يرفض النقابيون في تونس الفصل 15 من مسوّدة الدستور الجديد الذي يعمل عليه حاليًا المجلس التأسيسي لأنه يتضمّن استدراكًا حول حق الاضراب، يضيّق، حسب وصفهم، على ممارسة ذلك الحقّ الذي يرونه اساسيًا وغير قابل للمساومة.


تونس: عبّر النقابيون في تونس عن رفضهم لبعض الفصول القانونية التي وردت بمسوّدة الدستور وتحديدًا ما يتعلق بحقّ الإضراب، واعتبروا ذلك تراجعًا في الحقوق النقابية التي يتمتع بها الشغالون.

ورفض النقابيون الشروط التي وضعت من طرف المجلس الوطني التأسيسي الخاصة بالحق في الإضراب بما هي تضييق على الحق النقابي من خلال قراءة و تأويل الشرط الذي أكد أحقية الشغالين في الإضراب quot;ما لم يعرّض حياة الناس وصحتهم وأمنهم للخطرquot;.

وطالب حقوقيون ونقابيون المجلس الوطني التأسيسي بالتنصيص في الدستور الجديد على الحق في الشغل اللائق والقار والضامن لشروط الصحة والسلامة المهنية، وللأجر المحترم، وللحق النقابي التعددي الذي يقوم على الحوار الاجتماعي والحق في الاعتصام، وبالتالي القطع كليا مع مظاهر التشغيل الهش.

وكان السيد حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل قد أكد أن الاتحاد سيرفض أي دستور يمس من الحقوق النقابية ويخالف المعايير الدولية .

الحقوق المشروعة للشغالين

أكد الأمين العام quot;للجامعة العامة التونسية للشغلquot; (نقابة تونسية) الحبيب قيزة في تصريح لـquot;إيلافquot; تمسك منظمته بالحقوق المشروعة للشغالين التي انطوت عليها الاتفاقيات الدولية كما أن قانون الإضراب التونسي قابل للطعن لا سيما موافقة المركزية النقابية.

وأضاف أنّ quot;الجامعة العامة التونسية للشغلquot; متمسكة بمراجعة قانون الشغل في المقام الأول وخاصة جانب الحقوق الاجتماعية والاقتصادية إلى جانب الحق النقابي بما فيه حق الإضراب.

واعتبر قيزة أنّ التعددية قيمة في الدستور تمامًا كالمواطنة، وquot;هذا ما نركز عليه فعلاً في تحركاتنا واتصالاتنا سواء بالنقابيين أو بالحكومةquot;، على حدّ قوله.

من ناحيته اعتبر الأمين العام المساعد للإتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالنظام الداخلي نور الدين الطبوبي في إفادة لـquot;إيلافquot; أن quot;لا تنازل عن الحق النقابي خاصة ونحن نطمح إلى تطوير التشريعات في الاتجاه الايجابي.

وأشار إلى أنّ quot;حق الإضراب مكفول ولكن عندما نجد في مسودة الدستور أنّ quot; الحق النقابي مضمون بما في ذلك الحق في الإضراب ما لم يعرّض حياة الناس وصحتهم أو أمنهم للخطر quot; ففي مضمونه تضييق على حق الإضراب.

أوضح الطبوبي أنّ السلطة التنفيذية يمكن أن تتدخل متى تشاء وتعتبر أن الإضراب قد quot;عرّض صحة الناس أو أمنهم للخطرquot;، وتتدخل لإيقافه أو منعه أو تتبع المضربين قضائياً وهو ما لا يمكن أن يحصل حتى تكون الأمور واضحة وبالتالي quot; نحن نرفض هذا الفصل بصيغته الحاليةquot;.

وبيّن الطبوبي أنّ الحق النقابي والحق في الإضراب تكفلهما المعايير الدولية من خلال الاتفاقية عدد 87 والمتعلقة بحماية الحق النقابي.


الحقّ النقابي في مشروع المسودّة

ينصّ الفصل 15 من مسوّدة الدستور على أن الحقّ النقابي مضمون بما في ذلك حقّ الإضراب ما لم يعرّض حياة الناس وصحّتهم أو أمنهم للخطر.

