يتواصل مسلسل إخفاقات بي بي سي، الذي بدأ بتغطية عمليات تحرش قام بها نجمها جيمي سافيل في سبعينات القرن الماضي، ولم ينته بعد، بتقرير اتهم أحد اللوردات باتهامات جنسية. والأزمة في تصاعد مع تنحي مديرين في بي بي سي، انتظارًا لما سيقوله التحقيق.
خلال الأيام الماضية، حاولت هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي جاهدة تطويق موجة الانتقادات المتصاعدة بشأن تغطيتها لفضيحة التحرشات والاعتداءات الجنسية، التي ظل يرتكبها جيمي سافيل، أحد نجوم بي بي سي، طيلة عقود. وقد تنحى اثنان من مدرائها موقتًا، عقب استقالة مديرها العام، في خطوة تجسد أقسى ضربة توجه حتى الآن لمكانة هذه المؤسسة العريقة ولسمعتها وثقتها بنفسها.
تنحيا حتى انتهاء التحقيق
قالت بي بي سي على موقعها الالكتروني إن هيلين بودن، مديرة قسم الأخبار فيها، ونائبها ستيفن ميتشل، تنحيا عن منصبيهما في احدث خطوة منذ أن بث برنامج نيوز نايت تحقيقًا وجه فيه اتهامًا خاطئًا إلى سياسي محافظ سابق بالاعتداء جنسيًا على اطفال من نزلاء دار للرعاية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.
وقالت إدارة بي بي سي إن لا علاقة لبودن وميتشل بالتحقيق الذي اتهم اللورد ماكالباين خطأ، لكنها تعتقد بغياب الوضوح في القيادة والسيطرة في قسم الأخبار، بسبب التحقيق في خطأ آخر ارتكبه برنامج نيوز نايت، وهو الغاء تقرير إخباري كان يجريه البرنامج قبل عام في اتهامات باعتداءات جنسية ارتكبها نجم اذاعة بي بي سي الشهير جيمي سافيل، الذي توفي في العام الماضي عن 84 عامًا.
وأوضحت ادارة بي بي سي أن مديرة قسم الأخبار ونائبها سيتنحيان حتى استكمال هذا التحقيق، الذي يجريه نك بولارد، الرئيس السابق لقناة سكاي نيوز المنافسة، معلنةً أن فران انزورث المسؤولة عن جمع المعلومات، وسيري توماس محرر برنامج quot;تودايquot; الذي يتناول شؤون الساعة، سيتوليان مسؤوليات بودن وميتشل في هذه الأثناء.
تعويض غير مبرر
لم تجد هذه الاجراءات نفعًا في تهدئة الضجة التي استمرت بالتصاعد على جبهات متعددة. فقد تركز اهتمام اعضاء مجلس العموم والسياسيين والاعلاميين على قرار مجلس أمناء بي بي سي دفع تعويض للمدير العام المستقيل جورج اينتويسل، يعادل راتبه السنوي البالغ نحو 750 ألف دولار. وبررت بي بي سي دفع هذا التعويض، الذي يبلغ ضعف ما ينص عليه العقد الموقع مع اينتويسل، بأنه سيواصل مساعدة أعمال التحقيق في الفضائح.
وطعن مكتب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في حجم التعويض، إذ وجد من الصعب تبريره، ملمحًا إلى أن كاميرون يعارض الدعوات المطالبة بتنحي كريس باتن، رئيس مجلس أمناء بي بي سي. وقال مكتب كاميرون quot;إن المهم الآن هو أن يقود كريس باتن بي بي سي إلى ضفة الأمان، فهذه هي الأولوية في الوقت الحاضرquot;.
سيتولى تيم ديفي، مدير عام بي بي سي، إدارة العمليات الاذاعية، وهو الذي يمتلك خبرة في التسويق ايضًا. وقال ديفي في مقابلة مع بي بي سي إنه يحتاج إلى فترة قصيرة يدرس فيها الوضع قبل أن يقرر الاجراءات الانضباطية التي ستُتخذ بحق المقصرين، مع حرصه على أن تكون هذه الاجراءات عادلة. واضاف: quot;فقدت بي بي سي مديرًا عامًا في هذه العملية، وهذا بحد ذاته دليل ساطع على أن المدير تحمل المسؤوليةquot;.
أرسى المعايير وخرقها
نشرت الصحف البريطانية تقارير عدة، نقلت عن عاملين حاليين وسابقين في بي بي سي قولهم إن فريق برنامج نيوز نايت عمل مع مجموعة مستقلة من مكتب الصحافة الاستقصائية في جامعة سيتي في لندن، خلال اعداد التحقيق الذي اتهم اللورد ماكالباين خطأ.
وكان هذا المكتب المموَّل من مصادر خاصة أُنشئ في العام 2009 للتحقيق في القضايا الاعلامية الخلافية، ولإرساء معيار ذهبي للتغطية الصحافية. وقد استعان المكتب بصحافيين متمرسين ومبتدئين، بالتعاون مع مؤسسات اعلامية معروفة مثل بي بي سي، خلال إعداد التحقيق الذي اتهم اللورد ماكالباين خطأ.
وأصدر مجلس امناء مكتب الصحافة الاستقصائية بيانًا اعرب فيه عن استنكاره لما وصفه بخرقٍ لمعايير التغطية الصحافية ارتكبه المكتب، مؤكدًا اتخاذ اجراءات تأديبية بحق المسؤولين عن هذا الخرق.
أخطاء الاعداد
نقلت صحف بريطانية عن اشخاص عدة، شاركوا في إعداد تحقيق برنامج نيوز نايت، قولهم إن من الأخطاء التي ارتُكبت خلال الاعداد عدم الاتصال باللورد ماكالباين لحفظ حقه في الرد على الاتهامات التي وردت في التحقيق، وعدم عرض صورته على ستيف ميسهام، وهو نزيل سابق من نزلاء دار رعاية الأطفال حيث يُزعم أن الاعتداءات وقعت، لكي يتعرف إليه. وقد اعتذر ميسهام للورد ماكالباين، محملًا الشرطة مسؤولية البلبلة التي حدثت بعرض صورة رجل قال إنه اعتدى عليه في الماضي.
وزادت الفضيحة الجديدة في تعقيد المشاكل التي تواجه بي بي سي، منذ انفجار الاتهامات ضد نجمها جيمي سافيل، الذي يُشتبه بتحرشه أو اعتدائه جنسيًا على نحو 300 فتاة وصبي. واتهم منتقدون بي بي سي بالتستر على هذه الاعتداءات، من خلال الغاء تحقيق اعده برنامج نيوز نايت في كانون الأول (ديسمبر) 2011. وكان المدير العام المستقيل اينتويسل قال إنه لم يطّلع مسبقًا على مضمون التحقيق أو أسباب الغائه.
كان اينتويسل وقتذاك مدير انتاج برامج بي بي سي التلفزيونية، طامحًا ليشغل منصب المدير العام مكان مارك تومسن، الذي تنحى هو أيضًا في أيلول (سبتمبر) الماضي، بعد قبوله عرضًا بتعيينه رئيسًا تنفيذيًا لشركة نيويورك تايمز. وأكد تومسن انه لم يكن يعلم مسبقًا بالتحقيق في ممارسات سافيل ولا بقرار الغائه، مبديًا استعداده للرد على أي اسئلة يطرحها المحققون.
التعليقات