شباب عراقيون يتواصلون عبر الانترنت

نجح العراقيون لاسيما الأكاديميون والشباب منهم في استغلال جهاز الحاسوب لتحويل فعالياتهم العلمية والأكاديمية الى أساليب رقمية، إضافة إلى تعزيز علاقاتهم بأقربائهم وأصدقائهم في بلاد المهجر، وفي ذات الوقت لتطوير قدراتهم الدراسية ومعارفهم وتواصلهم مع العالم.


بغداد: على الرغم من ان البعض يستغل الشبكة العنكبوتية لأغراض غير مفيدة الا ان المؤشرات بين الشباب تشير الى ان الغالبية نجحت بشكل كبير في سد الفجوة الرقمية في العراق مقارنة بالخارج، اضافة الى نجاح المجتمع الشبابي العراقي لاسيما الطلابي في توظيف الخدمات الرقمية لتطوير معارفه وكفاءاته في البحث والدراسة .

الفجوة الرقمية

يقول الطالب الجامعي رحيم جابر (23 سنة) إن اغلب الشباب تجاوز صدمة ( الفجوة الرقمية ) مع شباب العالم المتقدم، واستطاعوا بالتجربة والممارسة ان يتقنوا كل التقنيات الرقمية بل تفوقوا على أقرانهم في الدول الأخرى.

وقبل عام 2003، وبسبب الحصار الاقتصادي المفروض على العراق، والحالة الاستثنائية التي عاشها العراقيون، كانوا ينظرون بدهشة الى التقنيات الرقمية.

ويقول المهندس في علوم الحاسبات امين حسين: quot;حتى أصحاب الاختصاص كانوا يعانون من غياب الممارسة، وكانت دراساتهم عبارة عن مفاهيم نظرية لا تجد لها تطبيقاquot;.

وبحسب حسين، فالكثير من شباب العراق حتى من غير أصحاب الاختصاص أتقنوا لغات البرمجة ونافسوا نظرائهم .

وفي كل يوم تقضي سهى الاسدي (ربة منزل) بعضا من الوقت خلف الحاسوب، تحاور أختها المقيمة في السويد. وترى الأسدي، إن جهاز الحاسوب أصبح جزءا مهما من الحاجة اليومية التي لا يمكن الاستغناء عنها. وتتابع: quot;على رغم أني غير متعلمة، لكنني أتقنت أغلب تقنيات الحاسوب، الذي يؤمن لي التواصل يوميا مع أختي وصديقاتي خارج العراق.

وفي مدينة المحاويل (70 كلم جنوبي بغداد) يصطحب المعلم قيس حسن حاسوبه الدفتري الى مدرسته في القرية حيث لا يمكنه الاستغناء عنه بعد الآن .

يقول قيس: quot;طورت مع مجموعة من الزملاء برامج رقمية للمدرسة، ونجحنا في انجاز الكثير من المهام الإدارية والدراسية عبر الحاسوب، من دون مساعدة أحدquot;. ويتابع: quot;يستطيع الأكاديمي العراقي تطوير نفسه الى حد كبير لكن ما نحتاجه هو دورات تؤهلنا انجاز الأعمال بصورة احترافيةquot;.

وعلى الرغم من أن أغلب مناطق العراق تعاني من بطء الشبكة العنكبوتية، إلا أن ذلك لم يقف حجر عثرة في متابعة الملايين للانترنت.

شبكات التواصل

واعتاد الطالب وائل الجنابي (28 سنة)، قضاء ساعتين يوميا خلف الحاسوب حيث يزور شبكات التواصل الاجتماعي ويتحاور مع أصدقائه حول الكثير من القضايا السياسية والعالمية والاجتماعية.

ويتابع: quot;يتواصل الكثير من شباب العراق مع جامعات العالم المختلفة، وتمكن البعض منهم من الحصول على قبول في هذه الجامعات عبر الانترنت. ويضيف: quot;أصبح لنا أصدقاء نحاورهم حول العلوم والجامعات في اوروبا وكندا والولايات المتحدةquot;.

