفيظ غوقة وتعليق عضوية آخرين.

وكانت منظمات شبابية واصلت طوال أشهر احتجاجها على المجلس الانتقالي الليبي في بنغازي رافعة جملة مطالب. ونُظمت احتجاجات مماثلة في مناطق اخرى بينها طرابلس حيث اقام ناشطون مخيما صغيرا قبالة مقر رئيس الوزراء.

ويطالب المحتجون بمزيد من الشفافية في عمل المجلس الانتقالي الذي يتولى السلطة التنفيذية والاشراف على انتخاب مجلس تأسيسي يكتب دستورا جديدا.

ويسيطر على المجلس قياديون من ثوار المنطقة الشرقية واثارت هذه السيطرة شكوك قوى مناطقية أخرى. كما تُطلق اتهامات بأن العديد من اعضاء المجلس ذوو ماض اسود بسبب علاقتهم بنظام العقيد معمر القذافي، سواء كانت الاتهامات تقوم على الشبهة أو لها اساس.

وكانت هذه الإحباطات انفجرت مساء السبت الماضي عندما اقتحم حشد غالبيته من الشبان مكتب المجلس الانتقالي في بنغازي حين كان رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل في المبنى حيث أُلقيت قنبلة يدوية وتحطمت نوافذ المبنى وجرى العبث بمحتوياته.

ويبدو أن الشرارة التي فجرت غضب المحتجين مسودة قانون الانتخابات التي نُشرت على الانترنت. وقال ناشطون ان نص القانون كُتب وراء ابواب مغلقة دون اشراف او مشاركة شعبية. وإن أحكامه التي لا تعتمد التمثيل النسبي ستدفع الليبيين الى التصويت على اساس الإنتماء القبلي أو التصويت للأثرياء أو الوجهاء في مناطقتهم وتنتقص من فرص الأحزاب الجديدة وقياداتها.

وحذر عبد الجليل في تصريح للصحافيين في بنغازي من ان الاحتجاجات ستقود البلاد الى quot;الهاويةquot; وناشد المحتجين ان يمهلوا الحكومة مزيدا من الوقت.

وقرر المجلس الانتقالي تعليق عضوية عدد من ممثلي بنغازي في المجلس وتشكيل هيئة من علماء الدين للتحقيق في اتهام مسؤولين واعضاء في المجلس الانتقالي بالفساد أو الارتباط بالنظام السابق. كما ارجأت الحكومة اعلان القانون الانتخابي رسميا.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الناشطة والمحامية الليبية سلوى بوقعيقيص التي قامت بدور قيادي في الانتفاضة على نظام القذافي ان الحادث نفسه ورد فعل القيادة قوبلا بغضب واسع في بنغازي. وأضافت quot;نحن قلقون ونخشى أن يزداد الوضع تفاقماquot;.

وأشارت بوقعيقيص الى ان المحتجين في بنغازي كانوا غاضبين بصفة خاصة على ما تردد عن اختفاء ملايين وربما مليارات الدولارات من المال العام بلا أثر. وشددت على مطلب المحتجين بالشفافية وابعاد من كانت لهم ارتباطات بنظام القذافي. وحذرت من انه quot;إذا لم تكن هناك شفافية فإن كل شيء سينهارquot;.

ونفى عضو المجلس الانتقالي من بنغازي فتحي البعجة تعليق عضويته أو غيره رغم الانباء الواسعة التي افادت بعكس ذلك. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن البعجة ان جماعات دينية وخطباء مساجد في مجلس بنغازي طالبوا بالتعليق ولكنه اكد انه quot;ليس من حقهم تعليقناquot;. واشار البعجة الى انه كان احد مؤسسي مجلس بنغازي متهما منافسين اسلاميين بأنهم من المتعاطفين مع القذافي. وقال ان هؤلاء الاسلاميين كانوا يعملون على اقناع المواطنين بأنه ليس من حقهم الثورة على القذافي وقالوا quot;انه ليس من حقنا ان نثور على رأس الدولة ، الخليفةquot;. وتابع قائلا quot;لم اسمع ذات يوم صوتهم يقول لا للقذافي ولم اضع نفسي قط في موقفهمquot;.

وخرجت احتجاجات ايضا في مصراتة التي يديرها فصيل منافس وحيث قال مسؤولون إنهم يخططون لانتخاب مجلس محلي جديد في شباط (فبراير) من دون موافقة المجلس الانتقالي الوطني.

وقال المتحدث باسم مجلس مصراتة محمد بنرسالي ان اعتصمامات وتظاهرات نُظمت في كل مكان ضد المجلس الانتقالي، الذي يتهمه المحتجون بعدم الشفافية والمماطلة وتقاعسه عن إحقاق العدالة الانتقالية والتحرك بشأن العديد من القضايا الأخرى. واضاف quot;نحن نشعر بأن رأس النظام تغير ولكن الباقي ما زال قائماquot;.

وقال الخبير في الشؤون الليبية في منظمة هيومن رايتس ووتش لمراقبة حقوق الانسان فريد ابرهامز ان احتجاج يوم السبت وتداعياته السياسية تؤكد حجم التحديات التي تواجه ليبيا مشيرا الى أن إسقاط القذافي سيثبت كونه مهمة اسهل من اقامة حكومة تمثيلية وشفافة تحل محله.

وما زال بعض المناطق تنتظر عودة الخدمات الأساسية اليها في حين أن مدنا تُعد متعاطفة مع العقيد القذافي مثل سرت وبني وليد ما زالت في خراب بعد اشهر على انتهاء القتال.

ولاقت الحكومة الانتقالية صعوبة في فرض سلطتها حتى على طرابلس، التي تسيطر على شوارعها ميليشيات من مناطق مختلفة افرادها يطيعيون قادتها وليس أجهزة الأمن الحكومية.

في غضون ذلك، تعهد عبد الجليلي انتخاب رئيس مجلس بنغازي الجديد عن طريق الاقتراع بعد قبول استقالة رئيسه صالح الغزال. ولكن السلطات قررت يوم الأحد تأجيل إعلان قانون الانتخابات الذي لاقت مسودة منه نُشرت في 2 كانون الثاني(يناير) انتقادات واسعة لمنع ذوي الجنسية المزدوجة من تولي منصب عام في بلد أُجبر مئات من ناشطيه السياسيين على الهروب من قمع النظام السابق والاقامة في الخارج. كما حدد القانون نسبة 10 في المئة من مقاعد البرلمان للنساء قالت ناشطات في مجال حقوق المرأة انها quot;اهانةquot;. وبدلا من زيادة النسبة اعلنت مسودة نُشرت مؤخرا صرف النظر عن تخصيص النسبة اساسا.