تطورت التحقيقات بخصوص فضيحة مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ديفيد بترايوس، لتطال الجنرال جون آلين الذي خلف بترايوس في قيادة قوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان، حيث تم الكشف عن الآلاف من صفحات رسائل البريد الإلكتروني بين ألين وجيل كيلي.



القاهرة: طال التحقيق الذي يجريه مكتب التحقيقات الفيدرالي إف بي آي بخصوص الفضيحة الجنسية، التي أدت إلى تقدم مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية دافيد بترايوس باستقالته، الجنرال جون ألين، قائد قوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان، على حسب ما أعلنته وزارة الدفاع في وقت مبكر من صباح اليوم.

وهو التطور الذي وجه لطمة أخرى لفريق الأمن القومي الخاص بإدارة الرئيس باراك أوباما وأضر بخططه المنتقاة بعناية، لطاقمه الاستخباراتي والعسكري في ولايته الثانية.

كما جاء هذا التطور ليثير تساؤلات بشأن السلوك الشخصي لاثنين من أبرز الشخصيات المحترمة في الجيش، اللذين تغاضيا على ما يبدو عن المخاوف المتعلقة بالطبيعة شديدة الحساسية لوظائفهما، بعد دخولهما في علاقات نسائية خارج نطاق الزوجية.

وبحسب ما ذكره مسؤول كبير من وزارة الدفاع، فقد اكتشف الإف بي آي بين 20 إلى 30 ألف صفحة من رسائل البريد الإلكتروني quot;التي قد لا تكون لائقةquot; بين ألين وجيل كيلي، وهي سيدة من مدينة تامبا تبلغ من العمر 37 عاماً قادت صداقتها الوطيدة ببترايوس إلى سقوطه في الهاوية في نهاية المطاف. ومن المعلوم أن ألين قد خلف بترايوس في قيادة القوات العليا المشتركة في أفغانستان في تموز (يوليو) عام 2011.

وعاود مسؤول وزارة الدفاع الكبير، الذي رفض الكشف عن هويته لأنه غير مخول له التحدث عن القضية الجارية، ليقول إن الإف بي آي أخطر البنتاغون بالتحقيق الذي يجريه بخصوص العلاقات التي تربط ألين بكيلي وذلك مساء يوم الأحد الماضي.

وبدوره، أحال وزير الدفاع، ليون بانيتا، نتائج التحقيق على المفتش العام في الوزارة من أجل الاستفاضة في مراجعتها. ولفتت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى حالة الدهشة والصدمة التي انتابت المحيطين ببترايوس عقب الكشف عن فضيحته، خاصة وأنه كان مشهوراً بذكائه وشخصيته الوقورة المميزة كقائد بين أفراد جيله. وهو الأمر نفسه بالنسبة لألين، الذي كان نموذجا يحتذى به، وسبق أن أثبت وجوده في العراق، ثم حظي بثقة الرئيس أوباما بعد ذلك على الصعيدين العملي والشخصي.

وفي تصريح له، قال بانيتا إن ألين سيبقى قائداً لقوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في تلك المرحلة، والتحقيقات ما تزال جارية إلى أن تتضح الحقائق بصورة تامة.

بيد أن الصحيفة أشارت إلى أن عمر ألين في ذلك المنصب قد يكون قصيراً، حيث طلب بانيتا كذلك من مجلس الشيوخ أن يسرع في تأكيد اختيار خليفته المحتمل الجنرال جوزيف دانفورد، الذي سبق ورشحه أوباما الشهر الماضي لكي يحل محل ألين.

وبالاتساق مع ذلك، قامت لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ بالفعل بإدراج مسألة تأكيد اختيار دانفورد في جلسة استماع يوم الخميس المقبل. وأوضح بانيتا كذلك أنهم قرروا إرجاء الحديث عن مسألة ترشيح ألين لشغل منصب قائد القيادة العليا للناتو والقيادة الأوروبية للجيش الأميركي في أوروبا، حتى يتم الانتهاء من التحقيقات.

كما نوه بانيتا إلى أنه وموظفيه بادروا على الفور بإخطار البيت الأبيض وقادة لجان القوات المسلحة بمجلسي الشيوخ والنواب بالتحقيق الذي يجريه الإف بي آي بخصوص ألين.

