أظهر استطلاع نُشرت نتائجه يوم الأحد أن نيكولا ساركوزي أقل الرؤساء شعبية في تاريخ فرنسا قبل أيام على الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، فيما واصل المتنافسان الرئيسان في السباق الرئاسي العمل على كسب أصوات الناخبين في اجتماعات حاشدة شهدتها باريس.


نيكولا ساركوزي

إعداد عبد الإله مجيد: دعا ساركوزي خلال الاجتماع الحاشد الذي عقد في ساحة الكونكورد وسط العاصمة الفرنسية من سمّاهم quot;الغالبية الصامتةquot; إلى دحض التنبؤات التي تجمع على أنه سيُمنى بهزيمة شنعاء أمام منافسه الاشتراكي فرانسوا هولاند في الجولة الثانية في 6 أيار/مايو.

وأعلن ساركوزي في كلمة موجّهة إلى اليمين التقليدي المناهض للتعدد الثقافي والهجرة quot;قالوا إنكم لن تحضروا، فردت فرنسا الصامتة بحضوركمquot;. وقدر أنصار ساركوزي عدد الحاضرين بنحو 150 ألفًا، ولكن مراقبين لاحظوا أن العدد بدا أقل من نصف هذا الرقم.

وعلى بعد 8 كلم إلى الشرق، كانت الأجواء احتفالية على نحو مختلف تمامًا، حيث أعلن هولاند أمام المحتشدين في ساحة شاتو دو فنسان الذين قدر أنصاره عددهم بنحو 100 ألف، بينهم فنانون ومغنون فرنسيون، أن انتصار أول مرشح اشتراكي في انتخابات الرئاسة بات الآن قاب قوسين أو أدنى. وقال هولاند quot;لا شيء سيوقفناquot;. وأضاف أنه سيكون رئيس جمهورية quot;أقوى بكثير من الأسواق، وفرنسا أقوى من المالquot; مؤكدًا من جديد تعهده بإعادة توجيه السياسة المالية الأوروبية نحو النمو.

وأعلن هولاند quot;سأكون رئيسًا للعدالة، وقبل أن أتخذ أي قرار سوف أسأل نفسي quot;هل هذا عدلquot;؟quot;، وأكد أن الانتظار طال عشر سنوات في المعارضة quot;وأن من واجبنا أن نفوزquot;.

ساركوزي، من جهته، قال إنه يشعر بارتفاع المد لمصلحته، واعدًا باستعراض quot;تاريخيquot; للقوة في الساحة التي شهدت احتفالات النصر قبل خمس سنوات، ولكنها البقعة نفسها التي تدحرجت فيها رؤوس ملوك تحت المقصلة.

وبعد تحسن شعبية ساركوزي لفترة قصيرة، تشير أحدث الاستطلاعات إلى أنه سائر إلى مقصلة انتخابية، على حد وصف الديلي تلغراف، حيث ستنتهي الجولة الأولى بتقدم هولاند عليه بفارق ضئيل، ولكنه سيُهزم في الجولة الثانية بعد أسبوعين بفارق يصل إلى 14 في المئة، كما تبين نتائج الاستطلاع الجديد.

وكان ساركوزي قاد حملة انتخابية شرسة متنقلاً من موضوع إلى آخر، وبدأ بإعادة تسويق نفسه من quot;رئيس الأثرياءquot; إلى quot;رئيس الشعبquot; الذي يقف ضد quot;النخبquot; الباريسية.

وسعى طيلة الحملة إلى تصوير نفسه بـquot;القبطانquot; الوحيد القادر على قيادة سفينة فرنسا في أمواج الأزمة الاقتصادية العاتية إلى بر الأمان. ودعا الفرنسيين إلى الاقتداء بمثال الألمان برفض مزيد من المرونة في سوق العمل.

وعندما فشل ساركوزي في هذه المعزوفة توجه إلى اليمين لكسب أصوات الجبهة الوطنية بالتسابق معهاعلىالتشدد إزاء قضايا حساسة مثل الهجرة ومستغلي نظام الرعاية الاجتماعية وإبعاد لحم الحلال عن المطاعم المدرسية.

وفي الأيام الأخيرة، أخذ يحذر من أن خطط الإنفاق التي أعدها هولاند تهدد بتركيع فرنسا ماليًا وتحويلها إلى إسبانيا أو يونان جديدة. ولكن رغم كل هذه الجهود، أظهر استطلاع أجرته مؤسسة آيفوب لصحيفة جورنال دو ديمانش أن 64 في المئة من الفرنسيين لا يؤيدون ساركوزي. وهذه النسبة أعلى بكثير من الـ 46 في المئة الذين أبدوا استياءهم من فاليري جيسكار ديستان، آخر رئيس فرنسي أخفق في الفوز بولاية ثانية عام 1981.

وبدا يوم الأحد أن أنصار ساركوزي سلَّموا بهذا الواقع. وقال الباريسي برنار لابلانك لصحيفة الديلي تلغراف إن ساركوزي ألقى خطابًا شجاعًا quot;ولكني لا أعتقد أن ذلك سيغير شيئًا لأن الفارق كبير جدًاquot;.

ووعد هولاند الذي يتسم بالتواضع وروح المزاح بتغيير فرنسا تغييرًا عميقًا من أجل الحفاظ على دولة الرفاهية والرعاية الاجتماعية. وتعهد خفض عجز الموازنة إلى الصفر بحلول عام 2017، وجاهر بنيته في زيادة الضريبة على الأغنياء، ولكنه لم يوضح كيف يعتزم خفض الإنفاق العام أو دفع عجلة النمو.

وتطرق ساركوزي أيضًا يوم الأحد إلى قضية النمو قائلاً إن على البنك المركزي الأوروبي أن يفعل المزيد لحفز النمو الاقتصادي، وهي دعوة توقع مراقبون أن تثير غضب ألمانيا.

يشارك في السباق الرئاسي عشرة مرشحين، وبدأت علامات معركة عنيفة على المرتبة الثالثة تلوح في الأفق بين مارين لوبان مرشحة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة ومنافسها مرشح جبهة اليسار جان لوك ميلينشون، الذي كان مفاجأة الحملة الانتخابية الفرنسية بصعوده الباهر، كما تبدى بحضور نحو 120 ألف شخص للاستماع إليه في مارسيليا يوم السبت.