الرئيس الفرنسيالسابق نيكولا ساركوزي

لا يمكن لأي متتبع للشأن الفرنسي أن يجزم حول ما تحمله الأيام القادمة للرئيس السابق نيكولا ساركوزي، وذلك بعد أن استهدف قضائيًا بشكل غير مباشر على خلفية دعوى قدمتها جمعية محاربة الفساد، quot;أنتيكورquot;، التي يقال عنها إنها مقربة من اليسار. لكن المهم في الأمر أنها نجحت بالوصول إلى وثائق تستدل بها أمام القضاء حول تهمتي quot;اختلاس أموال عموميةquot; وquot;الزبونيةquot; اللتين قد تلاحقان سيد الإليزيه السابق.


قد تكون تهمة اختلاس الأموال بداية للمشاكل القضائية التي ظلت تنتظر مغادرة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الإليزيه، ورفع الحصانة القضائية عنه. جمعية تعمل على محاربة الفساد قدمت دعوى قضائية تستهدف بشكل غير مباشر الرئيس الفرنسي السابق، تتهم الإليزيه بالقيام باستطلاعات رأي quot;لأغراض ذاتية أو حزبيةquot; في عهده.

وتقول الجمعية، بحسب تصريحات لمتحدث باسمها لإذاعة quot;فرانس أنفوquot;، إن هذه الاستطلاعات كانت تمول من طرف الإليزيه، وهو أمر غير مسموح به، بدل الحزب الحاكم الاتحاد من أجل حركة شعبية، وكان المستفيد منها مؤسسات خاصة متخصصة في هذا الشأن، يعد أصحابها من المقربين من ساركوزي.

ومن بين أبرز أسماء الشركات التي أشير لها في هذا السياق quot;بيبليفاكquot; التي يديرها مستشار ساركوزي عندما كان يقود فرنسا، باتريك بويسون، المنظر السابق لليمين المتطرف، والذي استقطبه ساركوزي قبل وصوله إلى الإليزيه، وينظر إليه أنه كان من العناصر التي ساهمت في سقوط الرئيس السابق في معركة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إذ جرّ الحملة الانتخابية بفعل توجيهات هذا المستشار الكثيرة نحو أفكار اليمين المتطرف.

وكانت هذه الاستطلاعات تستهدف على الخصوص الخصوم السياسيين لساركوزي كما حصل بعد اللقاء التلفزيوني للمدير العام السابق لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس كان، حيث أنجز بشأن مشاركته في برنامج للقناة الثانية سبرا للآراء من ميزانية الإليزيه، كما أجري استطلاع بنفس الطريقة حول شعبية كارلا بروني ساركوزي.

وقد يواجه الرئيس السابق في الأيام المقبلة تهمتي quot;اختلاس أموال عموميةquot; وquot;الزبونيةquot;، وهو ما قد يقضي على كل آماله في أي عودة ممكنة إلى الحياة السياسية، ولاسيما بعد ظهور العديد من المؤشرات في الأسابيع الأخيرة تفيد أن هذه الإمكانية واردة، كما أن هناك من يعتقد أن عودة ساركوزي لوحدها قادرة على تصحيح الوضع الحالي لليمين المعارض.

سقوط مظلة الحصانة عن ساركوزي

لا يستغرب الإعلامي والمحلل السياسي مصطفى طوسة الوضع الجديد للرئيس السابق نيكولا ساركوزي، إذ يعتبر أن quot;ما يعيشه حاليًا من مغامرات قضائية كانت متوقعة من طرف معظم المراقبين السياسيين، وذلك لسبب بسيط، هو فقدانه الحصانة السياسية، حيث أصبح مواطنًا عاديًا يمكن أن تطاله يد العدالة في أي وقتquot;.

ويرى متحدثنا أن quot;ساركوزي متورط في في عدة فضائح بإمكان القضاء أن يصل اليه عن طريقهاquot;، موضحًا أن quot;جمعية محاربة الفساد اختارت أن تواجهه من باب استعماله للمال العام من أجل أهداف سياسية خاصة عن طريق ما أصبح يعرف إعلامياً بفضيحة استطلاعات الرأي قصر الاليزيهquot;.

ويشير طوسة إلى quot;أن جمعية محاربة الفساد quot;أنتيكورquot; هي التي تابعت قضائيًا الرئيس الأسبق جاك شيراك و كادت أن تدخله إلى السجن لولا الحيلة السياسية التي أوجدها محاموه عندما ركزوا على حالته الصحية وفقدانه للذاكرةquot;.

اليمين الفرنسي في ورطة

ويصعب برأي طوسة quot;التنبؤ بنتيجة قرار قضائي، لكن ماهو مؤكد أن أمام نيكولا ساركوزي معارك قضائية طويلة وساخنة، قد تتطلب منه مجهوداً جبارًا لتجنب الإدانة بها، إذ هناك عدة فضائح سياسية سيطلب منه الإدلاء بإفادته فيها كشاهد أو كمتهم. وستكون لذلك انعكاسات سلبية على عائلته السياسية quot;اليمينquot;، علما أنه سبق أن تعهد بإرساء ركائز جمهورية لا غبار عليهاquot;.

ويؤكد طوسة أن quot;هذا النفق القضائي الطويل الذي يستعد لمواجهته، له انعكاسات على مستقبله السياسي وعلى أجندة عودته للعب الأدوار الأولى في المشهد السياسي الفرنسي. ففي حال وجهت له أي تهمة بالفساد أو سوء استعمال المال العام، فذلك بطبيعة الحال يقضي على حظوظ عودتهquot;.

وفي الحالة الثانية، يضيف ضيفنا، quot;إذا استطاع أن يخرج من المغامرات القضائية سالماً، فذلك سيشجع مسانديه على إعادة الاستثمار والمراهنة على اسمه، خاصة وأن اليمين الفرنسي يواجه صعوبات كبيرة في إيجاد خلف له يقود معاركه ضد اليسار الحاكمquot;.