إلى جانب الجهود الراهنة بهدف توحيد جماعات المعارضة المسلحة المتباينة تحت قيادة واحدة، يعمل الثوار في سوريا من أجل تشكيل تحالفات مستقرة على المستوى المحلي في ظل أحاديث عن التفكك المتزايد بسبب مجموعة من الجهات المانحة المختلفة التي تتنافس على النفوذ في سوريا.


لميس فرحات: في الآونة الأخيرة، يقول الثوار المقاتلون في حلب إن الناس بدأوا تخزين الذخيرة استعداداً لمرحلة ما بعد الثورة، الأمر الذي يؤكد المخاوف التي يمكن أن تتحقق بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

منذ تحول الثورة السلمية إلى القتال المسلح، عبّر الكثير من المراقبين عن تخوفهم من فوضى الميليشيات في سوريا، متوقعين أن يسود السلاح في الشوارع ويتحول إلى عائق آخر أمام سوريا الحرة والديمقراطية.

فوضى السلاح والاقتتال الداخلي
هذه التجربة تبدو واضحة المعالم في النموذج الليبي، الذي يخشى كثر أن يتم تكراره في سوريا. فبعدما ساعدت الميليشيات على الإطاحة بالعقيد الراحل معمّر القذافي، عجزت السلطات الليبية الجديدة عن حلّ الجماعات المسلحة، التي قامت إحداها بالهجوم على السفارة الأميركية في بنغازي، وقتلت السفير الأميركي كريس ستيفنز خلال الشهر الماضي.

يقول أحد قادة الثوار السوريين، الذي يرأس نحو ألفي مقاتل تحت اسم quot;أحرار سورياquot; إن معظم المقاتلين من مدينة حلب، وقد انضمت إليهم مجموعات أخرى من المناطق الريفية المحيطة بها.

يؤكد أنه لا يرغب في وجود الجيش السوري الحر في حلب، مشيراً إلى أن التنافس بين المجموعات المعارضة للسيطرة على المدن والمواقع الاستراتيجية يكلّف الكثير من الأرواح والموارد، بينما يفترض التركيز على قواعد النظام العسكري.

كانت حلب بمثابة الموقع الاستراتيجي والمركز الرئيس للوحدات المقاتلة. وتعكس مجموعات المقاتلين في هذه المدينة أطياف المعارضة المتعددة، بدءاً من السلفيين الأصوليين، إلى الإسلاميين المعتدلين والعلمانيين.

التنافس يهدد المعارضة
لكن التنافس بين المجموعات المختلفة على الموارد والأراضي آخذ في الازدياد، ما يثير مخاوف بأن تتشتت المعارضة وتتفكك أكثر فأكثر.

ويقول الثوار في جنوب تركيا إنه يتم العمل على مبادرة لمكافحة هذا التنافس عن طريق توجيه الأسلحة التي يتم التبرع بها من الخارج إلى المجالس العسكرية المحلية التي تتولى مهمة توزيعها على المجموعات المسؤولة والمنظمة.

ويخشى المراقبون أن تصبح هذه الانقسامات أكثر وضوحاً في المستقبل. ففي بلدة كفرنبل في محافظة ادلب شمال، تم رفع رسم كاريكاتوري في تظاهرة يوم الجمعة الماضي تصوّر الثورة السورية على أنها رجل مبتور الأطراف يحاول الوصول إلى الأيدي التي تقدم إليه الأموال.

الثوار يفقدون الدعم في صفوف المدنيين في حلب
أدى هذا التنافس المحموم بين المجموعات المعارضة في حلب إلى إثارة قلق السكان الذين بدأوا يفقدون الثقة بالثوار. وفي ظل التدهور المتزايد، بدأ العديد من المدنيين يفقدون الصبر، لأن المعارضة تزداد عنفاً، ويعوقها الاقتتال الداخلي وعدم وجود هيكلية مناسبة، إلى جانب أنها مخترقة من قبل المقاتلين الأجانب والجماعات الإرهابية.

الثوار في حلب هم في الغالب من الريف، وكانوا يعيشون بسلام في راحة نسبية ووضع اقتصادي لا بأس به، مع القليل من التدخل الحكومي الاستبدادي للرئيس بشار الأسد. لذلك، كانوا من أوائل المدن التي ثارت من أجل المطالبة بالإصلاحات والنظام الجديد.

لكن اليوم، ينظر الكثير من سكان حلب حولهم، فلا يرون سوى الإرهاب والجماعات المتطرفة، ويتخوفون من نشوب حرب أهلية بدأت بوادرها في الأشهر الأخيرة.