اما ليث حسين ( 40 سنة ) فيقول انه يكتب يوميا مدونات يبعثها عبر الانترنت حيث تنشر. ويضيف: quot;أسسنا منتدى لشباب العراق، نلتقي من خلاله بشكل شبه يومي، نتحاور حول الكثير من قضايا الساعةquot;.

ويؤكد سعد حسن (بائع حواسيب) في منطقة الصناعة في بغداد، ان الكثير من شباب العراق امتهنوا لغات البرمجة الصعبة على رغم انها ليست من اختصاصهم. ويضيف: هناك طلابا في الإعدادية يبرمجون ويصممون المواقع الالكترونية إضافة إلى برامج للمدارس والمعامل.

الأسعار المرتفعة

ويشكو سعد مع اقرانه من الأسعار الباهظة للبرمجيات التي تحول دون الحصول على نسخ شرعية يطور بها الشباب مهاراتهم.

كما تشكو المعلمة سهيلة حسين (30 سنة) من الأسعار المرتفعة للحواسيب، التي تشكل عائقا امام امتلاك العائلة العراقية للحاسوب.

وتتابع: quot;حاولت شراء حاسوب من نوعية متوسطة الجودة هو (ديل فوستروا)، فكان سعره نحو ال 550,000 دينار عراقي، وهو مبلغ لا تستطيع الكثير من الأسر والأفراد توفيرهquot;. وتتابع: quot;ثمة أنواع أخرى يتعدى سعرها المليون دينار عراقي مثل (دل انسبرون 1045)quot;.

ويقول الاستاذ رحيم البنا، إن مدرسته نجحت الى حد كبير في الاعتماد على خبرات الطلاب والمدرسين في وضع خطة رقمية كاملة للامتحانات والأسئلة وأجوبتها ثم التصحيح وتقديم النتائج من دون الاعتماد على أي خبرات من شركات برمجة.

الأكثر نموا

ومقارنة بالدول المجاورة، فإن العراق ما يزال الأقل من حيث نسبة استخدام الحاسوب من قبل السكان بحسب كامل عواد، اختصاصي في البرمجة في جامعة بغداد.

لكن عواد يشير في نفس الوقت الى ان العراق هو الأكثر نموا بين دول المنطقة في تزايد أعداد مستخدمي الحاسوب. ويتابع: اذا استمر النمو على هذا النحو، فمن المتوقع ان يتفوق العراق على دول المنطقة إذا ما تحسنت الأوضاع الأمنية وإمدادات الطاقة الكهربائية.

ويقدر عواد نسبة مستخدمي الحاسوب في العراق الى نحو العشرة بالمائة وهي نسبة ضئيلة لكنها واعدة.

لكن جاك دورسي، مؤسس ورئيس مجلس إدارة موقع تويتر الاجتماعي قال عام 2009 على صفحته على الانترنت ان انتشار اجهزة الكمبيوتر في العراق لا يزال ضعيفا، حيث يقدر عددهم بأقل من 1 بالمائة من السكان.

في الوقت نفسه ترى الأكاديمية سهيلة حنون من جامعة كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد) أن ثورة الكومبيوتر تجتاح العراق بسرعة. وتضيف: quot;اغلب بحوث الجامعيين في العراق، تنجز عبر الحاسوب، كما انه أصبح وسيلة تواصل بين الجامعات نفسهاquot;.

وعلى الرغم من ان البعض يشكو من الاستخدام السيء للحاسوب الا ان الدلائل تشير الى ان العراق ربما يكون من اقل الدول التي (يساء) فيها استخدامه. وتطالب سهيلة بمناهج تدريس الحاسوب في المدارس.

وكانت وزارة التربية قد دشنت مشاريع الحواسيب في عدد من المدن لكن بصورة محدودة جدا .