رغم انتهاء الثورة بمقتل الزعيم معمر القذافي، إلا ان الليبيين لا يزالون يشكون من الأمن الهش والتأخير في إعادة فتح المدارس بالإضافة إلى عيوب في الدستور والتشريعات الانتخابية الموقتة، فضلا عن استمرار بعض رجال النظام السابق في مناصبهم.


عبد الجليل يحاول تهدئة المحتجين

تسعى الحكومة الليبية الموقتة جاهدة لتحقيق الأمن والاستقرار والديمقراطية، فيما تواجه تحديات صعبة بسبب حركة الاحتجاج التي تهز البلاد الهشة، وأعمال تنفيس الأحقاد وتحدي شرعية السلطات الحاكمة.

حركة الاحتجاج هي أقوى في مدينة بنغازي شرق ليبيا، التي كانت مهد الثورة الليبية المدعومة من حلف شمال الأطلسي، وأدت إلى خلع العقيد الليبي معمر القذافي بعد حكم دام 42 عاماً.

بدأ الثوار قتالهم ضد القوات الحكومية في بنغازي في شباط/فبراير من العام الماضي، وتمكنوا في غضون أيام من السيطرة على معظم مناطق المدينة، واتخذ مجلس الحكم الانتقالي من بنغازي مقراً له، فأصبحت المدينة قاعدة للثورة.

لكن بعد عام تقريباً، بدأ الدعم الشعبي للمجلس، الذي نقل مقره إلى العاصمة طرابلس، بالتبخر سريعاً. الناس يشكون من الأمن هش، والتأخير في إعادة فتح المدارس والمحاكم، وعيوب في الدستور والتشريعات الانتخابية الموقتة المقترحة، فضلاً عن استمرار quot;عهد القذافيquot; لدى بعض المسؤولين في المجلس.

في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; عن صالح شرم الهدار، رجل أعمال يشارك في الاحتجاجات الأخيرة، قوله: quot;ما نطلبه ليس الامتيازات. نريد أن تعمل المحاكم، وأن يرحل أتباع القذافي.. قلقنا الرئيس هو الشفافيةquot;.

استعرت موجة السخط لتتحول إلى أعمال عنف يوم السبت عندما احتشد الآلاف خارج مبنى الحكومة يجتمع أعضاء المجلس الانتقالي والسياسيون المحليون. وقال المتظاهرون إن المحتجين ألقوا قنابل يدوية وقنابل محلية الصنع، في حين أن رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل، بقي دخل المبنى.

في مؤتمر صحافي عقب الاشتباك، ودعا عبد الجليل إلى الصبر، قائلاً: quot;نحن ذاهبون باتجاه حركة سياسية يمكن أن تجر البلاد الى الهاويةquot;، وفقاً لوكالة رويترز للأنباء، كما أعلن عن قرار بوقف ستة من أعضاء المجلس من بنغازي.

في أعقاب المؤتمر الصحافي، استقال عبد الحفيظ غوقة نائب رئيس المجلس وأحد أبرز قياداته، مشيراً إلى أن قراره يهدف إلى quot;محاولة الحد من الاضرار التي قد تلحق بالمجلسquot;.

ويشار إلى أن غوقة كان رئيس نقابة المحامين في عهد القذافي، وكان quot;غير محبوبquot; من قبل البعض لارتباطه بالزعيم الراحل.

quot;شهر العسلquot; انتهى

يقول زاهي المغرابي، أستاذ العلوم السياسية في بنغازي: quot;كنا محظوظين جداً، فلم نعان مثلما فعلوا في غرب ليبياquot;، مشيراً إلى أشهر من القتال بين الثوار والموالين القذافي الذي ترك آلاف القتلى. واضاف: quot;كان المجلس الانتقالي يحظى بدعم الشعب، لكن شهر العسل انتهىquot;.

الآن، يشعر الناس بالاحباط من الأساليب المعقدة التي تعتمدها الحكومة لاتخاذ القرارات ووضع التشريعات.

ويعتقد المغرابي أن العديد من الليبيين لا يشعرون بالرضا عن الدستور الموقت الذي أعلنه المجلس الانتقالي في شهر آب/أغسطس، وذلك بسبب عدم التشاور بما فيه الكفاية مع جماعات المجتمع المدني والمحامين.

تم الكشف عن مسودة التشريع التي ستوجه الانتخابات المقررة في الصيف، في وقت مبكر من هذا الشهر، لكنها أيضاً لم تنل ترحيباً واسعاً، إذ إن نشطاء حقوق المرأة يدعون إلى أكثر من حصة 10 في المئة المقترحة لمشاركة النساء في الحكومة الجديدة، بينما ينتقد البعض الآخر الشروط التي ستمنع حاملي الجنسية المزدوجة من الترشح لمنصب الرئاسة.

وأضاف المغرابي: quot;التأخير في الافراج عن الأصول الليبية في الخارج خلق نقصاً في السيولة النقدية للحكومة، ما تسبب بتعليق المدفوعات للفقراء وتعطيل دعم الجرحى الذين أصيبوا في الاشهر الثمانية من القتال، من أن يتلقوا العلاج في الخارجquot;.

دعوات تصحيحية

احتجاجات بنغازي بدأت تنتقل إلى مناطق أخرى، وإن بعدد أقل من المشاركين ونسبة أخف من العنف. في طرابلس ومدينة مصراتة، قام محتجون بنصب خيام وتنظيم مسيرات سلمية الى حد كبير، لكن عنيفة أحياناَ، داعين إلى quot;تصحيح الثورةquot;. وكما الحال في بنغازي، فهم يعتمدون على دعم من قاعدة عريضة: منظمات المجتمع المدني،الناشطين السياسيين والمقاتلين المتمردين السابقين.

دعت الاحتجاجات والاعتصامات لانتخابات المجالس المحلية، التي عُينت بتوافق الآراء إلى حد كبير بعد ان هزمت قوات القذافي في شهر أيار/مايو. وشارك نحو 200 شخص في مسيرات إلى أن تم الخضوع لمطلبهم، إذ تم تعيين لجنة انتخابية ويتوقع ان يجري التصويت لانتخاب المجالس المحلية في غضون شهر.

أما في مصراتة، فلم تكن مطالب المتظاهرين صاخبة مقارنة بغيرها من المناطق. يقول محمد بن رسالي إن quot;معظم الناس ما زالوا يدعمون الحكومة الموقتة، لكنهم يريدون التأكد من أن تبقى على الطريق الصحيحquot;.

quot;القذافي كان قوياً لأننا لم نقف في وجهه. ونريد أن نبلغ عبد الجليل بأنه لا يستطيع ان يتخذ طريقاً للبلاد سوى الديمقراطيةquot;. وأضاف: quot;نحن نأمل أن تستقر الأوضاع، لكن بنغازي هي دائماً المكان حيث يبدأ كل شيءquot;.