تواجه الحكومات الجديدة لدول الربيع العربي تحديات كبيرة في جهودها نحو تطبيق الديمقراطية ووضع أسس الحكم في مصر وتونس وليبيا، لكن هذه الجهود تصطدم بأحلام البعض في تطبيق quot;الشريعةquot; أي القانون الإسلامي بالكامل.


التشدد السلفي عقبة أمام تطبيق الديمقراكية في دولالربيع العربي

لميس فرحات: بعد عقود من القمع والقهر، تسلم الإسلاميون المعتدلون مقاليد الحكم في هذه الدول الثلاث أخيراً، إلا أنهم اصطدموا بقوة السلفيين التي لا يُستهان بها، والذين تتفاوت معارضتهم للسلطات الجديدة داخل كل من مصر وتونس وليبيا.

وبينما كانت التحديات التي تشكلها فلول الأنظمة السابقة والليبراليون الساخطون متوقعة بالنسبة إلى الحكام الإسلاميين الجدد، إلا أن معارضة السلفيين التي تدعمها حماسة شعبية متزايدة لأفكارهم، لم تكن في الحسبان.

وتواجه الحكومات الليبية والتونسية والمصرية انتقادات بعض القادة السلفيين ووصفهم لها بـquot;الجبانةquot; لأنها لم تجرؤ على تسييرالسياسة المحلية والخارجية وفقاً لتعاليم الإسلام.

في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; عن الناشط السلفي جمال صابر من القاهرة قوله quot;إن الفرصة قد حانت الآن لاتخاذ خطوات شجاعة. إذا سرق اللص راتبك الشهري،ألن ترغب في قطع يده؟quot;.

يجتمع السلفيون حول هدف مشترك واحد وهوالتطبيق الكامل للقانون الإسلامي، لكنهم يختلفون كثيراً حول مايعنيه ذلك والكيفية التي يحققون بها ذلك الهدف.

القضية الأهم والأكثرجذرية التي تواجه السلفيين حالياً هي ما إذا كان من الواجب العمل من داخل النظام الجديد أو خارجه. ففي مصر، اعتمد السلفيون الأسلوب السلمي الديمقراطي وأقاموا عشرات القنوات التلفزيونية. وباستطاعتهم أن يضيفوا إلى مقاعدهم الـ25 في البرلمان مقاعد جديدة في الانتخابات المقبلة تسمح لهم بالضغط على الحكومة التي يهيمن عليها الإخوان المسلمون لتعيين المزيد من الوزراء السلفيين.

وفي ليبيا، حيث يوجد فراغ أمني وينتشرالسلاح من دون وازع أو نظام، تستخدم بعض المليشيات السلفية القوةالمسلحة أوالتهديد بها للوصول إلى أهدافها.

أما في تونس، فيرفض السلفيون المشاركة الديمقراطية في البلاد، وقد نفذ البعض منهم أعمال عنف ضد معارض فنية، ومحال بيع الكحول ومراكز الديسكو وغيرها من المظاهر الأخرى التي يعتبرونها quot;سلوكاً مخالفاً للإسلامquot;. ويقول بعضهم الآخر إنهم يسعون إلى تغيير المجتمع بإقناع الناس بأن الديمقراطية لا تتماشى مع الإسلام.

وأشارت الصحيفة إلى أن المجموعات السلفية أصبحت لاعباً مهماً في الكويت واليمن، كما إنها تمثل تحدياً لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة.

ويزيد نفوذ السلفيين في الأنظمة العربية الجديدة من تعقيد الأموربالنسبة إلى الولايات المتحدة التي لا تزال تجتهد لفهم أيديولوجيات الأحزاب الإسلامية الحاكمة الجديدة مثل الإخوان المسلمين.

ويشعر مسؤولو الأمن في أميركا والغرب بالقلق تجاه عدم وضوح الخط الفاصل بين السلفيين الذين يلعبون في إطار القانون وأولئك الذين يلعبون خارجه، خاصة في ليبيا.

في هذا السياق، اعتبرت الـ quot;واشنطن بوستquot; أن السلفيين غير موحدين حول نظرتهم إلى الولايات المتحدة: البعض منهم أعلن العداء تجاهها، بينما حضر عماد عبد الغفور، رئيس (حزب النور) السلفي حفل الرابع من يوليو في السفارة الأميركية في القاهرة.

في ليبيا، يبحث العديد من السلفيين عن سبل تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد، وتكافح الحكومة المنتخبة لإحكام سيطرتها على الميليشيات.

quot;الشريعة يجب أن تكون المرجع الوحيد للدستورquot;، يقول هاني المنصوري، المتحدث باسم جماعةquot;أنصارالشريعةquot; الليبية، مضيفاً: quot;اننا نواصل المراقبة والضغط على الحكومةquot;.

بعد الهجمات على بعثات الولايات المتحدة في بنغازي وتونس والقاهرة في الشهر الماضي، دعا الرئيس الليبي محمد المقيرف، وهوإسلامي معتدل، إلى حل الميليشيات غير المتحالفة مع الحكومة فوراً، مديناً ndash;جنباً إلى جنب مع قادة تونس ومصر، العنف المناهض للولايات المتحدة.

quot;انهم (الميليشيات السلفية) لا يريدون تفجير حرب أهليةquot; قال فوزي ونيس القذافي، الذي يرأس اللجنة الأمنية العليا في بنغازي، وهي اتحاد فضفاض من الميليشيات التي تدعمها الحكومة في المدينة.

وفي تونس، حاولت الحكومة المنتخبة مد اليد إلى السفليين وإشراكهم في السلطة بقيادة حزب النهضة الإسلامي المعتدل، أقرت الحكومة التونسية التعديل الدستوري المقترح لتجريم التجديف ورخصت أحزابًا سلفية عدة. لكن يبدو أن ذلك لا يكفي.

quot;سنقيم الحلم الإسلامي بدولة الخلافة. لدينا كتاب لنشر أفكارنا والسيف للدفاع عنهاquot;، يقول بلال الشواشي، وهو خريج اللاهوت (26عاماً) في تونس، الذي قال انه يعتبر أسامة بن لادن واحداً من الزعماء الروحيين. وأضاف: quot;فشل الدول كان بسبب بعدها عن الإسلام. العلمانية والإسلام المعتدل ليسا الإسلام الحقيقيquot;.