هذا ولم يتضح ما إن كان ألين من الممكن أن يخضع لمحاكمة جنائية في الأخير أم لا. فيما عاود مسؤول البنتاغون البارز ليشير إلى أنهم مازالوا يراجعون الرسائل البريدية، رافضاً في سياق حديثه أن يتطرق أو يعلق على العلاقة المزمعة بين ألين وكيلي. وبموجب قانون القضاء العسكري الخاص بالجيش، فإن الزنى يصنف باعتباره جريمة.

وظهر اسم كيلي على السطح في فضيحة بترايوس قبل يومين بعد أن كشف مسؤولون أميركيون عن أنها اتصلت بالإف بي آي الصيف الماضي لكي تشكو من تعرضها لمضايقات مجهولة المصدر وتهديدات عبر الهاتف بخصوص علاقتها بدافيد بترايوس.

وحدد تحقيق ميداني أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالي أن الشخص الذي بعث بتلك الرسائل هي بولا برودويل، التي اعترفت ومعها بترايوس للإف بي آي في وقت لاحق بأنهما تورطا في علاقة غير مشروعة. فيما أشار زملاء لبترايوس إلى أنه لم يكن مرتبطا عاطفياً بكيلي، رغم اعترافهم بأنها كانت صديقة مقربة من بترايوس وزوجته.

إلى ذلك، كشفت واشنطن بوست في السياق نفسه عن أن عناصر تابعة للإف بي آي قامت مساء يوم أمس بتفتيش منزل برودويل، وخرجوا وبحوزتهم صناديق وحقائب بها مواد، كما التقطوا مجموعة صور فوتوغرافية بداخل منزلها الكائن في تشارلوت.

وأشار مسؤول كبير في إنفاذ القانون إلى أن العملاء حاولوا البحث عن أي وثائق ومستندات حساسة أو سرية ربما تكون بحوزة برودويل، التي لم تكن هناك في ذلك الوقت، والتي لم تدلِ بأية تعليقات منذ أن تم إعلان خبر استقالة بترايوس يوم الجمعة الماضي، وكل ما قامت به هو أنها استعانت يوم أمس بالمحامي البارز روبرت ميوس.

هذا وقد كشف بعض من مستشاري بترايوس المقربين عن أنه كان يخطط للبقاء في منصبه، حتى بعد أن اعترف بفضيحته للإف بي آي، على أمل أن يتم التكتم على الأمر.

وقال ستيفن بويلان، الذي عمل مسؤولاً عن العلاقات العامة لبيتريوس خلال فترة عمله بالعراق عامي 2007 و 2008، إنه شعر بأن عليه أن يستقيل بمجرد أن عرف أن الأمر سيذاع على الملأ، وأنه لم يشعر بأنه سيتمكن من قيادة الوكالة على هذا الوضع.

هذا وقد أظهرت معلومات جديدة أن بترايوس طلب من برودويل الصيف الماضي أن تتوقف عن رسائل مزعجة عبر البريد الإلكتروني بعد أن أخبرته كيلي بشأنها. وأوضح مسؤولو إنفاذ القانون أن الرسائل أشارت إلى أن برودويل كانت تغار من صداقة كيلي ببترايوس، الذي تزامن تحذيره لها تقريباً في وقت إنهاء علاقته بها نفسه.

وقال شقيق كيلي، يوم أمس في مقابلة أجريت معه، إن شقيقته لم تكن تتصور أن تتسبب شكواها للإف بي آي في إنهاء مسيرة بترايوس المهنية. وذلك في الوقت الذي لا تزال تثار فيه تساؤلات بشأن التسلسل الزمني للأحداث المتعلقة بتلك القضية المثيرة.

ورغم مغادرة بترايوس لوظيفته وإزالة سيرته الذاتية من على موقع السي آي إيه، استمر مسؤولو الكونغرس يوم أمس في طلب استدعائه لكي يدلي بشهادته أمام جلسة استماع مقررة هذا الأسبوع بخصوص الأحداث التي أحاطت بالهجوم الذي استهدف البعثة الدبلوماسية الأميركية يوم الـ 11 من أيلول (سبتمبر) الماضي في بنغازي في ليبيا، والذي أسفر عن مقتل السفير كريستوفر ستيفنز ومعه ثلاثة أميركيين آخرين.

وعبر كثيرون من مساعدي بترايوس عن دهشتهم وتخوفهم من مدى المعلومات التي ربما أتاحها لبرودويل خلال زياراتها. في حين أشار آخرون إلى أن العلاقة بينهما لم تبدأ إلا بعد أن ترك بترايوس الجيش منتصف العام الماضي ليلتحق بالسي آي إيه.