أشعلت تصريحات المالكي من جهة وإردوغان من جهة أخرى حدة التوتر في العراق ومع جارته تركيا، ما دفع أنقرة إلى محاولة كسر حدة الوضع عبر استضافتها الزعيم الشيعي عمار الحكيم الذي أكد حرص بلاده على إطلاق رسالة المحبة والمودّة مع الجارة الشقيقة.


إردوغان مجتمعاً مع الحكيم

لندن: في مسعى إلى تخفيف التوتر في العلاقات العراقية التركية، أكد رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم خلال مباحثات في أنقرة اليوم مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان، أن بلاده بتعدديتها القومية والدينية والمذهبية، لا يمكن ان تدار من قبل طائفة او قومية او ديانة محددة بل من قبل العراقيين جميعا.

فيما اشارت صحف تركية الى ان مباحثات القادة الاتراك مع الحكيم وقبله مع الصدر تؤكد انها ضد الطائفية في العراق على العكس مما يدعيه رئيس الوزراء نوري المالكي.

وقد بحث الحكيم مع إردوغان آخر التطورات على الساحة الاقليمية والتحديات التي تواجه المنطقة، فشدد على أن العراق بعد الانسحاب الاميركي الشهر الماضي، بأمسّ الحاجة الى الشراكة الوطنية.

كما أعرب عن quot;حرص العراق على اطلاق رسالة المحبة والمودة مع الجارة الشقيقة تركيا التي تربطها مع العراق مصالح ومشتركات واسعة اكبر من أن تتأثر بالإشكالات والاختلافات البسيطةquot; كما نقل عنه مكتبه الاعلامي، وكان الحكيم اجتمع امس مع الرئيس التركي عبد الله غول ووزير خارجيته احمد داوود اوغلو.

كما قلل الحكيم من حدة الازمة بين بغداد وأنقرة على خلفية اتهام تركيا بالتدخل في الشأن الداخلي للعراق، مضيفاً في مؤتمر صحافي مشترك مع اوغلو ان العراقيين أنفسهم لن يسمحوا للمسائل السياسية اليومية ان تؤذي علاقات الصداقة المتينة مع تركيا وذلك في اشارة الى النزاع المتفاقم بين شريكي الائتلاف الحكومي العراقي ومشاعر القلق التركية حيال هذا النزاع.

واعتبر الحكيم ان quot;مثل هذه العلاقات هي مدعاة للفخرquot; مشددا على ضرورة العمل على تطوير التعاون بين البلدين في كل المجالات وطرح مبادرات تسعى إلى تقوية علاقات الاخوة بين الشعبين العراقي والتركي.

وردا على سؤال حول النزاع بين قائمة العراقية الشريك في الائتلاف الحكومي لنوري المالكي، حث الحكيم القائمة بزعامة أياد علاوي على إنهاء مقاطعة جلسات البرلمان والسعي إلى طرح مطالبها على البرلمان في ما يتعلق بالنزاع الحكومي.

ورأى الحكيم ان العراق بحاجة الان إلى سلطة تحتضن كل القوى العراقية السياسية والعرقية والطائفية من دون استثناء، معتبرا ان الحل الوحيد للنزاع بين شريكي الائتلاف الحكومي هو الحوار وليس المقاطعة.

وبشأن الاوضاع في سوريا، أكد الحكيم ان العراق يدعم المطالب المشروعة للشعب السوري بنيل الحرية والديمقراطية، لكنه دعا الى ان يكون ذلك في اطار حوار داخلي بين النظام السوري والمعارضة من دون تدخل خارجي.

وتابع ان quot;الحلول التي تأتي من داخل سوريا وتستند الى توافق بين النظام والمعارضة ستحظى بدعم من الدول الصديقة والمجاورةquot;.

ومن جانبه، أكد داوود اوغلو أن تركيا لن تنحاز لأي طرف من الاطراف السياسية في العراق، رافضا الاتهامات لبلاده بالتدخل في الشأن الداخلي العراقي، وموضحا ان بلاده تشعر بالقلق حيال احتمال تحول النزاع السياسي الى عرقي وطائفي في جارتها الجنوبية.

وقال ان محادثات الحكيم في تركيا تأتي في quot;ظل ظرف حاسم يمر به العراق،quot; مضيفا ان الجانبين يتقاسمان الرؤى نفسها حيال الازمة السياسية الحالية في العراق.

وأوضح اوغلو انه والحكيم اتفقا على أهمية قيام كل الاطراف العراقية بنبذ الخلافات السياسية ووقف المشاحنات التي تؤجج الاستقطاب العرقي والطائفي في العراق، معتبرا ان استتباب الاستقرار في العراق سينعكس ايجابا على المنطقة.

أنقرة تؤكد انها ضد الطائفية في العراق quot;عكس ما يدعيه المالكيquot;

واليوم الجمعة قالت صحيفة quot;حريتquot; التركية إن أنقرة اتخذت خطوة مهمة في فترة توتر العلاقات خلال الآونة الأخيرة بين أنقرة وبغداد أو بالأحرى بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وأنقرة.

واشارت في سياق تقرير لها حول توتر العلاقات العراقية التركية مؤخراً، الى ان quot;التصريحات الاستفزازية بين أردوغان والمالكي في الآونة الأخيرة انتهت بتسليم سفراء كلا البلدين في أنقرة وبغداد مذكرات احتجاج.