وأكد الأمين العام المساعد للإتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي أنّ مسوّدة الدستور اعتمدت quot;النص الحاجب لممارسة الحرية النقابيةquot; ما لم يعرّض حياة الناس و صحتهم أو أمنهم للخطرquot;، و هذا من شأنه أن يفرغ الحق النقابي من مضمونه الأساسي وهو حماية الشغالين وتمكينهم من حقوقهم كاملة من خلال التأويلات التي يمكن أن يسعها الشرط الأخير، فيمكن للسلطة التنفيذية أن تقدر quot;مدى تعريض المواطنين للخطرquot; في أي إضراب لقطاع معين، وهنا يكمن التضييق على الحق في الإضراب وهو ما لم يحصل قبلquot;.

وأكد الطبوبي أنّ المشرع لم يراعِ المعايير التي اعتمدتها المنظمات الشغلية الدولية، والتي أقرت الحق النقابي بما فيه من حق في الإضراب، مشيرًا إلى أنّ دستور 1959 لم ينصّ على الحق النقابي بما فيه حق الإضراب، ومسوّدة الدستور الجديد 2012 لئن تضمنت الحق النقابي بما فيه الحق في الإضراب فإنها أرادت من وراء صياغته أن يقنّن هذا الحق ويحدده بما يتناسب والسلطة التنفيذيةquot;.

وقالت رئيسة لجنة الحقوق والحريات في لقاء بالمجلس الوطني التأسيسي فريدة العبيدي: إنّ الحق في الإضراب مضمون مع مراعاة عدم تعطيل المرافق العمومية تعطيلاً كاملاًquot;، مؤكدة ضرورة التنصيص على الحق النقابي في الدستور قبل التنصيص على الحق في الإضراب.

وأوضحت أنّ اتفاقية منظمة العمل الدولية تكفل هذا الحق ولكنها في الوقت نفسهتمنع تنفيذ الإضراب عن عديد الأصناف، ومنهم المسؤولون في الشرطة والجيش والعاملون في مجال الخدمات العامة.

الصيغة مرفوضة

ترفض نقابة quot;الجامعة العامة للشغلquot; الصيغة التي ظهر عليها الفصل 15 من مسودة الدستور والذي يقول بأن quot;الإضراب مضمون ما لم يعرض حياة الناس وصحتهم أو أمنهم للخطرquot; لأنه يعتبر خطرًا على حقوق الشغالين بحسب الحبيب قيزة، ويمثل خطرًا فعليًا عندما يتم التعرض له في مجلة الشغل لأن فيه خطراً وتضييقًا على الحقوق.

وبين قيزة أن الفصل الثامن من الدستور السابق والذي يضمن الحق النقابي كاملاً أفضل من الفصل 15 المقترح، والأكيد أن التفاصيل ستطرح في قانون الشغل وليس في الدستور.

وأشار الأمين العام للجامعة العامة التونسية للشغل إلى أنّه سيرسل مذكرة إلى المجلس الوطني التأسيسي تتضمن مقترحات كاملة بخصوص الحقوق الاجتماعية والحق النقابي بما في ذلك حق الإضراب، مؤكدًا أنّ الدستور من مهام الأحزاب، وبالتالي quot;لن نتدخل في محتوى فصول الدستورquot;.

وأشار الأمين العام المساعد للإتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالنظام الداخلي نور الدين الطبوبي إلى أنّ الحق النقابي في ممارسته، لا يتعارض مع القوانين الدولية التي تنظم هذه المسائل النقابية وبالتالي لا يمكن العودة إلى الوراء بخصوص حقوق الشغالين، وبالتالي نريد دستورًا تصان فيه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأجراء إلى جانب حق الإضراب وحق العمل اللائق وما يتضمنه من أجر وحقوق أساسية للعمال في الإضراب وحقهم في التعبير عن رفضهم للممارسات التي تخلّ بحقوقهم.

وشدّد على أنّ الإتحاد العام التونسي للشغل أعدّ دستوراً قدمه للمجلس الوطني التأسيسي يتضمن الحقوق المدنية والحريات العامة والفردية ومدنية الدولة والنظام الجمهوري.

وأوضح الأمين العام المساعد للإتحاد العام التونسي للشغل (النقابة الأكبر في تونس) أنّ منظمته عبرت في أكثر من مناسبة وفي جلسة رسمية مع لجنتي التشريع والصياغة، وكذلك خلال لقاء رئيس المجلس التأسيسي بالأمين العام للمنظمة الشغلية، عن دفاع الاتحاد عن الحريات العامة والفردية والمسائل المتعلقة بمدنية الدولة.