والآن اتخذت أنقرة خطوة مهمة جدا بعد هذه التطورات السلبية من خلال توجيه الحكومة التركية دعوة رسمية إلى رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم لزيارة أنقرة ، إذ من المعلوم أن الحكيم أحد الزعماء الشيعة العراقيين مثل رئيس الوزراء العراقي المالكيquot;.

وأشارت إلى أن توتر العلاقات التركية - العراقية جاء بعد أن خطط المالكي لاعتقال الهاشمي النائب السني للرئيس العراقي، وبالتالي تصاعدت ردود فعل السياسيين الأتراك، لافتة إلى أن دعوة الزعيم الشيعي عمار الحكيم إلى أنقرة رسالة مهمة للمالكي فحواها يتمثل أولا في أن تركيا -على عكس ما يقوله ويدعي به المالكي- ضد السياسة الطائفية وأن أنقرة تعقد اجتماعات واستشارات مع جميع الأطراف في العراق.

وأضافت الصحيفة quot;ثانيا إن استضافة الزعيم الشيعي عمار الحكيم من قبل رئيس الجمهورية التركية عبد الله غول ورئيس الوزراء رجب طيب إردوغان ووزير خارجيته داود أوغلو الذي التقى الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر في زيارته الأخيرة للعاصمة الإيرانية طهران، هي خطوة لتعزيز فرضية أنقرة من أن المالكي لا يمثل كافة الشيعة العراقيينquot;.

وتابعت الصحيفة quot;ثالثا إن الخطة المرسومة من قبل أنقرة هي دفع المالكي للعزلة وإرغامه على التخلي عن السياسة الطائفية وتوجيهه لاحتضان كافة العراقيين دون التفرقة بالمذهبquot;.

وتساءلت الصحيفة في ختام تعليقها بقولها ، هل من الممكن لأنقرة أن تنجح بخطتها المرسومة ؟

وترى انه أمر ضروري، لأن العراق وحسب مقولة وزير الخارجية داود أوغلو اختبار لكامل منطقة الشرق الأوسط ، حيث إن الفشل في العراق قد يكون عاملا مرشحا لهدم كافة أسس الربيع العربي.

وكان إردوغان وصف الثلاثاء الماضي تصريحات لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اتهم فيها تركيا بالتدخل في شؤون بلاده الداخلية بأنها مشينة، محذرا من دفع حكومته باتجاه صراع طائفي، فرد المالكي بقوة على ذلك متهما المسؤول التركي باستفزاز سنة العراق، داعيا اياه الى الكف عن التدخل في شؤون بلاده الداخلية.

وقال المالكي في بيان صحافي ان quot;تصريحات رئيس الوزراء التركي الاخيرة تدخل جديد في شؤون العراق الداخلية وهو امر غير دارج في تعاملات المسؤولين في الدول فضلا عن الرؤساءquot;.

وأكد ان المواطنين العراقيين يعتزون جميعا بانتمائهم الى وطنهم ودولتهم لا الى اي دولة اخرى وان السيد إردوغان يستفز بتصريحاته هذه العراقيين جميعا وخصوصا من يعتقد انه يدافع عنهم .

وشدد على ان quot;العراقيين أخوة متحابون سنة وشيعة لا يحتاجون لمن يتظاهر بالدفاع عن بعضهم ضد البعض الاخر وعلى السيد إردوغان ان يكون اكثر حرصا على مراعاة اللياقات المعروفة في التخاطب الدولي والا ينظر الى البلدان الاخرى على انها جماعات وطوائف كما كان في السابق بل يحترمها كدولquot;.

وتوجه المالكي اردوغان قائلا quot;ان التعامل على هذا الاساس من شأنه ان يلحق الضرر بالجميع ومنهم تركيا ذاتها، ان مصالح تركيا واستقرارها وكذلك المصالح المشتركة تستدعي المزيد من التنسيق والتعاون بين دول المنطقة لا التدخلات من بعضها بشؤون البعض الاخرquot;.

وبيَّن انه quot;في الوقت الذي يحرص العراق على اقامة افضل العلاقات مع جميع الدول ومنها تركيا فانه يرفض التدخل في شؤونها الداخليةquot;.

وكان اردوغان حذر من ان انقرة لن تبقى صامتة في حال قامت بغداد بتشجيع نزاع طائفي في العراق، وصرح اردوغان في البرلمان امام نواب حزبه quot;ان على المالكي ان يفهم هذا الامر: اذا بدأ عملية مواجهة في العراق تحت شكل نزاع طائفي فمن غير الوارد ان نبقى صامتين .

وندد اردوغان بتصريحات المالكي التي وصفها بانها quot;تصريحات قبيحة وغير لائقةquot; في اشارة الى استنكار المالكي في الثالث عشر من الشهر الحالي بـquot;التدخلات التركيةquot; في شؤون بلاده، محذرا من quot;خطورة نشوب صراع طائفي قد يؤدي الى كارثة لا تسلم منها تركيا نفسهاquot;.

وكان اردوغان دعا الاسبوع الماضي زعماء مختلف الكتل السياسية والدينية العراقية الى quot;الاصغاء لضمائرهمquot; للحؤول دون ان يتحول التوتر الطائفي في بلادهم الى quot;نزاع اخويquot;.